“الاختطاف” .. ماله وما عليه
الاختطاف مدان جملة وتفصيلاً، وهو مدان بالعقل والعرف فضلاً عن القانون والدستور، ولكنه أيضاً وقبل هذا أو ذاك جريمة يحرمها الدين والشريعة. وماذا أيضاً؟لسنا المجتمع الذي لا يعرف ذلك، أو لا يعرف أن الاختطاف جريمة نكراء وسلوك أهوج يستهجنه العامة والخاصة على السواء.ومن المغالطة والظلم بمكان الحديث عن “الاختطاف” وكأنه سلوك طبيعي في المجتمع.. مسكوت عنه .. أو التهويل الدعائي والإعلامي غير المسؤول إلى حد تصوير حوادث متفرقة ومتباعدة وكأنها بمثابة ظاهرة عامة أم ظاهرة اجتماعية!ولكن الواقع يقول ان حالات اختطاف تتم أو تحدث بين فترة واخرى، او من وقت لاخر، وفي أماكن مختلفة وعلى خلفية أسباب وقضايا متفاوتة، هذا شيء لا يمكن إنكاره أو طمس الحقيقة الواقعة بخصوصه.ولكن، من قال إن الاختطاف مرضي عنه او مقبول في اليمن، سواء على المستوى الشعبي او على المستوى الرسمي؟ ومن قال ان المؤسسة الأمنية تهادن جرائم من هذا النوع أو أنها لا تتصدى للمجرمين وممارسي الاختطاف وتلاحقهم وتحاصرهم في أماكن هروبهم وتحصنهم؟!ومن قال ـ ثالثاً- بان الأجهزة الأمنية لم تعمل مراراً على تخليص المختطفين وتحريرهم وإخضاع الجناة للمحاكمة وسلطة القضاء؟!للأسف فان هناك من الكتابات والتناولات الصحافية والإعلامية ما يعمل خارج الموضوعية وبعيداً عن الإنصاف، بل ويعمد البعض، أو يتعمد الباس الحالات الفردية رداءً أوسع وأكبر منها بكثير، ويحيلها ـ بأمره وحده لا بأمر الواقع أو الحقيقة- إلى ظاهرة عامة وكأن الاختطاف في اليمن سلوك يومي يمارسه عامة الناس.. تماماً كالمقيل أو تناول القات!!على أن الذين يهولون ويجسمون الحالات المعزولة والشاذة ويبالغون في استدعاء دموع التماسيح أو التباكي ـ غير النزيه- على القانون والنظام واحترام السيادة والسلطات المدنية، حيال حادثة اختطاف هنا أو هناك، لا يكون دافعهم المحفز هو خدمة الحقيقة أو الترويج المهني المجرد والمنصف والموضوعي لثقافة القانون واحترام سيادته وسلطاته المدنية في أوساط الجماهير والقراء والمتلقين، بل على العكس تماماً.. يحرض ضد المؤسسات المذكورة ويعرض بها ويتحامل على رجال الأمن ومنفذي القانون وحراس السكينة المجتمعية.دائماً، هناك نعرات سياسية وخلفيات حزبية وغيرها تتوخى المناسبات والأحداث المشابهة.. من هذه الشاكلة.. لتصب الزيت في النار وتوظفها بطريقة مدانة وغير نزيهة ولا بريئة، اما نكاية بالسلطة والوضع العام، واما للتشكيك في كفاءة ومقدرة المؤسسات الأمنية والعدلية والذهاب أبعد من ذلك إلى التحامل على رجال الأمن والإمعان في أذيتهم وجر الإساءات إليهم، وغالباً فان هذه النوعية من التناولات والكتابات لا تتم وفقاً لمقتضيات إعلامية أو مهنية وإنما تحكمها وتوجهها مقتضيات سياسية وحزبية لها علاقة وطيدة بالتأزيم السياسي والمناكفات الإعلامية وحتى الثارات الحزبية البلهاء!!ودعونا نذكر، أو نتفق للمرة العاشرة بعد المليون،بان الاختطاف في فهم وثقافة وعادات وقيم المجتمع اليمني جريمة وجناية وسلوك مدان ومجرَّم.