أعماله نابعة من فكر مبتكر وبساطة في التصميم
د. زينب حزام حقق الفنان علي الذرحاني نجاحات كثيرة وحظي بالتشجيع المعنوي من قبل أفراد وهيئات مختلفة وأضحى سريعاً واحداً من الأسماء اللامعة في الساحة الفنية اليمنية تتابع جماهير المجتمع اليمني أعماله الفنية غير التقليدية النابعة من فكر مبتكر وبساطة في التصميم بقدرة بصرية تحمل متابعة للأحداث والمشاهد اليومية الملاصقة لمشاعر المواطن اليمني والمجتمع الذي يعيش فيه.وعندما نتلمس خط سير رحلته مع الفن ندرك مدى بحثه وتعمقه في العموم والمطلق وتجنبه أن يحصر نفسه في الضيق السهل التناول فلديه قناعات بتجاوز المحصور المحلي وتطوير ذاته الفنية بابتداع أشكال جديدة أوسع تصل إلى كل إنسان في العالم.أما في ما يخص التفكير المرئي لعلي الذرحاني من خلال وعيه الفني والفكر المسبق للعملية الإبداعية الذي يوفره وجوده المثير المحرك لمشاعره نجده يحكم توزيع أشكاله وتلخيصها والاقتصار على أبجديات اللغة التشكيلية في محاولة جادة للارتفاع بكم، التحصيل الجمالي لمجال الرؤية الفنية فهو لا يتقيد بالظل والنور أو التجسيد بل يستطيع أن يربط عمله ككل بجزئياته فتصبح اللوحة نسيجاً متحداً من الحلول الفنية فتظهر علاقة الأجزاء التي تم تلوينها بعضها ببعض ويظهر التوازن وتوافق الألوان المختارة وحساب كمياتها الحسية والتعبيرية.ومن المعروف أن الفنان التشكيلي علي الذرحاني يعتمد في أعماله على الرسم المتصل بالتاريخ والحضارة اليمنية القديمة والحديثة وقام بنشر لوحاته الفنية في المعارض المحلية كما شارك في المعارض العربية واستطاع مخاطبة القاعدة العريضة بأقصر الطرق في بساطة أعماله الفنية والتقاط الفكرة التي تختزل الكثير والتعبير عنها بمستوى عال من الأداء التشكيلي وبلغة بصرية سهلة ومباشرة وذكية أوضح فيها بأقل الكلمات كل ما يمكن أن يقال.وبعدها مر الفنان علي الذرحاني بالعديد من الدراسات على أيدي نخبة من أساتذة الفن التشكيلي ما جعل مبدأه في الحياة “الفن لا يعيش إلا في الحرية” وهكذا كان يختار كل ما يتفق مع رؤيته الفنية فيقدم لوحاته الرائعة التي كثيراً ما تنال إعجاب جمهور الفن التشكيلي في اليمن ومن خلال دراسته الأكاديمية في القاهرة استطاع إنتاج مزيج من الدراسة والتجريب والإنتاج وقد غلب الطابع التجريبي على ذلك الإنتاج والتجريد هنا في رأيي لم يكن يقصده كاتجاه بل كان وسيلة للتجريب المركز المباشر وأداة للتعرف والبحث ومن تجارب الإنتاج التي مارسها الفنان علي الذرحاني في القاهرة تجربة التعبير عن أغراض التصوير المتباينة من خلال عنصر محدد فهو يركز على لوحة معينة من تاريخ الحضارة اليمنية والتراث ثم يدرسها ويتأملها ثم يحاول أن يرى فيها ما يسمح له بتقديمها ما يشبه فن الصورة الشخصية (بور تريه) أو الطبيعة الصامتة أو المشهد الطبيعي (بيزاج) أو غير ذلك من أغراض التصوير.