قرأت لك
مبكِّـراً جلستُ على رأس صخرة حادّة، محـدِّقا بعينـيَّ المشدوهـتَـيْن في الضَّباب، الذي تمـدّد كخـيمة رمـاديـّة، مُـغطِّـياً كلَّ شيء سـفلاً وعلـواً. حـطَّ إلى جـانبي صبـيّ، وقال : أنظر، سأرسم لك صورة حالاً، وأعلِّـمكَ كيف ترسم صورة صغيرة جميلة.وصـوَّبَ سـبّـابـته، التي كانت حمراءَ كوردة، وبدأ يرسم بإصبـعـه. في الأعلى رسم شمساً جميلة، شَـعّـتْ في عينيَّ بقوة، وصنع حواشـيَ الغيوم ذهبيةً، جاعلاً الأشـعّـةَ تخترق الغيـومَ، ثـمَّ رسـمَ الرؤوسَ اللطيفة لأشجار جديدة غضّـة، سحب التَّـلال، واحداً واحداً، خـلفها؛ وفي أسفلها لم يترك الماء بعيداً عنها، رسم النهرَ طبيعياً جداً، فَـيُـرى متلألئـاً بأشعَّـة الشمس، ويُـرى تيّـارُه مُـرتـطـماً بضفـافه العـالية. وأضاف لمعـاناً على السَّـماء وصيّـر الجبالَ الزّرقَ تبعد وتبعد، حيث أنّي افتـتاناً ذ ُهلتُ وولدتُ من جديد، نظرتُ فوراً إلى الرسّام، ونظرتُ فوراً إلى الصّورة. هكذا برهنتُ لك حقـّاً، أنني أفهم حرفة اليد هذه جيداً، قالها وأكمل : ولكنَّ الأصعبَ لم يأتِ بعـدُ!