شخصيات خالدة
[c1]مؤسس الحركة السوريالية في الادب [/c]ولد اندريه بريتون عام 1896 ومات عام 1966 عن عمر يناهز السبعين عاما ، وقد اختلط اسمه باسم الحركة التي أسسها والتي كان منظرها الاول والمدافع الاكبر عنها ، وقد درس الطب في البداية فأتاح له ذلك ان يطلع على كشوفات فرويد فيما يخص التحليل النفسي . وسافر الى فيينا لمقابلته نظرا للعلاقات الحميمة الكائنة بين الحلم واللا وعي من جهة، وبين الحركة السوريالية من جهة اخرى ، لكنه خرج من مقابلة فرويد خائبا بعض الشيء لأن الذوق الادبي لفرويد كان كلاسيكيا ولم يفهم دوافع بريتون وافكاره جيدا.وقد ابتدأ بريتون حياته الادبية بكتابة بعض المقالات الادبية المتأثرة بالشاعر الكبير مالارميه ثم بالشاعر الكبير ايضا أبولونير. وبعدئذ أسس مع بعض اصدقائه مجلة تدعى «الأدب» ، ثم انضم الي الحركة الدادائية.ولكن ما لبث أن انفصل بريتون عنها وأسس حركته الخاصة به تحت اسم: السوريالية والكلمة تعني حرفيا بالفرنسية: ما فوق الواقع ، وهناك علاقة تواصلية وحميمية واضحة بين الحركة الدادائية والحركة السوريالية فكلتاهما تركزان على رفض المجتمع، والحضارة، والعقل الواعي، والتقاليد الامتثالية في الكتابة او في الحياة. نبذ بريتون مع غيره من السورياليين مثل تزارا، وايلوار، وسواهم بالحضارة والعلم والتكنولوجيا بعد إندلاع الحرب العالمية الأولى التي لم تسبب إلا الدمار وفناء الانسان وبالتالي فالموقف السوريالي ناتج جزئيا عن رفض هذه الحضارة بكل قيمها. انها رفض للحياة القمعية الامتثالية التي تسجن الفرد داخل اقفاصها وتكاد تخنقه خنقا. وهذا الرفض وصل لدى الحركة الدادائية التي سبقتها الى حد العدمية الكاملة وعدم الايمان بأي شيء بعد كل ما حصل ، إلا أن بريتون لم يكن عدميا ولم يصل إلى هذا الحد فترك الحركة لدادائية .عندما اسس بريتون مجلة «الأدب» عام 1919 كان لا يزال كلاسيكياً اذا جاز التعبير، كان يريد فقط ان يؤكد على قيم الادب الحديث وشخصياته من امثال: فاليري، اندريه جيد، ماكس جاكوب، الخ ، ولكن بعد وصول تزارا الى باريس انقلب كل شيء رأساً على عقب. فقد انتشرت الروح التدميرية للدادائيين في كل انحاء العاصمة الفرنسية. ولاقت هوى لدى نفوس الشباب وبخاصة بريتون. واعلنوا عندئذ عن موت الثقافة التي ادت الى مجزرة الحرب العالمية الأولى وموت حضارة بأسرها. ولكن الحركة الدادائية انتهت اخيراً الى الفوضى وبدت عقيمة لا جدوى منها. ولذلك انفصل بريتون عام 1922 عن تزارا الروماني وقال بأن الحركة الدادائية قد ماتت. وراح يوجه مجلة «الادب» باتجاه آخر. فبعد التجربة التدميرية التي عاشوها مع الدادائية راحوا يجربون شيئاً اخر ويدعون الى تغيير الحياة ، والتفت مجموعة من الكتاب الشباب حول بريتون . ولما كان بريتون يتمتع بجاذبية شخصية ومغناطيسية لا تقاوم ، ولذلك تحلقوا حوله واعتبروه زعيماً لهم ، وقالوا بأنهم يريدون التوصل الى معرفة جديدة قائمةعلى الحلم، والتداعيات الحرة، واللاوعي، وكل ما هو عجيب مدهش، أو ساحر خلاب في هذا العالم المليء بالدهشة. بمعنى اخر فإن كل ما ترفضه العقلية المنطقية او العلمية السائدة في الغرب راحوا يتعلقون به ، فهذه العقلية المنطقية لم تؤد الى منبر الحرب والمجازر، فلماذا يتعلقون بها اذن؟ لماذا لا يجربون خطاً اخر في الاكتشاف والمعرفة؟ لماذا لا يحاولون التعرف على عالم غير عالم الواقع، عالم يقف فوق الواقع، وفيما وراء الواقع؟ وهكذا ولدت الحركة السوريالية التي كان لها انتشار واسع لاحقاً ليس فقط في فرنسا، وانما في جميع انحاء العالم ايضاً.