(1) ظل العرب طوال تاريخهم الحديث يبحثون عن أفق.. عن رؤية تجمعهم وعن مشروع حضاري يعزز مكانتهم ويُعلي من شأنهم بالرغم من وجود قدرات عربية عالية.. ومن كفاءات علمية وفكرية واقتصادية وثقافية وإبداعية على قدر كبير من الأهمية.لقد برزت الحالة الفردية عند الإنسان العربي أكثر من الحالة الجماعية القائمة على رؤية مؤسساتية واسعة وشاملة والمؤسسة على فكر يأخذ بأهمية الدور الذي ينبغي أن تنهض به الجامعات والمؤسسات العلمية والثقافية..ومن ثم صياغة مشروع عربي.. حضاري يتداخل فيه ما هو سياسي وفكري وثقافي واقتصادي ويصبح العقل العربي هو الذي ينبغي أن يكون وان يسود وأن يتحول العمل العربي الى «فعل» وليس الى «انفعال» وإلى وعي بضرورة الخروج من مرحلة التخلف إلى مرحلة التقدم.(2) كيف يمكن للعرب أن يتحولوا إلى أمة يُحسب لها.. وإلى قوة لا يستهان بها، على كل المستويات.. وفي كل المجالات؟أحسب أن الإنسان العربي.. بقدراته وبمقدراته قادر على تجاوز الصعاب وعلى تخطي الصعوبات وعلى جعل الإرادة هي هويته في هذا الصراع الذي تواجهه المنطقة.وأحسبأن هناك نوايا صادقة ورغبة حقيقية في الوصول إلى الحدود القصوى من التحدي.. تحدي حالة الهزيمة التي تعيشها الذات العربية، وتحدي كل ما من شأنه أن يعرقل مسيرة الأمة ويحد من تطورها وتقدمها.. ولكن ما العمل؟إن بروز هذا العمل إلى الضوء.. ولكي يصبح حقيقة لا مجرد حلم أو وهم ينبغي وضع إستراتيجية كاملة وشاملة يشترك في صياغتها وبلورة أفكارها نخبة من أكبر وأبرز المفكرين العرب في الداخل العربي وفي خارجه.. في داخل الجغرافيا العربية وأولئك الذين هم في المنافي والمهاجر.. كما يرى الدكتور سعد الدين إبراهيم وأن يصبح هناك زمن عربي آخر وذاكرة عربية أخرى.. وإرادة عربية أخرى أكثر مواجهة لأخطاء الماضي.. وأخطاء الحاضر والمستقبل على السواء.(3) اليوم.. وفيما العرب في حالة تيه.. تنعقد قمة الرياض وهي قمة مختلفة وتأتي في لحظة تاريخية وسياسية مختلفة أيضاً.. فمن الشأن الفلسطيني الذي هو الآن في حالة اتفاق لا افتراق بعد لقاء مكة الذي رعته المملكة إلى الشأن العراقي الغارق في الدم والاحتراب والقتل..والوضع المتشظي في المجتمع العراقي من ضياع البوصلة إلى ضياع الهوية، ثم نجد أنفسنا أمام الشأن اللبناني بكل تعقيداته وتشابكاته الطائفية. هناك قضايا شائكة لابد من تفكيكها ومن ثم اعادة النظر في المسكوت عنه «سياسياً» عبر العلاقة ما بين الدول العربية نفسها.. بعضها ببعض.. ثم تلك العلاقة الملتبسة مع الولايات المتحدة الأمريكية.آن الأوان أن يخرج العرب من تكريس الحالة القُطرية والارتماء في أحضان وداخل الدولة الواحدة إلى الانتقال إلى حالة الأمة وأن ينتقل العرب من اللحظة الآنية المرتبطة بمنافع ومصالح الدولة.. إلى اللحظة المستقبلية المرتبطة بمنافع ومصالح الأمة. لقد كانت القمة العربية في الرياض هي قمة الأمل والعمل وفاتحة لمشروع إصلاح على كل المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ولابد أن تتحول لحظة فارقة في التاريخ العربي بوصفها قمة الوضوح والشفافية والمصارحة ولأن المبادرة العربية كانت رسالة سلام إلى إسرائيل وإلى العالم، فمن الطبيعي أن تكون قمة الرياض بداية لمشروع إصلاح ومصارحة.. والتعامل مع الأحداث بكثير من المسؤولية والعقلانية.. والحوار الحضاري مع الذات العربية وعن القضايا العربية أولاً ومع العالم ثانياً..[c1]* نقلاً عن صحيفة (عكاظ) السعودية[/c]
من قمة «الإصلاح».. إلى لحظة «المصارحة»
أخبار متعلقة