صباح الخير
[c1]هناء الوجيه[/c]آهات وأنات صعدت من أعماق صدور تجرعت مرارة الحرمان من التعليم وتبعات ذلك فالمرء لايدرك قيمة الشيء إلا في حالة الاحتياج إليه..وفي هذه المساحة سنستعرض مجموعة من المشاهد هي كلها من واقع أفراد تحدثوا من خلالها عن أشجان اعترضت مسار حياتهم بغصة الحرمان من التعليم سواء كانوا هم أنفسهم من حرموا أو ممن سلبوا فلذات أكبادهم حق التمتع بالتعليم وهذه هي الحصيلة.الأخ محمد قائد رجل يقارب السبعين من عمره سألناه عن أهمية التعليم بالنسبة له فأجاب قائلا: في الماضي كنا نكتفي بحفظ القرآن،والذي لا يعرف القراءة والكتابة لا يحفظ إلا الشيء اليسير،وبالرغم من ذلك لم أشعر يوما بتلك الحاجة الملحة لدخول المدرسة أو التعليم ،ولم اهتم يوما بتعليم أبنائي فنحن في القرية ننال رزقنا من الزراعة والأولاد يعملون في الأرض ولا وقت لديهم لا للعلم ولا للمدرسة.ويواصل قائد حديثه قائلا :قبل فترة وجيزة فقط شعرت بغصة في صدري وتمنيت لو أن لي عدداً من الأبناء متعلمين يعملون كدكاترة أو مهندسين،تمنيت ذلك حين مررت بحالة مرضية استدعت رقودي في المستشفى وهناك وجدت شخصا اعرفه جيدا،كان يتلقى العلاج في نفس المستشفى لكن الفرق بين وجودي ووجوده أنه والد الدكتور فلان لذلك فعدد كبير من العاملين والدكاترة كانوا يترددون عليه وأصبح له مكانة وماهو إلا مزارع بسيط أهتم بتعليم ولده فأصبح والد الدكتور ؟، في تلك اللحظة أدركت أن العلم يرفع الدرجات، وان المتعلم ينفع نفسه وتعود منافع علمه على أهله وأسرته، وفي تلك اللحظة عرفت قيمة العلم.وفي مشهد أخر تروي الأخت ابتهاج الملحاني (مدرسة) قصة احد تلاميذها الذي يعاني من قصور في التحصيل العلمي نتيجة عدم متابعة الأسرة له قائلة:طلبت من الإدارة أن تستدعي ولي أمر هذا التلميذ لأعرف أسباب القصور حينها أتت أم شابة لم تتجاوز العشرين من عمرها لتوضح لي بألم شعرت به من ملامحها ونبرات صوتها ،أن والد ابنها مشغول طيلة الوقت وهي غير متعلمة وإنها تبذل مجهودا لتجد من يتابعه أو يذاكر له ،قالت تلك الكلمات بمرارة لتعبر عما بداخلها من سخط على أولئك الذين بتسلطهم سلبوا منها حقها في التعليم.وفي الإطار ذاته تقول فاطمة سلطان: لو كنت تعلمت لكانت لي وظيفة ومكانة مختلفة عما هي الآن،فانا أم لستة أطفال توفي والدهم وترك على عاتقي مهمة تربيتهم وتلبية احتياجاتهم، وأنا امرأة أمية أين اتجه وأي الأعمال يمكن أن تفتح لي أبوابها والعلم نور والشهادة سلاح ومن لم يتعلم فمكانه الخدمة في المنازل أو القبول بأي نوع من الأعمال.ويحكي لنا الأخ بندر الشميري متحدثا عن واقع أسرة في محيطه بالقول: العلم ينفع صاحبه أولا فهذه الأسرة مكونة من أب وأم لم يعرفا القراءة أو الكتابة ولهما خمسة من الأبناء لم يجدوا من يوجههم نحو الطريق إلى المدرسة ليتشتتوا بالغربة إلى المدينة كرمال للبحث عن لقمة العيش، وما يؤلم في هذا المشهد أن الأبوين كبيران في السن وتمر الأيام تلو الأيام وهما عاجزان عن ضرب أرقام الهاتف للتواصل مع أبنائهما، فكم هو مؤلم أن يصل الجهل بهما إلى هذا الحد وما أجمل العلم الذي ينفع صاحبه أولا ومن ثم يخدم من حوله..ونختتم حديثنا مع الأخت آسيا الأديمي باحثة اجتماعية ترى أن المشاهد والصور التي تتواجد في الواقع الاجتماعي ،خاصة في الأرياف والقرى إذا ما تمعن الأفراد فيها سيجدونها مليئة بالدراما المؤلمة، فكم عدد الفتيات اللاتي حرمن من التعليم بحجج متعددة،إما من اجل خدمة المنزل أو للدفع بها نحو زواج مبكر والبعض بسبب العادات والتقاليد المجحفة وقد تكون الحالة الاقتصادية من الأسباب ولكن في مجمل الأحوال فالحرمان من التعليم له تبعات وعواقب تمس المجتمع ككل وذلك لابد من العمل على نشر التوعية التي تحث على التعليم وتبين أهميته للفرد والمجتمع.