وسواء تعلق الأمر باختطاف سائح أو ضيف أجنبي، أو تعلق باختطاف مواطن يمني.. رجلاً أو امرأة .. كبيراً أو صغيراً، وما من شك فان هذه الجريمة تكون مضاعفة وبلا حدود في حالة اختطاف طفل صغير يفترض أن يكون في مدرسته وان يعود إلى أبويه وأسرته، ولكن أحدهم قرر أن يخطفه وأن يعرض نفسه ومن ورائه لسلطات القانون وعقوبة القضاء وملاحقة رجال الأمن ـ كائناً من كان، وأياً تكن دواعيه أو أسبابه الحمقاء المعلنة والملعونة والتي لا يمكنها أبداً أن توفر له غطاء أو تبرر جريمته أو تعفيه من الملاحقة والمحاكمة، طال الزمن أم قصر.هذه مسلمات وأوليات لا خلاف عليها ولا سبيل إلى الطعن فيها أو القول والزعم بان الخاطفين محصنون باعتبارات ومزاعم وخلفيات قبلية أو رسمية أو خلافها، فهذا القول مردود عليه، والذين يروجون له هم الذين يتباكون على القانون والمؤسسات، وهم الذين يريدون تزييف الوعي والحقيقة. بل وهم الذين يختطفون الحقيقة والوعي ويمارسون ذات الجريمة وان اختلفت الأحوال والضحايا!!الملاحظ، والأكيد، هو أن الترويج لحصانة الخاطفين لم يقل به أحد إلا من يطعن في كفاءة ونزاهة القانون ومنفذيه، وهم يريدون إشعال حرب طاحنة وتفجير صراعات لا حدود لمحاذيرها ومحظوراتها من أجل حل مشكلة أو تحرير مختطف، والحقيقة انهم لا يفكرون بالضحايا والمختطفين بل بشيء آخر يدفع إلى توريط المؤسسة الأمنية والإدارة الحكومية والدولة نفسها في مواجهات وتهورات يمكن تلافيها وحل القضايا بحزم وحسم وبأقل قدر من الخسائر والتبعات، ما تقتضيه الحكمة شيء آخر يختلف عما يفترضه العقل المدفوع بالعنف أو بالعاطفة المجردة. وأمور الدولة وواجبات المؤسسات لا تدار بعقلية العصابات ولا بمنطق الانفعال المجاني على الورق!دائماً ـ يتركز هم وهدف رجال الأمن على ضمان سلامة المختطف (الضحية) ـ بفتح الطاء- وعدم تعريض حياته للخطر، وفي سبيل ذلك لابد من قدر وافر وكبير من الحكمة والمرونة.. والحزم والشدة أيضاً، وبعدها يمكن تدبر أمر الجناة والخاطفين. وهذا ما لا يود المنفعلون التفكير به، بل مجرد الضوضاء واصطناع المناسبات الكيدية وتخريب كل شيء في لحظة مجنونة واحدة(!)ليس هناك ما هو أسهل من تحريك المدرعات والأطقم المصفحة وإشعال حرب أو مواجهة عنيفة مع خاطفين يتحصنون في الجبال أو داخل مناطق مأهولة بالسكان، عندها لن يضمن أحد سلامة العشرات والمئات وحياتهم من أجل تحرير شخص يمكن تحريره بايسر من ذلك، وهنا تأتي وظيفة الحكمة والمرونة وطول النفس، فرجال الأمن حريصون على حياة الناس ويحمونها وليس في حسبانهم ممارسة المغامرات الباهظة من أجل إرضاء المشككين أو مجاراة الكتاب والسياسيين المعزولين عن واقع مجتمعهم والظروف الاجتماعية والأمنية على الأرض.ولن يكون مهماً بالمرة أو مفيداً الإصغاء الى المحرضين على إشعال الحرائق أو تفجير بؤر مواجهات مجانية، وليس من مسؤولية أو واجب رجال الأمن ومنفذي القانون وحماة المجتمع إرضاء قليلي العقل وكثيري الزوبعة والمشككين(..) ومهما قيل، فلن يفقد المجتمع ثقته بالمؤسسة الأمنية وحماة السكينة، لأن فقدان الثقة ـ كما يدفع نحوه المزوبعون- يعني فقدان كل شيء والذهاب إلى جهنم الحمراء، وهذا مبلغ الجنون .. ولن يكون(!)وفيما خص الطفل علي العديني الذي نسجل تعاطفنا وتضامننا بلا حدود مع أسرته وأبويه فسوف يعود سالماً بإذن الله، وسينال خاطفوه عقابهم المستحق ورجال الأمن يعملون بحرص ومسؤولية للوصول إلى ذلك، وقد تم اعتقال جناة وحوصرت المنطقة وجار انجاز البقية من الأهداف.. وهذا ما سيكون.