أضواء
ليس هنالك مجال لجلد الذات. لكن بحق، نحن نريد أن نهزم أعداءنا بكثرة الدعاء.اسرائيل لا تهزم بكثرة الأدعية واللعنات التي تصب عليها عبر المنابر الإعلامية، أو عبر دور العبادة! اسرائيل لا تهزم بكثرة التبرعات على الرغم من أهميتها. اسرائيل لا تهزم بكثرة المظاهرات.الذي يهزم إسرائيل هو وجود الديمقراطية. وبقدر ما تكون الديمقراطية العربية قوية، تخشانا إسرائيل. وبقدر ما نؤسس مجتمعا مدنيا ومجتمعا معرفيا ودولة حديثة، مصنعة، وذات اقتصاد متين، نضعف إسرائيل.اسرائيل لم تكتف بقدرتها العسكرية، بل عززت دولتها الغاصبة بكل مكامن القوة، والتي منها الديمقراطية التي تقوي وجودها لدى شعبها، والتركيز على التعليم والمعرفة والمجتمع المدني. إسرائيل الغاصبة ركزت أيضا على التعليم، فترشحت لها سبع أفضل جامعات من خمسمائة جامعة في العالم. عرفت مسبقا أنها إذا قويت من كل النواحي وفي كل القطاعات، فإنها ستحصن نفسها كدولة غاصبة واقعة في محيط ينبذها ويكرهها. يجب أن نحارب إسرائيل بالقوة ذاتها وفي كل الميادين.. العسكرية والتعليمية والاقتصادية والإعلامية.وفوق ذلك، استطاعت الدولة العبرية أن تدول كذب مظلوميتها من العرب، وبأنها مهددة منهم عبر اختراقها للإعلام العالمي.الغريب في الأمر هو تحمل النقد عبر الأحزاب والصحافة.بعد حرب تموز، تلقت نقدا عنيفا من قبل مؤسسات المجتمع المدني، فهل نستطيع نحن هنا أن نمارس النقد لأي خطأ نرتكبه؟ افتحوا النوافذ للحرية في العالم العربي، وافتحوا المجال للنقد العلمي، إذ ذاك سيتركز المجتمع المدني وتتعمم ثقافته العملية والعقلانية المتجسدة باحترام القوانين والحرية وحقوق الإنسان... والحرية العربية هي التي تقوي الإنسان العربي وهذا عامل يخوف اسرائيل ايضا.ابحثوا إذن عن مكامن قوة إسرائيل وبأخذ الأسباب، تستطيعون أن تحاربوا اسرائيل بأسلوب واقعي.تفردت إسرائيل بغزة وأهلها، لأنها تعلم مسبقا بأننا مشتتون وحاضرون لنهش بعضنا ببعض. بدأ بعضنا يشتم بعضا، وهناك دول عربية تستقوي بإضعاف نظيرات لها.اسرائيل وجدت الحرب حاضرة بين الفصائل الفلسطينية ذاتها فراحت تمعن في التنكيل.. فثمة أكثر من قرار فلسطيني وأكثر من رأس... وتعدد القيادات يقود الى استفراد العدو بأي دولة، أو مجتمع أو أمة.الذي ضيع العرب في حرب 67 هو الضغط على عبدالناصر جماهيريا لدخول حرب لم يكن مستعدا لها، فكانت النتيجة الهزيمة وموت عبدالناصر بعد سنوات قليلة.مازلت أتذكر اجتماع صدام مع جنرالاته، عندما راح يصرخ سنقضي على إسرائيل. كل ذلك موثق في موقع اليوتيوب. صدام كان يريد ان يقضي على إسرائيل بالدولة البوليسية، وبشعب أنهكته الحروب الخاسرة!!.لو ركز صدام على الديمقراطية وعمل بموجبها وشروط أحكامها لكان استطاع أن يقضي بالفعل على إسرائيل. آخر ما شاهدته هو فيلم وثائقي يجمع لقاء بين الممثل المصري محمد صبحي مع مجموعة من مثقفي مصر، وصدام حسين، وراح صبحي يلح على صدام للتقدم وتزعم القيادة.تجربة غزة ووجعها الكبير يحتم علينا أن نعيد حساباتنا، وأن نعرف مكامن قوة إسرائيل لنكون أقوى منها، وإلا فلن نحصد من قراراتنا الخاطئة إلا المزيد من الكوارث والأوجاع كما سماها علي حرب في كتابه القيم «الآلهة الجدد».إسرائيل الغاصبة لن تواجه بصراخ المنابر، ما لم يرافقه صراخ عسكري وصراخ ديمقراطي وصراخ علمي واقتصادي ومعرفي، فهل نعي ذلك؟ختاما، إلى شهداء غزة الأبية ألف تحية وسلام، وسامحينا أيتها المتحدية الرائعة، لأننا أمة اللغو والكلام.[c1]*عن / صحيفة «أوان» الكويتية[/c]