في ظل سطو المقلد والمستورد من المنتجات
صنعاء / سبأ: يسابق 50 حرفياً يمنياً من الجنسين الزمن أملا في أن يقدم كل منهم أفضل منتج حرفي تقليدي لديه، ضمن مسابقة أعلنتها وزارة السياحة في بادرة هي الأولى من نوعها، فيما يبدو وكأن البادرة لا تسعى لمجرد إعادة الاعتبار للمنتجات الحرفية التقليدية المهدد بالانقراض، في ظل سطوة وهيمنة الجديد والمستورد والمقلد من المنتجات، بل لتأكيد أهمية المنتجات الحرفية في عملية التسويق للمنتج السياحي اليمني.في خيمة تراثية قديمة تعرف بخيمة (الجلد) الواقعة وسط حديقة السبعين بالعاصمة صنعاء، وفي إطار المسابقات التشجيعية المعلنة ضمن فعاليات مهرجان صيف صنعاء السياحي الرابع يعمل الحرفيون بعزم وهمة متواصلة منذ انطلاق فعاليات المهرجان، بهدف تقديم أفضل منتج حرفي جدير بالاهتمام، وقادر على حصد الجائزة في مدة لا تتجاوز الشهر ،وتنتهي بانتهاء موعد التنافس في 17 أغسطس الجاري نهاية المهرجان. تبرز من بين أهم شروط العمل المقدم للمنافسة أن يتم انجاز العمل داخل الخيمة آنفة الذكر، وضمن فعاليات المهرجان، بالإضافة إلى أن يكون العمل يمنياً تقليدياً خالصاً، من حيث الطابع والخامات الأساسية للمنتج، وجودة المنتج. فيما تبلغ قيمة الجائزة الإجمالية مليون ريال موزعة على ثلاثة مستويات تتفاوت ما بين 500 ألف ريال وميدالية ذهبية للمستوى الأول، و200 الف وميدالية برونزية للمستوى الثالث. الحرفيون المشاركون في المسابقة سجلوا لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إنطباعاتهم في سياق هذا التقرير وطبيعة المنتجات التي يعملون على انجازها املا في تقديمها، حيث أكد مسؤول مركز التراث العربي والحفاظ على الموروث الشعبي بمحافظة مأرب عيسى صالح توبة حرصه على المشاركة في المسابقة لما تمثله من تحفيز وتشجيع للمراكز والجميعات على المنافسة والإبداع، فضلاً عن الترويج والتعريف بمعروضاتهم ومنتجاتهم . وأشار إلى أن مشاركة فريقه تتمثل في إنتاج نموذج لخيمة تراثية قديمة من الشعر الطبيعي مقاس(2 في3) ،وسجاد ولحاف، كلها من خيوط وحبال وصوف وزعل، قطن مواد خام طبيعية من شعر الأغنام والماعز وأصواف الإبل المختلفة، عمل الفريق علي حياكتها وغزلها، في صناعة هذه الخيمة، غيرها من الصناعة الحرفية التلقيدية واليدوية كاللحاف البدوي، وشيلان تراثية،وحقائب وسجاد . وتحدث عيسى صالح عن الصعوبات التي يواجهها الكثير من الحرفيين في مثل هذه المنتجات الحرفية وخاصة التي تعتمد على الجودة الطبيعية، ناهيك عن أنها لاتلاقي رواجاً ولاتسويقاً ولا قبولاً في المهرجان نظراً لإرتفاع كلفة موادها الخام مقارنة بأسعار المنتجات الصينية المقلدة والتي تعتمد صناعتها المكنة الآلية. من جانبها أشارت نائب رئيسة جمعية الوجدان لتأهيل وتنمية المرأة إحسان الجبوبي إلى أن طبيعة مشاركتها تمثل أطباق من القش والأعشاب اليابسة، ونموذجاً آخر من حياكة المعاوز .. لافته إلى قسوة شروط المسابقة وكيف شددت على ضرورة أن يكون العمل المنتج من التراث ويضفي نوعاً من التجديد مع ضمان المهارة والإتقان وجودة الصنع. و»كله كوم» وفق احسان واشتراط أنتاج المنتج وسط خيمة خاصة بالمشاركات من مختلف الجهات بإشراف لجنة تحكيم ومشرفة وأن لا يتم العمل في خارج الخيمة «كوم آخر»، حيث ترى احسان انه لا بد من ترك الوقت والمكان المناسب لعمل المنتج، مشيرة إلى ضيق الفترة. وتلفت الزائر للخيمة الخاصة بالمشاركين في هذه المسابقة تلك الفتاة التي تجلس على الآلة الخاصة بحياكة المعاوز منذ بداية إعلان المسابقة وحتى اليوم. فرغم قساوة الظروف وطبيعة المكان الإ إنها متفائلة حد قولها وتعزم على إنتاج وحياكة نماذج من المعاوز المزينة بالنقوش والخطوط المختلفة والمزركشة رغم أن المعوز الواحد يستغرق انتاجه منها ما بين(6-4) أيام وذلك لعل وعسى يحالفها الحظ وتحصد الجائزة لتساعدها على مجابهة ظروف الحياة الصعبة. وفيما يشدد القائمون على المسابقة على أهمية أن تكون المواد الخام يمنية خالصة، بعيدا عن المقلدة والمستوردة، تؤكد الجبوبي أن خصوصية الحرف والأشغال اليدوية التي تنفذها وتشارك بها الجمعية جميعها من مواد الطبيعة ومن الحس والإبداع الفني لكل فتاة . أما عن سبب أختيارها لمثل هذه النماذج دون غيرها فتعود إلى عدم وجود إي مشاركة لنماذج مماثلة .. ورغم أن الجميع