أضواء
لم يشأ سعيد الشهري، القائد السعودي في تنظيم (القاعدة) باليمن، أن يتفرج على الإثارة الكبرى التي تسيطر على المشهد بسبب مأساة سفن غزة فأدلى بدلوه مع الدلاء.أصدر الشهري بيانا صوتيا، بثته قناة «العربية» أوائل شهر يونيو الماضي، يهدد فيه بالويل والثبور وعظائم الأمور إن لم تفرج السلطات السعودية عن امرأة تدعى «هيلة القصير» أو «أم الرباب» كما هو الاسم المتداول لها داخل قاموس (القاعدة)، ودعا الشهري أنصار التنظيم أو المتعاطفين إلى خطف الأمراء والوزراء والمسؤولين وضباط الأمن. وأضاف: «نقول لجنودنا عليكم بعمليات الخطف لفك الأسرى».المرأة التي بسببها أصدر الشهري هذا التهديد الصوتي معتقلة حسب المعلومات منذ مارس (آذار) الماضي ضمن شبكة أعلنت السلطات السعودية عنها، منهم أكثر من مائة كانوا يجهزون لعمليات اغتيال حسب المصادر السعودية.على كل حال، فإن استهداف (القاعدة) السعودية لأشخاص ورموز ليس أمرا جديدا، فقد سبق إطلاق النار على قيادات أمنية كبرى في الرياض، وسبق أن حاول شخص تفجير نفسه في الأمير محمد بن نايف في منزله بجدة، وسبق أن عثر لـ(القاعدة) على كشف أسماء مرشحة للاغتيال في إحدى الشقق بمكة قبل بضع سنوات. كما جرى لتنظيمات أصولية مشابهة في باكستان واليمن والمغرب العربي.الجديد ربما في السياق السعودي هنا هو توظيف اسم المرأة، لأن للمرأة في الثقافة المحلية هالة من الحماية والتحرز الشديدين في إخفائها عن النشاط العام، وهي مبالغة غير عملية، طبعا، حتى أنها ضد روح الإسلام نفسه وما جرى فيه من دور تاريخي كبير للمرأة، بصرف النظر عن تقييمنا لهذا الدور سلبا أو إيجابا. المهم أنها، أي المرأة، كانت كائنا فاعلا ومعروفا في السياسة والعلم والأدب والتجارة. وما هذه المرأة التي اسمها «هيلة» إلا امتداد لدور امرأة مثل «غزالة» الخارجية وشبيهاتها من اللواتي كن فاعلات في نساء الخوارج.طبعا، محزن أن تقع سيدة سعودية في شراك هذه الأفكار المتشددة، ولكن من المهم أيضا التعامل بعملية وواقعية مع مثل هذه الأمور. أنا أرى الأمر فيه تطور من زاوية أخرى، ليس فقط بسبب استخدام (القاعدة) للعنصر النسائي، وهو تطور ليس بالجديد، ولكن في الإفصاح عن حقيقة هذا الدور، بل وهذه المرة سمت (القاعدة) المرأة القائدة فيها بالاسم الصريح وليس بالكنية، فهل تطور القوم من حيث لا يشعرون مع الجو العام! وزارة الداخلية السعودية لديها كثير من الأسماء النسائية الفاعلة في (القاعدة)، على غرار وفاء الشهري المقيمة في اليمن التي أصدرت هي الأخرى بيانا قبل أيام تدعو فيه نظيراتها للهجرة إلى اليمن، ولكن الحذر والثقافة المحلية حول ذكر اسم المرأة التي أشرنا إليها قبل قليل، هما من أكبر العوائق في مرونة المواجهة الإعلامية والأمنية للسلطات السعودية مع (القاعدة) النسائية.آن لنا أن نتعامل دون محاذير وحساسيات مبالغ فيها تجاه هذا الأمر. فالمرض هو المرض، لا يفرق بين رجل وامرأة، وفي الظلام تصعب الرؤية، لذلك فمن الأفضل أن يخرج الجميع للنور، حتى يمكن للجميع أن يرى الجميع.[c1]عن/ صحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية