واشنطن / نيويورك / متابعات:واصلت الصحف الأميركية رصد الواقع العراقي وتداعياته على الداخل الأميركي وهناك شبه إجماع على ضرورة التخفيف من التواجد العسكري للاحتلال الأميركي في العراق. وانتقدت عدم تخصيص الإدارة الأميركية مزيداً من المساعدات للعراق لأن التزام الحكومة الأميركية إكمال ما بدأته من مشاريع حيوية في العراق سيقلص من أعداد العراقيين المستعدين لمهاجمة قوات الأمن العراقية وجنود الاحتلال الأميركيين كذلك. لكن الأبرز هو الكشف عن ان الناتج المحلي الإجمالي في العراق ما زال في المستوى الذي كان عليه في العام 2002 قبل الغزو وهو مستوى سيئ جداً نظراً إلى ان العراق كان في حينها يرزح تحت العقوبات الدولية. ما يعني ان عراق ما قبل الغزو هو عراق ما بعده!.. وهناك من كشف عن خطة أميركية لنقل المسؤوليات الأمنية إلى القوى العراقية المحلية تمهيداً لتقليص عدد القوات الأميركية في العراق، لكن معلومات التقارير تفيد ان هذه المسألة لن تصبح في حيز التنفيذ قبل نهاية العام 2006م. وأكد أحد كبار المستشارين الأميركيين السابقين ان الرهانات أمام أميركا والعالم بأسره كبيرة لا سيما ان العراق يقع في إقليم أساسي وهام بالنسبة للنظام العالمي، فالإخفاق في العراق من شأنه أن يتسبب بكارثة كبرى في الشرق الأوسط والعالم برمته.. لكن هذه النتيجة محتومة أيضاً في غياب الوجود الأميركي. أما السبيل إلى النجاح فهو قيام حكومة عراقية مركزية تلبي احتياجات الشعب وتولي اهتماماً بحقوق الأقليات وتبدي إصراراً على العيش بسلام مع جيرانها. أما العنصر الثاني فيكمن في تأسيس جيش نظامي عالي الكفاءة يكون ولاءه للحكومة المركزية الوحيدة. ومن المعلوم ان البيت الأبيض قد دعا قبل فترة كافة المستشارين والرؤساء الأميركيين السابقين إلى المشاركة في وضع الحلول أمام إدارة جورج بوش للخروج من المأزق العراقي. وتعليقاً على نتائج الانتخابات العراقية، رأت "نيويورك تايمز" في افتتاحية عددها الصادر يوم امس ان تنظيم انتخابات ديمقراطية في بلد لم يشهد سوى الحكم الديكتاتوري هو تقدم جوهري. وأشارت إلى ان النتائج لم تكن مفاجئة، ولكنها حملت تطورات مشجعة أهمها حصول الأقلية السنّية على تمثيل برلماني موسع. غير انها استدركت بأن حكم الأكثرية في العراق لن ينجح إلاّ إذا قامت قوى هذه الأكثرية بمد يدها للأقليات الأخرى والاستجابة لمخاوفها الشرعية. محذرةً من ان تضييق الخناق على السنّة داخل البرلمان قد يساهم في استمرار "التمرد" وينقل اهتمام البرلمان الجديد من استغلال الفرص لبناء العراق إلى مواجهة تحديات الحرب الأهلية. إلاّ ان "نيويورك تايمز" رأت أيضاً ان الديمقراطية العراقية تفتقد إلى الأمن والفرص الاقتصادية واحترام حقوق المرأة والأقليات. لذلك دعت الصحيفة الأميركية إلى إصلاح الدستور عبر التأكيد على الأولويات الاقتصادية والمالية والسياسية للحكومة المركزية، وضمان حقوق المرأة وحصر القيود المفروضة على أعضاء حزب البعث المنحل بقياداته السابقة المسؤولة عن ارتكاب جرائم خطيرة في ظل الحكم السابق. كما حذرت السياسيين العراقيين من تكرار خطأ العام الماضي بإرجاء تشكيل الحكومة لأن ذلك من شأنه أن يحبط الناخب ويضعف الحكومة الجديدة. ودعت إلى الإسراع في تشكيل هذه الحكومة على أن تضم جميع الأحزاب السنيّة فضلاً عن الأحزاب الصغيرة التي تمثل الأقليات الأخرى.وكان قد تصدر صفحة "نيويورك تايمز" الأولى تقرير خاص حول العراق. خصوصاً ما يتعلق بعملية نقل المسؤوليات الأمنية إلى القوى العراقية المحلية تمهيداً لتقليص عدد القوات الأميركية في هذا البلد، لكن معلومات التقارير تفيد ان هذه المسألة لن تصبح في حيز التنفيذ قبل نهاية العام 2006. ونقلت عن مسؤولين عسكريين أميركيين رفيعي المستوى، ان القادة الأميركيين قرروا تعيين أكثر من ألفي مستشار في الشرطة العسكرية الأميركية للعمل جنباً إلى جنب مع ضباط الشرطة العراقية وذلك من ضمن جهود التعاون الثنائي بين الأميركيين والعراقيين من أجل تدريب وتأهيل الشرطة العراقية. وأضاف المسئولون العسكريون عينهم ان هذه الجهود بدأت للتو في بغداد، لكنها ستتسع لتشمل دوائر الشرطة المحلية والإقليمية ومراكز قيادة