خلال سبعة أيام هي عمر الأسبوع الماضي كانت الصحف السعودية تشهد فورة إخبارية عن جرائم بشعة ارتكبت ضد المرأة وفتاوى تتعلق بحياة المرأة السعودية، وأقول المرأة السعودية لأنها الوحيدة التي تكلف وتلزم بالموجبات والمحرمات القبلية والاجتماعية مما يسقط عن غيرها من المسلمات الأخريات.ولأعود إلى صلب الموضوع، ففتوى أجازت لها أخيرا السفر دون محرم أطلقها الشيخ العبيكان، وفتوى أخرى حرمت عليها استعمال الأشمغة في ملابسها منعا لتشبهها بالرجال، فيما أجاز أخيرا الشيخ الغيث رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عملها في المحلات التجارية النسائية بعد رفض طويل غير صريح وغير مباشر ألقى أثره على كاهل الفقيرات اللاتي أصبحن يدرن في الشوارع كمندوبات تسويق أو كمتسولات، لتتحمل بعد ذلك المسؤولية وزارة العمل التي اختبأت خلف ظهر الجليد أثناء موجة الرفض دون موقف حازم لتحريك المياه الراكدة لصالح عمل المرأة في هذه المحلات النسائية. في ظل هذه الفتاوى «الإكسبريس» التي تهتم بما ترتديه المرأة وعملها دون مبالاة بكونها جائعة أو عارية يقرص عظامها البرد في بيوت الصفيح التي نعرفها؛ كان أب «مجرم» قد نحر ابنته المثالية وثقب جسدها بطعنات بشعة ليمنعها من الدراسة في كلية الطب لخوفه من»الاختلاط»، فيما ابن عاق ومقزز يهتك عرض أمه ويغتصبها لمنعها إياه الزواج، فيما يحكم قاض بعدم فسخ زواج الطفلة ذات الثماني سنوات حتى بلوغها وبقائها على ذمة الخمسيني الذي اشتراها بماله، بينما يحول زوج سعودي جسد زوجته وأم أطفاله إلى أشلاء على طريق إسفلتي بمدينة الرياض بعد أن جرها بسيارته ثم دهسها مرات ليقتلها أمام منزل عائلتها، وكل ذلك خلال أسبوع واحد فقط. مفارقة عجيبة إذن هذه التي تعيشها المرأة السعودية عندنا، بين ما يمارس في حقها من جرائم الوأد الجاهلي وما يتوجب عليها عمله واستقباله من هذه الفتاوى التي لا تراعي إن كانت حتى جائعة، وفي ظل هذه الموجة المحمومة خلال أسبوع لم أجد أحدا من كبار العلماء أو من أصحاب الفتاوى ذاتها يخرج في الصحف السعودية بتصريح مباشر يجرم هذه الممارسات البشعة ضد المرأة ويصدر فتوى تحرمها وتؤكد على حقها في الحياة والعمل والاختيار لشريك حياتها، خاصة تلك الجرائم التي يكون سوء الظن بشرفها وعرضها سببا لبشاعتها وهلاكها وهو ما نحتاجه حقا إن كنا أردنا أن نصدر هذه الفتاوى.وبصراحة، وأقولها ورزقي على الله، كثرة هذه الفتاوى «الإكسبريس» لا تظهر لنا إلا أننا أصبحنا لا نؤمن بالمنطق العقلي الذي جاء القرآن الكريم في كثير من آياته يخاطبنا به، وأننا كمجتمع في وضع فكري حرج ، خاصة أنها وصلت للأشمغة وقتل «ميكي ماوس» وتناست دورها الحقيقي في قيادة التغيير والإصلاح الاجتماعي، وأمنية أتمناها مع نهاية 2008 أن تكون الفتاوى التي تطاولت كتطاول البنيان في بلادنا سببا لقيادة الإصلاح الاجتماعي الذي نحتاجه، وأول أسباب ذلك هو إصلاح شؤون المرأة السعودية وتطوير وضعها بفتاوى تعطيها حقها في الحياة وحقها في العمل ككائن كامل الأهلية... ويكفينا وقوفا في آخر الطابور رجاء!. [c1]* عن / صحيفة «الوطن» السعودية25 ديسمبر 2008[/c]
|
دراسات
فتاوى”إكسبريس”.. جرائم “إكسبريس”
أخبار متعلقة