إقرأ غداً الأحد
[c1]للمفكر الاسلامي السعودي الشيخ / حسن بن فرحان المالكي[/c] الفوضى التكفيرية الراهنة هي نتيجة طبيعية وحتمية من نتائج منهج الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله الذي توسع في التكفير، حتى وجدت كل طائفة في كلامه ما يؤيد وجهة نظرها. بل أن منفذي حركة الحرم والتفجيرات في مختلف المدن السعودية ما هم إلا نتيجة لمنهج الشيخ في تكفير المسلمين في كتبه رحمه الله، ؟! المجتمع السعودي نفسه لم يسلم من فوضى التكفير على خلفية المنهج الوهابي ، حيث تبادل المسلمون السعوديون التكفير فيما بينهم على نحو ما حصل بين علماء الدعوة أنفسهم ، عندما اختلف أولاد الأمير فيصل بن تركي (عبد الله وسعود) رحمهم الله، فكان مع كل أمير علماء يكفرون الطائفة الأخرى !!؟ لئن كنا قد بالغنا في نقد سيد قطب رحمه الله لأننا وجدنا في (متشابه) كلامه ما يوحي بالتكفير، فقد وجدنا التكفير في (صريح) كلام الشيخ محمد بن عبدالوهاب لا متشابهه !! فجعلنا سيد قطب كبش فداء لأنه ليس له أنصار عندنا وللشيخ أنصار!! .. وهذا يدعونا لنقد عبارات الشيخ مع الاعتراف بفضله علينا، لكن الضرر في كتبه وإن رآه البعض يسيراً فإنه في الوقت نفسه خطير. الوهابية أدخلت الاختلال في العمل وحسبته من علامات الكفر! وعلى هذا يمكن بسهولة التكفير بالمعاصي؟! وبذلك اتهم الوهابيون خصومهم بأنهم من الخوارج الذين يكفرون بالمعاصي. موضوع الاختلال يختلف باختلاف المعصية لكن اختلال القلب لا يؤثر في الأحكام الدنيوية فالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حكم بإسلام المنافقين في الظاهر، لكن عند الله لا بد من اللسان والقلب، أما الشيخ محمد بن عبدالوهاب فلا يكتفي بإظهار المسلم للإسلام ونطقه بالشهادتين ولا يكتفي بصلاة ولا صوم ولا زكاة ولا حج ..الخ، وقد صرح الشيخ في كتبه بأنه يقاتل أناساً يصلون ويصومون ويحجون ويتصدقون ويشهدون الشهادتين!!؟ معظم الخلاف بين الشيخ محمد بن عبدالوهاب و مخالفيه يكمن في تركيزه على النظرية وتركيزهم على النتائج ، وخصوم الشيخ ليسوا من العوام بل هم خاصة أهل ذلك الزمان باعتراف الشيخ في الدرر السنية (2/62).. فخصوم الشيخ مثلاً يتهمونه بأنه ينكر الشفاعة ويرد عليهم بأنه لا ينكر الشفاعة لكنه في الوقت نفسه يحصر الشفاعة لأتباعه الذين يسميهم (الموحدين)! ويصرح بأن الشفاعة ليست إلا للمسلمين ـــ يعني من كان على رأيه ـــ.فهم أخطأوا في اتهامه بإنكار الشفاعة وهو أخطأ بحصرها في اتباعه فهم ، ينظرون للنتيجة وهو يبقيهم في المقدمات. الوهابية تلزم بأشياء لا تلزم، وعلى منهجها يمكن تكفير من بحث عن رزقه عند فلان، أو حلف بالنبي (ص)، أو حلف بالكعبة، أو غلا في أحد من الصالحين أو غيرهم وهذا خطأ بلا شك. بل يمكن على هذا المنهج أن نكفر المغالين في الشيخ محمد بن عبدالوهاب الذين لا يخطئونه ولا يقبلون نقده، الذين يحتجون بأنه أعلم بالشرع وقد يردون حديثاً صحيحاً أو آية كريمة.. وعلى هذا نأتي وتقول : هؤلاء رفعوا مقام الشيخ محمد إلى مقام النبوة أو الربوبية وعلى هذا فهم كفار مشركون... الخ !!؟ علماء وطلاب العلم في المجتمع السعودي تربوا على فتاوى الشيخ محمد بن عبد الوهاب وعلماء الدعوة من أتباعه الذين كانوا يميلون لتكفير المسلمين، ولابد أن يتأثر بعضهم بهذا الجانب، وقد رأينا فتاوى لبعضهم في الحكم بردة بعض الناس!! .. ومن قرأ كتاب (الدرر السنية) عرف هذا تماماً، بل في هذا الكتاب مجلدان كبيران بعنوان (الجهاد)، كلهما في جهاد المسلمين، وليس فيه حرف واحد في جهاد الكفار الأصليين من اليهود والنصارى، مع أن بلاد المسلمين المجاورة في الخليج والعراق والشام كان فيها كفار أصليون محتلون.