بالمسابقة يعتمدون على قدراتهم ومواهبهم الإبداعية في الابتكار والتجديد وتقديم الأفضل من النماذج إلا أن البعض يراهنون على المهارة والتدريب. يقول أحد المشاركين: جمعيتنا حرصت على استقدام احد المدربين لتدريب الفتيات على كيفية اتقان عمل المعاوز وإكسابهن هذه الحرف والأشغال اليدوية المقتصرة عادة على الرجال وذلك لحاجة المجتمع لهذه المشغولات وسرعة ترويجها وبيعها في السوق المحلية ومساعدة الأسرة على مستوى الدخل . فيما اعتبرت الأمين العام لجمعية المعارف الاجتماعية الخيرية النسوية بالحصبة نبيهة الحرازي أن مميزات المشاركة في المسابقة تتمثل في التقاء هذه الكوكبة من النساء الحرفيات اللواتي أتين من مختلف الجمعيات النسوية والتعارف وتبادل الخبرات ووجهات النظر ازاء تطوير المنتجات التراثية والسياحية فضلاً عن فرصة الترفيه والمتعة والتسوق. أما عن مشاركتها في المسابقة فهي تتمثل في «حزام العسيب اليمني مطرز على شنطة تقليدية تشكل امتزاجاً للحفاظ على التراث مع الجديد، إضافة إلى نماذج أخرى من أدوات مكتبية طقم مكتبي متكامل من الخشب والإسفنج عمل يدوي من التراث، ومصونة او طرحة والقرقوش الصنعاني». تشارك الحرازي في المهرجان للسنة الثالثة مؤكدة أن التشديد على ضرورة استخدام المواد الخام من المواد الطبيعية مسألة مهمة ضمن الشروط وهي تحرص عليها تماما كما تتمنى الفوز. فيما أشارت رئيسة جمعية النخيل الاجتماعية الخيرية لتدريب وتأهيل المرأة بسعوان سعاد الجبل أن مشاركتها تمثلت في عمل فني من التراث اليمني الأصيل بفكرة جديدة، وهو 2 شنط يد نسائيتان من الاشغال اليدوية مع تحديث القديم مستخدمة القطيفة والمطرزات والنقوش المعبرة عن الولاء للوطن والوحدة . واعتبرت أن هذه المشاركة الأولى التي تقيمها وزارة السياحة وتدعو فيها المشاركات والمشاركين سواءً جميعات او أفراد من عموم المحافظات فيما كانت بالسابق للجميعات بصنعاء فقط .. واعتبرت أن جودة المنتج هو الذي سيفرض نفسه في المسابقة . وتشارك مرام السامعي 10 سنوات من جمعية الصداقة في بني الحارث بصنعاء بنموذج حرفي يدوي يتمثل في«ربطة رأس من القماش والمطرزات للوالدات .. تقول مرام « جئت هنا للمشاركة والتعلم واكتساب الخبرة والمعرفة من الحرف اليدوية المشاركة في المهرجان». أما مشاركة جانية الدهمشي من محافظة مأرب تتمثل في «مجموعة من المشغولات اليدوية من أزياء نسائية،وسجادات ولحاف وطاولات وشنط سياحية تراثية تعبر عن خصوصية التراث التقليدي بمحافظة مأرب، منوهة بما بذلته من جهد كبير لانجاز هذه النماذج التي يتراوح سعرها مابين 3 إلى 4 آلاف ريال . وتنوعت مشاركة جميعة العلا لتدريب وتأهيل المرأة بامانة العاصمة حسب رئيسة الجمعية محفوظة الصباحي مابين « أحزمة العسوب والجنابي والحقائب النسائية المتنوعة والزنابيل المزخرفة» التي تبرز براعة واتقان المرأة اليمنية في تحديث وتجديد القديم وإنتاج هذه الحرف والاشغال اليدوية مع مراعاة الحفاظ على المنتج السياحي التراثي . واعتمدت هذه الأعمال على جودة وإتقان العمل في خياطة وعمل أحزمة الجنابي التي يتراوح سعرها مابين (50 - 70 ) ألف ريال للحزام الواحد ذات المواصفات والجودة العالية فيما يتراوح سعر الحزام ذات الدرجة الثانية مابين (20-10 ) ألف ريال . فيما يستغرق إنتاج الحزام الواحد مابين ( الأسبوع والشهر ) وخاصة النوعية الجيدة والعريضة وتتنوع الأحزمة مابين« الكبسي ، العنكبوت، القمرين، المتوكلي». ورغم أن جميع المشاركات تستحق التكريم والدعم نتيجة الجهد الذي بذلنه خلال المشاركة وما واجهنه من متاعب ومصاعب إلا أن المكسب بالنسبة لهن لم يعد الفوز بقدر الفائدة التي حققنها من الاحتكاك مع الخبرات الأخرى باعتبارها من أبرز الصفات الايجابية التي دفعتهن للمشاركة بهذه المسابقة في مهرجان صيف صنعاء. وبغض النظر عن نوعية المنتجات المقدمة خلال المسابقة وحجم الجائزة المقدمة، فأن فكرة دعم المنتجات الحرفية وتشجيعها في ظل سطوة الجديد والمقلد وغزوه للأسواق اليمنية وتهديده للمنتجات المحلية، تمثل في نظر المهتمين بادرة إيجابية بحد ذاتها، معلقين الآمال على الجهات المعنية باتجاه توسيع وتطوير هذه المسابقة باتجاه الإرتقاء بمستوى الصناعات التقليدية،والحرفية لتصبح مسابقة سنوية تشترك في تنظيمها ودعمها، العديد من الجهات وليس وزارة السياحة فحسب.