دراســة
في هذه الزواية سنعرض لكم دراسة عن مشاريع سيدات الاعمال للدكتورة نجاة جمعان ، أستاذ علم الإدارة - جامعة صنعاء :إن هناك أهمية كبيرة للوقوف على ما تعنيه مشاريع سيدات الاعمال ، لا سيما أنه ليس من السهل تحديد مفهوم هذه المشاريع نظراً لتأثرها باعتبارات اقتصادية وفنية واجتماعية محلية وعالمية متعددة وبالرغم من أنه لا يوجد تعريف واضح لمشاريع سيدات الاعمال ، إلاّ أن المفهوم أعلاه يشمل شقين : الشق الاول كون المشروع مملوكاً لامرأة والشق الثاني أن معظم مشاريع سيدات الاعمال هي صناعات صغيرة في معظمها بالتالي فإن التعريف يشمل شقين تعريف مشروع سيدات الاعمال ومفهوم المشاريع الصغيرة .نظراً لأن مفهوم مشروع سيدة الاعمال هو ذلك المشروع الذي تمتلكه امرأة كاملاً أو يكون لها الحصة الاكبر وهي التي تترأس إدارته ويكون لديها المهارات الكافية لكي تستطيع أن تديره بكفاءة وفعالية وتحقق النمو والاستمرارية ومعظم هذه المشاريع تكون صغيرة .كما أن مشروع سيدات الاعمال هو ذلك المشروع الذي على الاقل تمتلك 51% من رأسماله امرأة أو أكثر والذي أيضاً يتم إدارتها وتشغيل عملياتها بواسطة امرأة أو أكثر .وربما ارتبط مفهوم سيدات الاعمال بأنه ذلك المشروع الصغير الذي تمتلكه وتديره امرأة .. ومهما تعددت التعريفات والمفاهيم حول من هو مشروع سيدات الاعمال إلاّ أن المفاهيم كلها تدور حول ذلك المشروع الذي سواء امتلكت امرأة أو أكثر كله أو نصفه فإن أهم الخصائص المرتبطة بمفهوم مشروع سيدات الاعمال هو ذلك المشروع الذي تديره امرأة وتعمل على نموه واستمراريته وبهذه الخصائص يتطلب من سيدة الأعمال أن تمتلك المهارات والمستوى التعليمي والتدريب المطلوب الذي يمكنها من إدارة مشروعها بكفاءة وفعالية وبما يضمن النمو والاستمرارية خاصة في ظل المنافسة الشديدة في بيئة الاعمال .وفي إطار تعريف المشروع أو الصناعات الصغيرة فإن هناك أهمية للوقوف علي ماتعنيه الصناعات الصغيرة ، ولا سيما وإنه ليس من السهل تحديد مفهوم هذه الصناعات نظراً لتأثره باعتبارات اقتصادية وفنية واجتماعية محلية وعالمية متعددة كما سبق الاشارة أعلاه.فنجد من يأخذ بإحدى هذه الاعتبارات دون غيرها أو الجمع بين عدد منها ففي تقرير نوع الصناعات القائمة من حيث الحجم فالمشروعات الصناعية التي لايتجاوز عدد العاملين فيها عشرة عمال تصنف ضمن الصناعات الصغيرة كما هو الحال في سوريا وافريقيا الجنوبية .. على عكس اليمن فإن المشروع الصغير هو ذلك المشروع الذي عدد العمال فيه أقل من خمسة وبصفة عامة يتراوح عدد العاملين في هذه الصناعات في عدد كبير من الدول النامية بين (10-50) عاملاً في حين أن الوحدة الانتاجية تعد صغيرة إذا بلغ عدد العاملين فيها أقل من (250) عاملاً في دولة متقدمة وكبيرة مثل الولايات المتحدة ، ويأتي هنا التفاوت نتيجة لأسباب تمليها الاوضاع السكانية ومستوى التطور الصناعي في هذه البلدان فقد تم إعتبار المؤسسات التي تستثمر فيها أموالاً لا تقل عن (100،000) دولار ( بدون وضع حد أقصى لعدد العمال الذين توظفهم المؤسسة) مؤسسات صناعية صغيرة الحجم في دولة مثل الهند .