أفكار
في ألمانيا بدأ عرض مسرحية مقتبسة من رواية سلمان رشدي آيات شيطانية بما فيها من قذف وإهانة للإسلام وللرسول الكريم.. وفي هولندا أنتج النائب البرلماني العنصري جيرت فيلدرز فيلما بعنوان فتنة, ويصف فيه الإسلام بالفاشية ويطالب بحظر تداول القرآن, سيعرض في أنحاء أوروبا, بحجة حرية التعبير, وفي النرويج تكرر نشر الرسوم المسيئة للرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ وفي بريطانيا اشتد الهجوم علي أسقف كانتربري لمجرد أنه طالب بتشريع لتطبيق الشريعة الإسلامية علي المسلمين في بريطانيا في مسائل الأحوال الشخصية فقط, وقبله طالب الاتحاد الأوروبي بتعديل بعض الأحكام الواردة في القرآن الكريم!ولا يخلو يوم من مقال أو كتاب يهاجم الإسلام والمسلمين, وقد أعلن وزير الأوقاف أن هناك60 ألف كتاب في أنحاء الدول الغربية مليئة بالاتهامات والكراهية للإسلام وللمسلمين, بالإضافة إلي آلاف المواقع علي الإنترنت مليئة بما لا يخطر علي البال وما لايقبله الذوق السليم من إساءات للإسلام والمسلمين, وحتى في الجامعات ومراكز الأبحاث وشبكات التليفزيون تشتد الحملات بأساليب مختلفة تتراوح بين الكلام المرسل والدراسات التي تبدو وكأنها أبحاث أكاديمية.ومنذ سنوات أتيحت لي فرصة مصاحبة الإمام الأكبر شيخ الأزهر في رحلات إلي الولايات المتحدة, وألمانيا, و بريطانيا, للمشاركة في لقاءات وحوارات مع مجموعات من المسئولين والمثقفين وزعماء الكنائس والإعلاميين, وعدت منها لأنبه ـ وأكرر ـ أن الإسلام يتعرض لحملات عدائية شرسة حتى إن نائب الرئيس الأمريكي وقتها( آل جور) بادر شيخ الأزهر في بداية لقائهما بقوله إن هذه الزيارة مهمة وأرجو أن تتكرر لأن الإسلام يتعرض للتشويه في الولايات المتحدة. وبعد حوار شيخ الأزهر مع بعض قادة الكنائس قال السكرتير العام لمجلس الكنائس: إن هذه هي المرة الأولي التي نستقبل فيها مسلمين, وما سمعناه اليوم مختلف عما نسمعه عن الإسلام, ونأمل أن تصل رسالة التسامح الإسلامي إلي الجماعات الضالة التي ترتكب الجرائم باسم الإسلام وتذبح الأبرياء وهي تهتف: الله أكبر! وفي مجلس الأساقفة الكاثوليك في واشنطن كان الحوار مع علماء اللاهوت الكاثوليك واليهود وأعضاء مجلس المسلمين( السنة) الأمريكيين ومجلس الأئمة( الشيعة) كان السؤال الأساسي: لماذا تستهدف الجماعات الإسلامية المدنيين الأبرياء وتقتلهم عشوائيا وهل في الدين الإسلامي ما يدعوهم إلي ذلك؟إن تفاصيل ما دار في هذه الحوارات سجلته في كتاب بعنوان: الغرب والإسلام ذكرت فيه ما يوجه إلي الإسلام والمسلمين من اتهامات ظالمة انطلاقا مما يرتكبه البعض من جرائم تثير الرعب من الإسلام في نفوس المواطنين الآمنين في الغرب.وما يقال عن الإسلام كثير.. يقال إن العقل السليم مليء بالخرافات والأوهام والروايات الأسطورية ويحتاج إلي حركة تحرير وإصلاح مثل التي قام بها مارتن لوثر الذي تصدي للفساد في الكنيسة الكاثوليكية.. ويقال إن المسلمين يشعرون بالإحباط والفشل والتخلف, ويوجهون مشاعر الحسد للحضارة والتقدم والرخاء في الغرب بأعمال التخريب.. وإن المسلمين ضحايا الهزائم المتتالية والعزلة عن تيار الحضارة الحديثة وهذا ما يجعل بعضهم يرتد إلي الماضي ويدعو إلي رفض الحاضر والمستقبل, ويقال إن المسلمين لديهم حساسية من الحضارة الغربية المتفوقة وهذا ما يجعلهم يوجهون إليها الاتهامات ويرفضون الاندماج في النظام العالمي, ويقاومون محاولات التغيير والإصلاح ويقفون في وجه نمو الوعي العام لدي الشعوب الإسلامية ويعطلون مسيرة اللحاق بالتقدم العلمي والتكنولوجي في الغرب..ويقال إن المسلمين يرون أن الدعوة إلي العودة إلي الماضي في الملابس والسلوك وأسلوب الحياة والتفكير هي التعبير عن الأصالة بينما هي هروب من مواجهة الواقع المتخلف الذي يعيش فيه المسلمون وتعبير عن الكسل الذي يجعلهم يرفضون الإسراع بخطاهم للحاق بالعالم المتقدم.. ويقال إن العالم الإسلامي يعيش اليوم في مرحلة شبيهة, بما كان عليه العالم المسيحي في القرن الخامس عشر قبل عصر الإصلاح الديني, أي أن المسلمين متخلفون بخمسة قرون عن أوروبا.هذا بعض مايقال.. وهناك ما هو أكثر.. فماذا نحن فاعلون؟ ليس المهم أن نقنع أنفسنا بسماحة وعظمة الإسلام.. المهم أن نقنع الآخرين. [c1]*عن/ صحيفة « اخبار اليوم » الجزائرية [/c]