إنّ أخطر عضو فِي الإنسان: اللّسان، لأنّ كلّ الأعضاء يصيبها التّعب وحبّ الرّكون إِلَى الرّاحة إِلاَّ اللّسان، فَهُوَ يعمل بكلّ نشاط، وَلاَ يصيبه التعب إِلاَّ عِنْدَ التّوقف عَنْ الحركة، وبه يكون السّقوط إِلَى الهاوية، قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ وَهُوَ يسأله ( كُفَّ عليك هَذَا! ) وأشار إِلَى لسانه، قَالَ: يَا نبيّ الله! وإنّا لمؤاخذون بِمَا نتكلّم به؟ قَالَ: ( ثكلتك أمّك يَا معاذ! وهل يكبّ النَّاس فِي النّار عَلَى وجوههم أَوْ مناخرهم إِلاَّ حصائد ألسنتهم؟ ) ولذلك كَانَ لاَ بدّ لهذه الآلة من شغل تعمل بِهِ حتّى لاَ نقع فيما حرّمه الله وليس لَهَا إِلاَّ الذّكر الَّذِي يكون فِي شهر رمضان شهر القرآن (( شهر رمضان الَّذِي أُنزل فِيهِ القرآن هدىً للنّاس وبيّنات من الهدى والفرقان )) [البقرة: 185] فِي هَذَا الشّهر يتعوّد اللّسان عَلَى ذكر الله وقراءة القرآن والدّعاء ويصبح اللّسان آخذ بالذّكر فِي حالة عمله مبتعداً عَنْ الشّر، قريباً من الله عَزَّ وَجَلَّ (( وَإِذَا سألك عبادي عنّي فإنّي قريب أجيب دعوة الدّاعي إِذَا دعان )) [ البقرة: 186]، ولذلك بشّر الله الذّاكرين لَهُ فِي الحديث القدسي ( أنا عِنْدَ ظنّ عبدي وأنا معه إِذَا ذكرني، فَإِذَا ذكرني فِي نفسه، ذكرته فِي نفسي، وإن ذكرني فِي ملأٍ ذكرته فِي ملأٍ خير منهم ) صحيح الجامع (8137). ولهذا كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من الذّكر والدّعاء وقراءة القرآن فِي هَذَا الشّهر وفي ذَلِكَ تبعه الصّحابة رضوان الله عليهم والتّابعون فكانت لهم ألسناً يذكرون بِهَا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم، فكان فِي هديه عِنْدَ فطره أَنْ يقول: ( ذهب الظّمأ وابتلّت العروق وثبت الأجر إن شاء الله ) صحيح الجامع (2066). وإن أفطر عِنْدَ قوم دعا لهم ( أفطر عندكم الصّائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وتنزّلت عليكم الملائكة ) صحيح الجامع (1137)، وقوله لعائشة لمّا سألته مَاذا تقول فِي ليلة القدر من الدّعاء، قَالَ لَهَا قولي: ( اللهم إنّك عفوٌّ تحبّ العفو فاعفوا عنّي ) صحيح الجامع (2789)، وكان صلى الله عليه وسلم يتحرّى الثلث الأخير من اللّيل لما لَهُ من الفضل والاستجابة من الدّعاء.فعليك بالاجتهاد والذّكر والخشوع لله عَزَّ وَجَلَّ واعلم ( إنّ الله رحيم حييٌّ كريم يستحي من عبده أَنْ يرفع إِلَيْهِ يديه ثُمَّ لاَ يضع فيهما خيراً ) صحيح الجامع (1768)، فادعوا الله أَنْ يحفظكم ويحفظ عليكم ألسنتكم. والله المستعان.
فضل الذكر
أخبار متعلقة