وترى مجتمعات أخرى ضرورة الدمج بين معياري عدد العاملين ورأس المال لتحديد الصناعات الصغيرة فتعد الصناعة صغيرة الحجم عندما لايزيد عدد العاملين فيها عن (50) عاملاً ولا يتجاوز رأس المال المستثمر فيها عن ما مقداره (10،000) جنيه مصري في جمهورية مصر العربية ولا يتعدى عدد العاملين (300) عامل ورأس مال قدره (280) ألف دولار في اليابان وفي العراق فيتوجب أن يكون عدد العاملين في الصناعات الصغيرة أقل من (10) عمال على أن تعمل برأس مال لا يتجاوز (100،000) دينار .ومن ناحية أخرى فمن الصعوبة بمكان أن يتفق على استخدام مؤشرات قيمة الانتاج لتحديد الصناعات الصغيرة لا سيما وأن عملية الفصل بين إنتاج المصانع والمنتجات الحرفية لم تزل صعبة في عدد من الدول النامية لحد الآن ، كما أن جزءاً من الانتاج الحرفي ومنتجات الصناعات اليدوية لا يذهب الى السوق كلياً وإنما يستهلك موقعياً وبخاصة في المناطق النائية .ومما يمكن اعتباره مساعداً في تشخيص الصناعات الصغيرة بصفة عامة هو اعتماد هذه الصناعات على المواد الخام الزراعية المحلية بدرجة أساسية فضلاً عن مساهمتها الكبيرة في فروع الصناعة الاستهلاكية الموجهة في الغالب لتغطية الطلب المحلي .ويمكننا أيضاً أن نعالج هذا الموضوع وبالنسبة للطبيعة التنظيمية لهذه المشروعات ففي الغالب تدار هذه المؤسسات من قبل مالك واحد وهي امرأة وقد يحصل دمج الملكية والادارة أي أن المالك يمارس دور المنظم .ومما تقدم يمكننا وضع مفهوم أو تعريف للصناعة الصغيرة يأخذ بنظر الاعتبار ضرورة التفريق بين هذا النوع من الصناعات من جهة والحرف والصناعات المنزلية من جهة أخرى فتعرف على أنها " مجموعة الوحدات الانتاجية التي تقوم بالانتاج على نطاق صغير ، وتستخدم رؤوس أموال محددة وتوظيف عدد محدود من العاملين ، وتتبع أسلوب إنتاج حديثاً يتسم غالباً بالآلية وتأخذ عبداً تقسم العمل وتدار من قبل مالك أو مدير واحد يتحمل المسؤولية ذات الابعاد الطويلة والقصيرة الأجل .كما يخضع تعريف المشروعات الصغيرة لمعيارين هما : قيمة رأس المال وعدد العاملين . وتدل الابحاث في وضع المشاريع الصغيرة على أنه من الصعوبة بمكان إيجاد إجماع في الرأي بين الباحثين على تعريف محدد للمشروع الصغير والمعايير التي يمكن الاستناد إليها في تعريفه فهناك عدد من المعايير وعادة ما يتبنى الباحث المعايير التي تخدم غرضه البحثي . فمن المعايير نجد معيار رأس المال أو قيمة الاعمال أو عدد العمال أو حجم الانتاجازو القيمة المضافة او قيمة الاصول الثابتة ، وهناك من يستخدم معايير مركبة مثل نسبة رأي المال الى العمل او نسبة المبيعات إلى العمل أو نسبة المبيعات الى رأس المال .