أصدقائي أطفال قوس قزح.. تعد كتب الأطفال بأنواعها الفنية مطلوبة وعلى نطاق واسع، وفي جميع أرجاء المعمورة حتى الفقيرة منها. إنها لصعوبة كبرى أن تجازف بالكتابة للأطفال، حيث يحسبها البعض سهلة وبالغة السهولة، وليست كذلك، لابد أن تكون لك وأنت تكتب لتلك الشريحة الغضة ـ خيالات طفل، وبراءته، وسرعة بديهيته وعفويته وصدقه ومشاكسته، لتجر انتباهه، لترضيه، ورضاه غير هين، وتسليه، وهو الملول، وتمتعه، وهو السريع الضجر، وتفيده، هو الميال للهو.ولو أنك ملكت كل تلك الأدوات والمهارات ما كفتك. فأنت مطالَب بإرضاء أذواق وتطلبات ونزعات الآباء والأمهات والجدات والأجداد، والخالات والأعمام والعمات والأخوال، والمدرسين والمدرسات، وكل مَن تتوقع منه أن يشتري كتاباً لطفل.بالنظر لقلة حصيلة الطفل من معارف ومعلومات وخلو ذهنه من الشائن والشائب، فلابد من التأني والحذر في استعمال أي كلمة نابية أو جارحة أو صعبة أو شديدة الغرابة، والحرص على إيراد كلمات بسيطة ومفهومة ويسيرة النطق إلى جانب تحاشي الإشارة إلى العنصرية أو التعصب أو القولبة أو الجنس أو الدعوة للتواكل أو الكسل، والإعراض عن إيراد الكلمات المرعبة أو المحبة. فالطفل سريع التأثر بما يسمع وما يقرأ. وهو ينزاح للتقليد، تسوقه براءته وقلة تجربته. كذلك. ينبغي مراعاة رغبة الناشر الذي غالباً ما ينساق للرغبات العارمة التي تجتاح السوق بين الحين والحين.إذا اعتزمت الكتابة للأطفال، فاكتب لطلاب المعمورة أجمع، وليس لطلاب مدرسة منعزلة في مدينة مهجورة.الطفل بطبيعته، ملول، مشاكس، مسكون بالحركة، شغوف بحب الاستطلاع، دائم السؤال، دائب البحث عن المعرفة. ومواصفات الكاتب للأطفال، هي مواصفات الكاتب الناجح في أي مجال وزيادة، مع علم ومعرفة بدخائل وخبايا نفوس الأطفال، وصبر غير عاد على مجاراتهم والنزول إلى مستواهم: أي أن يعود طفلاً!!وقد ينجح كاتب ما في الكتابة للكبار لكنه يسقط سقوطاً ذريعاً عند تأليف كتاب للأطفال، لأن مخاطبة الطفل ومطالبته بالتزام الصمت وإقناعه بالكف عن اللعب والحركة، والجلوس بسكون لمتابعة كلمات وصور، مهمة شاقة لا يقوى على الاضطلاع بها إلا القلة.في كتب الأطفال، لابد من الانتباه جيداً عند التوجه لمخاطبة هؤلاء الصغار بالنسبة لأعمارهم. فإدراك ابن الرابعة ليس كإدراك ابن السابعة، وهذا يختلف عن التوجه نحو ابن العاشرة أو الثالثة عشرة، وعلى ذلك تختلف الكتب التي تخاطبهم: أسلوباً ومفردة ومعنى ولفظاً وتوجيهاً.هنالك موضوعات قليلة لا تستهوي الأطفال إلى جانب مئات بل آلاف الموضوعات التي تخلب ألبابهم وتنشط مخيلتهم وتفتح عيونهم على ما حولهم من غرائب وأعاجيب.ولأن الأطفال عموماً يستهويهم فك العلب المغلقة، وكشف أسرارها، فإن الكتابة عن كيفية عمل الأشياء، كماكنة قص الحشيش أو الراديو أو الساعة أو تفاصيل جسم الإنسان، يوقد شحنة أسئلتهم، ويفتق مواهبهم، بل ويكشف عن مدى ذكاء البعض منهم.لابد من خلط المتعة بالمعلومة، الخيال بالحقيقة، وإلا انصرف ا لطفل إلى لعبة متحركة يدير (زمبركها) أو كرة ملونة يركلها ويركض خلفها. معظم كتب الأطفال الصادرة هذه الأيام عبارة عن سلسلة من المعارف والمهارات إلى جانب عنصري: التشويق المتعة والفائدة)سوق كتب الأطفال لا يمتلئ ولا يفيض. كلما امتلأ يقول هل من مزيد؟ ومع ذلك، فعند الإقدام على تأليف كتاب للأطفال. لابد من دراسة مستفيضة لحالة السوق، لتلافي أي احتمال بالكتابة عن موضوع مطروق لمرات عدة، أو حكاية مسرودة في كتب عدة. ناهيك أن معظم كتب الأطفال تعزز نجاحها الرسوم البهيجة والصور التوضيحية. وقد يسهل المهمة على الكاتب، أن يجيد إلى جانب براعته الكتابية ـ فن الرسم أو التصوير أو كليهما.
|
اطفال
الكتابة للأطفال .. خبرة وتأني
أخبار متعلقة