صباح الخير
ونحن في هذه الأيام المباركة والجليلة نعيش روحانية أعظم الشهور التي تسود فيها الرحمة والتآلف والغفران. وحين كنت عائدا من العمل إلى المنزل التقطت صوتاً يئن ويصرخ ويتألم فتبعت الصوت وفجأة رأيت مجموعة من الصبية الصغار يحملون عصيا بأيديهم وينهالون ضربا وركلا على قطة صغيرة لا حول لها ولا قوة.. يضربونها بكل قسوة وبرود أعصاب وللأسف لم يكن في ذلك الوقت احد ماراً في ذلك المكان وقت الظهيرة.صرخت فيهم بكل صوتي فالتفتوا إلي وفروا بعدها بلمح البصر، ولكن للأسف وصلت بعد فوات الأوان إذ أن القطة لفظت أنفاسها الأخيرة مضرجة بالدماء.برأيكم ماهو الشيء الذي دفع هؤلاء الأولاد لممارسة العنف غير المبرر تجاه هذا الحيوان الأليف دون أي حق؟!!.عتقد بان ذلك السلوك العنيف سببه العنف الأسري و البيئة المليئة بالعنف والقسوة داخل المنزل من قبل الوالد أو الأم أو الأخ الأكبر المسيطر فينعكس ذلك على الأطفال المعنفين ما يضطرهم لتفجير غضبهم المكنون ليترجم إلى عنف على الكائنات الصغيرة و الأشخاص الضعفاء الذين لا يستطيعوا الدفاع عن أنفسهم بصفتهم مسالمين لا أكثر ولا اقل.فمثل هؤلاء الأطفال إذا استمروا بنظري في ممارسة هذا السلوك العدواني الخطير وهم في هذه السن الصغيرة سوف تتراكم في المستقبل عندهم روح التعذيب والتلذذ والانتقام من أطفالهم في المستقبل الزوجة (الحلقة الأضعف) .والعنف في هذه الأيام المباركة أشد جرما ويحتاج من الأسرة التركيز والحرص على ألا يورثوا العنف والقسوة لأبنائهم.ففي هذه الأيام الرمضانية تقع على عاتق الأسرة مهمة إرشاد وتوعية أبنائهم بعدم ممارسة مثل هذه الأفعال والسلوكيات المشينة سواء في هذا الشهر المبارك أو غيره من شهور السنة. فالعنف بشكل عام ظاهرة خطيرة تضر بالطفل وبالمجتمع .فلماذا نعود أبناءنا منذ صغرهم على الضرب ؟..لماذا لا نترك مجالا للتفاهم والوصول إلى حلول سليمة بهدوء ؟... إن الطفل الذي يقع عليه العقاب العنيف لاتفه الأسباب منذ صغر سنه بالتأكيد سيتعلم أن الحياة لا تسير إلا بالعنف وهو ما سينعكس على سلوكياته ولو من باب محاكاة الكبار .وسبب آخر مهم لتعلم الأطفال العنف في ما شاهدته وهو تشجيع الأبناء على السلوك العنيف ... مهلا لا تستنكروا الأمر!،فبالتأكيد عندما نرى طفلا يدمر شيئا ما ونصفق له ونقول ( برافو ) فإننا هنا نكون غير أسوياء بالمرة .ولكن ما الذي يحدث داخل معظم البيوت عندما يضرب الطفل الرضيع أمه مثلا على وجهها وهي ترضعه أو تداعبه أقول لكم أنا .. في معظم البيوت يقابل هذا الأمر بالضحك .وما الذي يحدث عندما يضرب الطفل أحد أقاربه أو إخوته أن يسبهم في سني عمره الأولى ؟!..للأسف الشديد فإن كل من حوله يضحكون ويهللون في سعادة غامرة لأن الطفل أصبح يتفاعل معهم ، هم هنا سعداء بتفاعله وهو هنا يفهم أن ما يفعله هو الصواب وإلا فلماذا هم سعداء هكذا وشيئا فشيئا يصبح هذا سلوكا لديه ولو اعترض على سلوكه أحد أو حاول أحدهم معاقبته على خطأ ارتكبه فإن أول رد فعل له أن يسبه أو يضربه كرد فعل تلقائي وبعد كل هذا يأتي الآباء فيشكون أن ابنهم عنيف وأنه لا يستجيب للعقاب وأنهم لم تعد لديهم أي حلول لمشكلاتهم ... بالطبع لا حلول لمشكلته فقد تطبع بالطبع السيئ وكفى.في الاخيرأعتقد أن أساليب تربيتنا لأبنائنا تحتاج منا الوقوف والنظر والتأمل والحكم على التصرف قبل أن نأتيه وذلك في النهاية رفقا بأنفسنا ودمتم سالمين.