أضواء
الزواج نصف الدين وليس كله، والمال عصب الحياة وشريانها ، وما اقسى الواقع بلا مال وما أصعب الأمنيات ، ويستطيع المرء ان يعيش بلا زوجة ولكن لا يستطيع ان يعيش بلا مال ، العاطل انسان محروم فرضت عليه الظروف ظروفاً لا تنتمي للحياة ولتلك الظروف حكايات تعرفها قوائم الانتظار في وزارة الخدمة المدنية ، واكثر الاسماء الموجودة في قوائم الانتظار بؤسا هم المتزوجون ، آه ما اشد حسرة هؤلاء ، رفض طلب الوظيفة امامهم وزوجة خلفهم ،اغلب هؤلاء التعساء لم تكن الزوجة تعرف له مهنة قبل ارتباطه بها سوى انه ابن عمها، وعلى مذهب الشيخ جحا ابن العم اولى بلحم ثوره ، وبارك الله بثقافة صلة الرحم أجراً ومهنة ، ويعظم ثواب الدنيا ، ان كانت الزوجة عاملة بهذا يكون الزوج العاطل قد حصل على مخدة ومكدة ، وان تورطت بفراغ جيبها وجيبه غنت له لا بأكل ولا بشرب بس اطلع بعيونك ، هذا ان كانت لها عيون تطيق النظر في عيونه .كان لي صديق منزعج من هذه القصص ومزعج بنفس الوقت ، فلديه الكثير من حكايات الزواج والبطالة ما جعله يعتقد ان جيلنا القادم سيكون اغلبه من المتسولين ، وان اعترضت على طرح نفسه اللوامة ، استشهد بنسب العاطلين وتزايدها المفجع، ويراهن بانه لا يوجد بيننا اسرة واحدة لا يكون بها عاطل ، ونفسه تتوق للزواج ، المبني على الحاجة الضابطة للسلوك من الانحراف الاخلاقي ، والبعيدة عن مفهوم المؤسسة الاجتماعية المحمية بعناصر استقرارها وعلى رأس هذه العناصر العامل المادي ، هذا انزعاج صاحبنا ، ولكن ماذا عن إزعاجه ؟ الأمر ببساطة لايختلف كثيرا عن طريقة المجتمع في نقد او طرح قضايانا ، مشاكل تظهر في غفلة من وعينا ، وتزول من الوعي ايضا بسبب غياب الوعي لا بسبب الحلول الناجعة التي تقضي على المرض ، ولكن يترك امر المرض لينخر في عظام المجتمع والعلاج متوفر في الصيدليات . العنوسة والبطالة كلاهما مرض ، ولكن البعض يرى انه يخرج من الداء دواء ، وهذا فهم ينفع في تأليف بعض الروايات المحلية ، التي لاترى في حقيقة العفة الا جانبا واحدا يدعم مفهوم الشرف لدينا ، وتتجنب تماما مفهوم بناء الاسرة القائم على التكافؤ المعيشي واكرر المعيشي قبل التكافؤ النسبي الذي جر المجتمع ومازال يجره الى انحدارات اخلاقية كفيلة بالقضاء على كل قيمة ايجابية تنتمي الى واقعنا المعيش ، ومن المؤلم ان لا نجد للعاطل مهنة سوى ارتباطه بإنسانة رشحتها الظروف الى الدخول في نادي العنوسة ، لتصبح هذه المتعوسة واخواتها برنامجا عمليا للقضاء على حاجات العاطلين عن العمل.[c1]عن صحيفة ( الرياض ) السعودية [/c]