وبعد عودته من القاهرة والتحاقه بالتدريس في معهد الفنون الجميلة بعدن بقسم الفن التشكيلي قدم لتلاميذه كل خبرته في هذا المجال الفني وتخرج على يده عشرات من الطلاب الناجحين في مجال الفن التشكيلي وتحول الفنان علي الذرحاني إلى وزارة الثقافة فرع عدن ومازال يقدم كل جديد في مجال الفن التشكيلي بصدق الوجدان ليس الصدق الوجداني الذي يساعد على الوصول إلى لحظة الكشف فقط وإنما كذلك الصدق العقلاني المتفق عليه هذا الصدق الذي يسعى به إلى استجلاء مكونات وعاء اللاشعور الجماعي واقتناص مكوناته لطرحها على صفحة اللوحة وكلما توصل الفنان عن طريق التأمل الصادق إلى درجة أكمل من الصدق انعكس هذا على لوحته وراح يترجم وعيه الجديد في شكل إضافات إلى العمل القديم.كان من نتيجة التزامه بهذه الأسس أن أقبل الجمهور على أعماله في حماس يسعى إلى اقتنائها ويعتز بحوزتها فتضاعف سعادته بذلك ويحقق رؤيته القديمة التي أدركها في بداية حياته عندما كان يبدع الرسوم والزخارف على اللوحات والشعارات والأختام فقد كان الفنان التشكيلي علي الذرحاني يرسم ما يحتاجه جمهور الفن التشكيلي ويتذوقه. وهكذا ينجح الفنان علي الذرحاني في أن يقدم لنا فناً أصيلاً صادقاً يستجيب له الجمهور ويسعى إلى اقتنائه ولا يسمح لنزوة فنية أن تقف حائلاً بينه وبين الجماهير الواسعة.وأخيراً يمكننا القول: إن الفنان التشكيلي علي الذرحاني استطاع من خلال مشواره في مجال الفن التشكيلي أن يختار أسمى المواضيع وأنبل العناوين والمضامين محوراً للوحاته الفنية التشكيلية بهدف أن يكون لها مضمون فكري أو علمي حتى تظل لوحة فنية آسرة ومدهشة لأن عناصر الشكل في اللوحة الفنية التشكيلية تظل أهم من المضمون كثيراً في بنائها ولكن حين يزاوج الفنان المبدع بين الاثنين معاً في بناء اللوحة التشكيلية بشكل متوازن ومتلائم ومبدع وخلاق نكون قد وصلنا إلى اللوحة الفنية التشكيلية المثال.أما طبيعة التجربة الفنية لهذا الفنان المبدع علي الذرحاني فإنها نجمت عن مزاولته الأشياء الفنية مزاولة حسية فهو فنان مهتم بتاريخ الحضارة اليمنية والتراث وقد عكس ذلك في معظم أعماله الفنية فهو يقدم الفن اللامألوف والتجربة التي لا تقع على مثلها في مكان فني عربي آخر إنه فنان مبدع من واجبنا تكريمه تقديراً لأعماله الرائعة واحتراماً لفنه فهو فنان مبدع تحول فنه مادة يتناقلها المعجبون لفنه كل لحظة وأنه حقاً فنان مبدع كل ما سعى إليه من خلال مشواره الفني ومن واد ابحاثه الفنية هو تشخيص الحالة القومية من خلال الإبداع الفني كظاهرة حضارية أكثر تماساً مع الإنسان هذه الظاهرة التي سعى إلى دعمها وتعميمها عن طريق المؤسسات الثقافية والتربوية عن طريق الشواهد الفنية التي قدمها في المعارض الفنية المحلية والعربية والدولية كما قدمها في المحاضرات لطلابه في معهد جميل غانم للفنون الجميلة بعدن حيث مضى هذا الفنان المبدع والمعلم وأصدقاؤه وطلابه يكنون له احتراماً ومودة لا مريه فيها إنها أشرف مهنة يقدم فيها المعلم رسالته الفنية والإبداعية مخلصاً وهو أشد من الآباء اعتزازاً بطلابه الذين يحققون مطامحه فيهم من خلال أعمالهم الفنية وهو فنان خاض غمار العمل الفني الإبداعي تصويراً ونحتاً وهو كاتب صحفي وناقد لهذا فإن على الجهات المختصة تكريم ورعاية هذا الفنان المبدع تقديراً لمشواره الفني والإبداعي.