إن المعايير السابقة منفردة أو مجتمعة تركيبية أو مرجحة لا تخلو من سلبيات واعتراضات إلاّ أنه لا بد من تبني بعض منها ، فهناك في تبني القيمة المضافة كمعيار نقدي وعدد العمال كمعيار عيني حقيقي غير نقدي لسهولة هذين المعيارين رغم الاعتراض عليهما ، فالاول والثاني يهمل الهيكلية المختلفة للعمالة من عمر وجنس وتعليم وخبرة .. إلخ .رغم ما سبق فتبقى هنالك بعض السمات المشتركة لمشاريع سيدات الاعمال فهي عموماً المنشآت القليلة العمالة الصغيرة في رأسمالها ، ذات ملكية شخصية تمتلك المرأة كل أو بعض رأس المال ، وتنتج أساساً للسوق المحلية وفي بعض الاحيان للسوق الخارجية ، وتدار هذه المنظمات من قبل امرأة أو أكثر وتحتاج الى تقنية وخبرة إدارية مناسبة تمكنها من إدارة منظمتها في ظل المتغيرات البيئية المختلفة التي قد تكون معقدة بشكل كبير .[c1]ثانياً : تحديات بيئة سيدات الاعمال :[/c]تشير كثير من الدراسات في اليمن إلى أن أهم المشاكل لسيدة الاعمال هي :- عدم القدرة في الحصول على التمويل المناسب .- انخفاض الادراك بأهمية وقيمة خدمة الاعمال وأهمية دور الغرف التجارية والاتحاد العام للغرف التجارية .- صعوبة توفير مكان عمل مناسب لإقامة مشروع المرأة وبطريقة قانونية .- صعوبة الحصول على العمالة بالمهارة المطلوبة .- مشاكل مرتبطة بقوانين الجمارك والضرائب واجراءات التسجيل .- وبالرغم أن المشاكل والتحديات أعلاه تمثل جزءاً من بيئة عمل منظمات سيدات الاعمال ، حيث إن هناك تحديات أخرى لسيدة الاعمال منها ما هو مرتبط بثقافة المجتمع وقيمه وبالادوار المتوقعة من المرأة حيث إن هذه الثقافة لا تسمح للمرأة أن تصبح سيدة أعمال حيث إن مفهوم سيدة الاعمال الذي عرضناه أعلاه لم يعرف مفهوم سيدة الاعمال بشكل دقيق إنما نستطيع أن نقول بشكل آخر أنها تلك التي تمتلك مشروعاً أو شركة وتديرها بنفسها وتمارس جميع الوظائف الادارية ابتداء بإتخاذ قرارات مرتبطة بالتخطيط ثم التنظيم والتوجيه والرقابة . كما أنها ترتبط بوضع استراتيجية شركتها ومن ثم تنفيذ هذه الاستراتيجية ومتابعة تحقيق اهدافها الاستراتيجية كما ان مهام سيدات الاعمال مرتبطة بتكوين علاقة جيدة مع عملائها ، وجميع من لهم مصالح من شركتها او مشروعها وتمتد مهامها ايضاً الى متابعة جميع العمليات والانشطة داخل مشروعها والتأكد من ان ما يتم فعلا هو ما يحقق رؤيتها الاستراتيجية ، وبالطبع يتطلب من سيدة الاعمال تسخير الوقت الكافي للقيام بهذه المهام والادوار . كما انه يتطلب من سيدة الاعمال اتصال فعال وحرية في اتخاذ القرارات والحركة بحسب حاجة شركتها او مشروعها ، وهذا بالطبع يتعارض مع ثقافة المجتمع الذي يحدد أدوار المرأة بأن تكون داخل المنزل .. ناهيك عن ان الثقافة ترى في المرأة انها لاتستطيع ان تقوم بادوار ومهام سيدة الاعمال ، وبالتالي يصبح التعامل معها يشوبه درجة من الحذر والاختبار المستمر.. ولكن عندما يرى المجتمع ان سيدة الاعمال تستطيع ان تقوم بأدوراها ووظائفها بشكل فعال فانها في هذه المرحلة تكون قد حققت نجاحاً في تكوين دور من ضمن ادوارها الاخرى ان تكون سيدة اعمال..