عندما أحببتك احببت معك كل شيء جميل وكل شيء مشين في آن واحد..أحببت معك الحجارة والذبابات والصواريخ التي كانت تقذف على أرض فلسطين ..أحببت فيك الشهامة والرجولة التي جعلتني أتمسك بك أكثر من الأول ..أحببت فيك القوة التي رسمت على جسم نحيل ووجه جميل بالرغم من صغر سنك ..بالرغم من أنك من بني البشر إلاّ أنني ظننت نفسي أحببت سبعاً راح يخيف كل من حوله كلما كشر عن أنيابه ..أحببت طبيعتك التي كنت وما زلت الآن عليها ..أحببتك كلما رأيتك تفكر بأرضك قبل أن تفكر بي ..أحببتك كلما شبهت جمالي بفلسطين ولذة حديثي بشجرة الداليا التي حفرنا عليها أول حروف أسمينا..أحبك ويزيد حبي لك كلما نظرت إليك ياحبيبي وأجدك متأهب لفداء وطننا بدمائك ..مرة قلت لي لن يفرق بيننا إلاّ الموت وأن رحيلك عني سيكون إجبارياً لا إختيارياً ..كم مرة صليت ودعيت أن يعيدك الله لي سالماً وأن لا يصيبك أي مكروة ..كم مرة وضعت يدي على قلبي كلما سمعت صوت الانفجارات وأنت لم تعد بعد الى البيت ..كم مرة قلت لي أن لا أحزن إذا أخذ الله ما له على الأرض ..أذكر جيداً ذلك اليوم الذي جلست فيه معي تخبرني فيه عن قرار أتخذته بنفسك وطلبت مني ألاّ أرفع صوتي عند سماعه وألاّ أبكي عندها فقط عرفت ما كنت تنوي فعله وقبل أن تتفوه بكلمة واحدة قلت لك تريد أن تستشهد أليس كذلك ؟عندها أمسكت بيدي ووضعتها على قلبك وقلت لي ما فائدة الحياة ياحبيبتي ونحن شعب عربي حر نعيش تحت رحمة هؤلاء الكفرة ..عندها قلت لك إذن دعني أرحل معك فأنا لا حياة لي بعدك ياحبيبي..أرجوك دعني أرحل معك الى عالم يخلو من الحقد والكراهية .. دعني أرحل معك فبرحيلك عني يكون قلبي قد توقف عن الخفقان ..عندها قال لا لن أسمح لك بفعل ذلك اتريدينني أن أقبل بأن أقضي علي قلبي وجسدي في أن واحد .. كيف لي أن أن أقضي على قلبي الذي لا زال ينبض على أرض فلسطين ..فقط أدعي لي كلما مررت بجانب قبري وضعي عليه زهور الدالية والياسمين التي كنت تجمعينها لي كل صباح ..أرجوك كف عن قول ذلك وأعلم جيداً أنه برحيلك عني تكون الارض قد توقفت عن الدوران ويكون قلبي قد توقف عن الخفقان ..وفي اليوم التالي ذهبت معه لأشاهد قلبي وهو ينتزع مني .. ذهبت معه لأشاهد روحي وهي ترحل عن جسدي .. ذهبت معه لأشاهد دمه وهو يسيل على ذلك العشب الاخضر الذي سيصبح أحمر فور رحيله ذهبت معه لأشاهد أشلاءه وهي تطير في جميع أجزاء فلسطين ذهبت معه لأشاهد أفظع ما يمكن للعين أن تراه ..فلم أشأ أن أراه وهو يرحل عني أغمضت عيني و أذني تسمع صوت الانفجار يدوي في أرجاء فلسطين بأكملها لأسمع بعد ذلك زغاريد النساء وضحكات الاطفال وهم يقولون :عاش البطل .. عاش الشهيد عندها خلطت دموعي ما بين دموع حزن وفرح ..دموع حزن لأنني سوف أفتقدك كثيراً ودموع فرح لأنه يكفي أنني أحببت بطلاً فلسطينياً عاش لها ومات من أجلها .. * داليا عدنان الصادق