الضواحي في المحافظات الثماني عشرة وذلك بحلول نهاية الشهر الحالي. وأشارت المصادر عينها إلى ان حوالى 80 ألف ضابط في الشرطة المحلية في أنحاء العراق مدربون ومجهزون، أي نصف العدد المطلوب وهو 135 ألف جندي عراقي بحلول العام 2007. وأوردت الصحيفة الأميركية تعهد كبير العسكريين الأميركيين الجنرال جورج كايسي بأن يكون العام 2006 "عام الشرطة" وهذا ما اعتبرته "نيويورك تايمز" اعترافاً ضمنياً بأن الفساد وعمليات التسلل إلى صفوف القوات العراقية تقف عائقاً أمام أي خطة أميركية تهدف إلى تقليص عديد الجنود الأميركيين خلال هذا العام. ونقلت عن عدد من الضباط الأميركيين الكبار ان الهدف الأميركي في المرحلة الراهنة هو تدريب ضباط الشرطة العراقية حتى يتمكنوا من تسلم واجبات تعزيز دور القانون في الأشهر المقبلة عبر وحدات من الجيش العراقي التي تعمل على تخفيف الضغط الآن عن الجنود الأميركيين. على صعيد متصل أكد برنت سكوكرفت (رئيس منتدى السياسة الدولية ومستشار الأمن السابق للرئيسين الأميركيين الأسبقين جيرالد فورد وجورج بوش الأب) في مقالة تحت عنوان "لا بد من التركيز على "النجاح" في العراق"، في "واشنطن بوست" ان القضية المركزية التي تواجه الأميركيين في العراق هي كيفية التحرك إلى الأمام بفاعلية أكثر. وإذ أشار سكوكرفت، إلى الأجواء الأميركية التي سبقت الانتخابات العراقية وتزامنت معها من سجال وصفه بأنه عاطفي في الولايات المتحدة إزاء مستقبل الوجود الأميركي في العراق، اعتبر ان تزامن هذه الأحداث قد أعطى القيمين فرصة نادرة لإعادة النظر في دور القوات العسكرية الأجنبية والمجتمع الدولي في هذا البلد عندما يصبح بإمكان العراق اتخاذ الخطوة التالية في طريق عودته إلى الأسرة الدولية. وشدد سكوكرفت، على ان الرهانات أمام أميركا والعالم بأسره كبيرة لا سيما ان العراق يقع في إقليم أساسي وهام بالنسبة للنظام العالمي، مؤكداً ان الإخفاق في العراق من شأنه أن يتسبب بكارثة كبرى في الشرق الأوسط والعالم برمته. واستدرك مؤكداً ان هذه النتيجة محتومة في حال غابت الرعاية والوجود الأميركي عن العراق. هذا وقد رأى سكوكرفت، ان ثمة عنصرين أساسيين للنجاح في العراق، أولهما قيام حكومة عراقية مركزية تلبي احتياجات الشعب بشكل كاف يضمن دعمهم الدائم لها، وتولي اهتماماً بحقوق الأقليات من أجل كسب ولائهم، كما تبدي إصراراً على العيش بسلام مع جيرانها. أما العنصر الثاني فيكمن في تأسيس جيش نظامي عالي الكفاءة يقدم ولاءه ليس لعناصر متنوعة بل للحكومة المركزية الوحيدة. وخلص إلى ان الوقت حان للتركيز على الأهداف طويلة الأمد في العراق وعلى السبيل المؤدي إلى تحقيقها على أكمل وجه وبتكلفة مقبولة ومعقولة. الى ذلك انتقد الخبير الاميركي بشؤون الشرق الأوسط مايكل أوهانلون في "واشنطن بوست" قرار إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش عدم طلب المزيد من المساعدات للعراق من الكونغرس هذا العام. واعتبر ان هذه الخطوة خطأ استراتيجياً كبيراً، فالبنية التحتية في هذا البلد ما زالت في وضع يرثى له كما ان معظم العراقيين عاطلين عن العمل. ورأى أوهانلون، ان قطع المساعدات عن العراق سيكون خبراً مفاجئاً لأنه يصدر عن رئيس ارتكزت سياسته في العراق على الالتزام بمواصلة التقدم لإنجاز "المهمة" الأميركية هناك، فالاقتصاد هو عنصر أساسي في أي استراتيجيا ناجحة تجاه العراق. محذراً من ان وقف عملية إعادة بناء العراق تضع الأهداف الأميركية في هذا البلد في مهب الريح. وشدد المعلق الأميركي على ان العراق ما زال يحتاج للمساعدات والرعاية الخارجية، فالناتج المحلي الإجمالي ما زال في المستوى الذي كان عليه في العام 2002 وهو مستوى سيئ جداً نظراً إلى ان العراق كان في حينها يرزح تحت العقوبات الدولية. وحذر أيضاً من ان استمرار التدهور الاقتصادي سيعزز من مشاعر النقمة لدى العراقيين تجاه الأميركيين ويضاعف بالتالي من تأييدهم للتمرد. انطلاقاً من هذه المعطيات، دعا أوهانلون، الحكومة الأميركية إلى الالتزام بإكمال ما بدأته من مشاريع حيوية في العراق لأن ذلك سيقلص من أعداد العراقيين المستعدين لمهاجمة قوات الأمن العراقية والجنود الأميركيين كذلك.