اما في الجانب الاقتصادي فان ذلك مرتبط ايضاً بامكانيات المرأة الاقتصادية ، نحن نعلم ان الثروة في المجتمع عادة تكون مركزة بحوزة الرجل .. وليس معنى ذلك ان النساء لايملكن المال ، فان هناك عدداً محدوداً جداً منهن يملكن المال وان ملكنه يكون محدوداً جداً مقارنة بما يملكة الرجل ،وهذا بالطبع تحدٍّ آخر.وفي جانب آخر فان السياسات المالية والاقتصادية وما يترتب عليها من آثار على أداء الشركات التي تمتلكها سيدات الاعمال يمثل تحدياً اقتصادياً اخر ، حيث ان توجه الدولة نحو سياسة اقتصادية توسعية او انكماشية بالتاكيد سيؤثر على إدارة الاعمال .. فتغير اسعار الفائدة في السوق او التغير في اسعار العملة المحلية الى جانب السياسات المالية المرتبطة بالانفاق الحكومي وعجز الموازنة وكذلك سياسات الضرائب والجمارك كلها متغيرات جوهرية يتطلب من سيدة الاعمال قراءتها بشكل صحيح ومعرفة اثرها على شركتها..أما التحديات السياسية فهي تلك المرتبطة بالنظام السياسي وفلسفة الدولة وقيادتها نحو النهج السياسي الذي تنهجه، وفيما اذا كان نظاماً ديمقراطياً او اشتراكياً و يجمع بين الاثنين ، كما ان التحديات السياسة ايضاً تشمل مدى الاستقرار السياسي والحرية للمواطنين في اختيار من يمثلهم في الحكم، كما ان فلسفة الدولة ودستورها ايضاً سوف يحدد ادوارالمرأة سياسياً ، ومهما كانت فلسفة الدولة فان ذلك بالتأكيد سوف يؤثر على شركة سيدة الاعمال ، ويندرج في اطار تحديات البيئة السياسية عادة وجود الرجل في مركز اتخاذ القرارات السياسي الذي بالتأكيد سينعكس على شركة سيدة الاعمال فان وجدت للقيادة السياسية التي تاخذ بعين الاعتبار خصائص مشاريع سيدات الاعمال التي تشجع المرأة الريادية فان ذلك بالطبع سينعكس ايجابياً على زيادة عدد سيدات الاعمال اللاتي يدخلن مجال الاعمال ويشاركن في التنمية ، وفي حالة البيئة السياسية في اليمن فان القيادة السياسية ممثلة والقوى السياسية الاخرى.. وهذا بالتأكيد يتطلب من المرأة سيدة الاعمال ان يكون لها دور سياسي حتى تضمن تأييد القيادة ، وذلك يمثل تحدياً آخر هو ستيعاب المتغيرات السياسية والتعامل معها لحماية مصالحها السياسية خاصة في ظل نظام حكم ديمقراطي.ومن العرض اعلاه سنلاحظ ان هناك تحديات عديدة تواجهها سيدة الاعمال ابتداءً بالتحديات الداخلية المرتبطة بإدارة اللمشركة او المشروع والامكانيات المطلوبة من المرأة لتسخيرها لشركتها لكي تنجح ، او انها تحديات مرتبطة بالبيئة الخارجية ولكن يظل المجال امام للمرأة لكي تتغلب على هذه التحديات عن طريق التعليم والحصول على الشهادات العلمية المناسبة التي تؤهلها لمواجهة هذه التحديات بجانب التدريب المستمر ذاتياً او من خلال مؤسسات متخصصة .. ولا يتوقف ذلك عند هذا الحد بل يتطلب من سيدات الاعمال تكوين جماعات مؤثرة في القرار السياسي وفي المجتمع لكي تحصل على الدعم المؤسسي والاجتماعي المطلوب لمشاريعها.