شخصيات خالدة
ولد الشيخ محمد بن عياد بن سعد بن سليمان الشافعي في قرية نجريد من أعمال مركز طنطا بمصر سنة 1810م . كان والده من طبقة خاصة من التجار. بدأ محمد عياد الطنطاوي دراسته في مرحوم، وكان عماد هذه الدراسة حفظ القرآن الكريم. ثم أرسله والده إلى طنطا. ففيها كان المجال واسعاً للتعليم والدرس، فمسجدها ومدرسة المسجد الأولى في المدينة كانت المحطة المألوفة لمن يريد أن يستزيد من الدراسة في الجامع الأزهر. تمت للشاب اليافع رغبته، وقرأ في الأزهرعلى علماء كبار «متنورين» من أمثال الشيخ حسن العطار (تو. 1835م) والذي تولى مشيخة الأزهر فيما بعد . ومع أن الطنطاوي قرأ على هؤلاء وغيرهم قواعد الفقه وأصول الشرع ، بعد التفسير والحديث ، فقد اتجه نحو الأدب وما يتعلق به من دراسات في الشعروالمقامات ، شارحاً إياها مفسراً غامضها مكتشفاً قيمتها باحثاً عن معانيها الخفية. أتهم الطنطاوي « بترويج البدع إذ انصرف إلى الشرع والأدب بدلاً من الانصراف إلى مباحث الفقه والحديث، حتى تمنى البعض موته حين أصيب بطاعون سنة 1836م، المرض الذي عاناه مدة عشرة أيام بلا نوم، وغاب عنه الإحساس والإدراك حتى سلمه الله وانفتحت البثور ثم تعافى بعد أسبوعين.اتصل محمد عياد الطنطاوي بالمستشرقين الروس وربطت بين الطنطاوي وفئة من المستشرقين، صداقات وزمالات . وعمل الطنطاوي في مدرسة الألسن الشرقية في بيتربورغ (سنت بطرسبورغ) معلما للعربية. عانى الشيخ الطنطاوي في أيلول/سبتمبر 1855 شللاً أصاب أطرافه السفلى، ثم امتد هذا إلى يديه. ومع ذلك فقد ظل يعمل، بقطع النظر عن الصعوبات المرضية متسلحاً بإرادة حديدية. لكنه خضع للضعف العام الذي ألم بجسمه، ووري الثرى في مقبرة فولكوفو الإسلامية سنة 1861م . لم يقتصر وجود الشيخ الطنطاوي في روسيا على التعليم في المعاهد التي عهد إليه بالتدريس فيها، بل إنه «حظي بعناية متميزة في الدولة الروسية، حيث عين مستشاراً في الدولة الروسية، وقلده القيصر وسام ستانيسلان ووسام القديسة حنة، بسبب امتياز التلاميذ في البحث.. كما قلده القيصر خاتماً مرصعاً بالألماس الغالي. كان الطنطاوي يتنقل في أنحاء البلاد الروسية، ويحضر الأعياد الشعبية والحفلات الرسمية. وكان يميل إلى قرض الشعر في مناسبات كثيرة. وبعض شعره الذي ورد في «التحفة» جميل جيد.وللطنطاوي قاموس عربي فرنسي طبع في قازان (1849)، ومعجم تتري عربي، وترجمة الباب الأول من كلستان لسعدي الشيرازي وترجمة مختصر تاريخ روسيا. فضلاً عن عشرات من الدراسات. أما أهم ما كتب فكان كتاب «تحفة الأذكياء بأخبار بلاد الروسيا». وهو يتكون من قسمين واضحي الفرق. الأول هو رواية الرحلة وأخبارها من القاهرة إلى بطرسبورغ (بتربورغ). أما القسم الثاني، الذي يتناول فيه روسيا، فهو نتيجة درس وبحث واطلاع وتعرف على الأماكن والأشياء التي تناولها تاريخاً ووصفاً بأسلوب دقيق واضح.