علي حماده:"حزب الله" هو المحرك المحلي الفعلي الوحيد للانقلاب، وقد وصل اليوم الى مفترق طرق جوهري. فبعدما تضررت هالته كثيرا بفعل شنه حربا في تموز لم يكن للبنانيين رأي فيها وأدت الى دمار كبير وسقط فيها ضحايا، ها هو اليوم ينحدر من وظيفة تحريرية كان يطلقها على نفسه، الى وظيفة تنظيم فئوي يتقاتل والناس في ازقة بيروت، دافعا العلاقات الطائفية والمذهبية الى احتقان لم يسبق له مثيل منذ انشاء لبنان، وبالتحديد بين المسلمين السنة والشيعة. وهنا قد يكون الاعتداد بالنفس الذي يميز قادة الحزب دفعهم الى تجاهل بديهية تاريخية لبنانية يدركها كل من يعرف لبنان حقا، وهي ان للقوة حدودا دونها التركيبة اللبنانية المعقدة، وان الاحتقانات المذهبية عندما تنفلت من عقالها لا تترك مجالا للكلام السياسي، ويصبح المنطق أسير الشارع على النحو الذي بدأ يسود في الايام الاخيرة. والحال ان "حزب الله" صاحب الهالة العربية والاسلامية الكبيرة التي بناها على مر السنين، يجد نفسه اليوم في منزلق خطر ومتسارع سينتهي به - اذا استمر - كميليشيا انتقلت من حرب الحدود مع اسرائيل الى حرب ازقة بيروت مع مواطنين لبنانيين. فهل هذا ما يصبو اليه حزب "النصر الالهي"؟ انه لسؤال كبير مطروح على تنظيم ذهب بعيدا في تطبيق اجندة خارجية واضحة المعالم، يجاهر بها اصحابها كمرشد الثورة في ايران، ورئيس النظام في سوريا. سؤال مطروح على "حزب الله" المدجج بالسلاح وبالصواريخ من خارج الاطار الشرعي للدولة، فضلا عن استمراره في تنمية بنية تتناقض تناقضا جذريا مع منطق الدولة. وهو مطروح بالحاح في الوقت الذي تلوح معالم حرب اهلية في ازقة المدن نتيجة سياسات بنيت على تجاهل فاضح لتاريخ لبنان ومعنى وجوده ككيان متميز. في هذا الاطار يمكن القول ان العنوان السياسي الفضفاض (حكومة وحدة وطنية) الذي يتخفى خلفه "حزب الله" كما القوى الاخرى التي يلون بها تحركه، يعجز عن اخفاء محاولة الانقلاب على الشرعية في لبنان، وكذلك اخفاء مقاصد "حزب الله" والاجندة الخارجية التي يطبقها في لبنان، من محاولة ضرب المحكمة الدولية، الى محاولة الاستيلاء على حياة اللبنانيين، ونسف جوهر لبنان الديموقراطي والتعددي واعادته الى عهد وصاية سورية - ايرانية مزدوجة بواجهة لبنانية فئوية. لكن المشكلة ان "حزب الله" لا يستطيع بلوغ اهدافه المعلنة، ولا يستطيع السيطرة على لبنان من دون ان تنفجر البلاد في وجهه. وقد وصل الى مفترق الطرق الخطر الذي اشرنا اليه، وفي يده مفاتيح العودة الى العقل، او اسقاط البلاد ونفسه في جحيم النزاع الاهلي الذي لن ينتصر فيه لا هو ولا اي لبناني آخر. فقد هز "حزب الله" الشجرة اللبنانية بكل حساسياتها الضاربة في التاريخ اكثر مما تتحمل. ومع ذلك وحده يستطيع ان يعود الى الاتزان فيعيد اللعبة السياسية الى رشدها، لانه بعدما غامر بلبنان في حرب مع اسرائيل، نراه اليوم يغامر بدفعه نحو انفجار داخلي كبير. ويخطئ كثيرا ان ظن الحزب وقادته انهم سيحققون شيئا بهذا الاسلوب، هذا اذا لم يكن ادخال لبنان في الجحيم هو الهدف الحقيقي من كل ما يجري. [c1]نقلا عن/ صحيفة النهار البيروتية[/c]
أخبار متعلقة