ما الذي يعنيه احتضان العاصمة صنعاء لمؤتمر دولي يحمل اسمها حول الديمقراطية والإصلاح السياسي وحرية التعبير؟وما الذي يعنيه تزايد الاهتمام بالعملية الديمقراطية الجارية في بلادنا في هذه الحقبة من عصرنا الذي تتسم بتعاظم الميول نحو تعظيم مفاعيل الحرية والديمقراطية والمشاركة الشعبية في إدارة شؤون الحكم وتقرير مصائر المجتمعات والأمم؟لا ريب في ان ثمة اهتماماً واعترافاً متزايدين بأهمية الدور الذي تلعبه التحولات الديمقراطية في اليمن كحافز لدعم التوجهات والتجارب الديمقراطية في المحيط الاقليمي والعربي والافريقي.الثابت ان النظام السياسي الديمقراطي التعددي في اليمن كان ولا يزال يجتذب اهتماماً عربياً ودولياً لجهة ما يتميز به من حيوية وديناميكية وقابلية للتطور، وهو الأمر الذي لا يمكن فصله عن ميلاد الجمهورية اليمنية الموحدة في الثاني والعشرين من مايو 1990م، والدور التاريخي الذي لعبه قائد مسيرة الوحدة والديمقراطية الرئيس علي عبداللَّه صالح في تحقيق ذلك الانجاز الوطني التاريخي الذي يؤرخ لولادة أول نظام ديمقراطي تعددي في هذه المنطقة على أساس التداول السلمي للسلطة عبر انتخابات حرة ومباشرة ينتخب فيها الشعب - باعتباره مالك السلطة ومصدرها - حكامه عبر صناديق الاقتراع، في بيئة سياسية تتوافر على ضمانات دستورية وقانونية للحريات المدنية والسياسية وفي مقدمتها حرية تشكيل الاحزاب وحرية الصحافة وحرية التعبير. ولئن كانت بلادنا سباقة في التحول نحو الديمقراطية وتحقيق أكبر عملية اصلاحية في تاريخها الحديث منذ الثاني والعشرين من مايو1990م، حيث أصبح الملعب السياسي مهيأ للتداول السلمي للسلطة، فقد كانت اليمن سباقة ايضاً في تقديم نموذج استثنائي يجسد اهتمام الرئيس القائد علي عبداللَّه صالح برعاية المسيرة الديمقراطية اليمنية وإبراز وأعلاء قيمها وتقاليدها، حيث بادر فخامته بالاعلان عن قراره عدم ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية القادمة بهدف إفساح المجال للتداول السلمي للسلطة، واصراره على هذا الموقف الذي استنفر رفضاً شعبياً واسعاً من خلال المسيرات والاعتصامات الشعبية والفعاليات الجماهيرية الواسعة التي عبر من خلالها الملايين من أبناء شعبنا عن اصرارهم على مواصلة قيادة سفينة الوطن إلى بر الأمان والحرية والديمقراطية والتنمية بقيادة مؤسس اليمن الموحد وباني نهضته العصرية الحديثة الرئيس علي عبداللَّه صالح.وكما قدم الرئيس علي عبداللَّه صالح درساً في تعلم الديمقراطية خلال الأيام العصيبة الأخيرة التي اضطرته إلى الاستجابة لإرادة الشعب، فقد قدم يوم أمس في كلمته التي ألقاها أمام مؤتمر صنعاء حول الديمقراطية والإصلاحات السياسية وحرية التعبير دروساً لا يمكن الاستهانة بها حيث سلط إضاءات كاشفة على العديد من مصاعب التحول نحو الديمقراطية في العديد من بلدان العالم. كما أكد فخامته على ان عصرنا هو عصر الديمقراطية، مشيراً إلى أن اليمن كانت سباقة في تبني نهج الإصلاحات والتحول نحو الديمقراطية التعددية بإرادة وطنية وبدون أي مطالب أو ضغوط خارجية.ولكم هو بليغ تأكيد فخامته على أن ممارسة الديمقراطية تنطوي على العديد من المشاكل والتحديات، لكن الاسوأ من الديمقراطية هو غياب الديمقراطية، موضحاً ان بلادنا قدمت تجربة متميزة وفريدة في الانتقال إلى الديمقراطية وممارستها في ظروف تسودها العلاقات والتقاليد القبلية، وتتسم بالصراع الحاد ضد الفقر ومختلف مظاهر التخلف، لكن ذلك لم يحل دون نجاح ورسوخ النظام السياسي الديمقراطي التعددي الذي يقوم على أسس التعددية الحزبية والسياسية وحرية الصحافة واحترام حقوق الانسان وتعاظم مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية وإدارة شؤون الدولة والمجتمع.صحيح ان فخامته اوضح في كلمته العديد من ملامح وخصائص ودروس التجربة الديمقراطية في اليمن، وفي مقدمتها إمكانية انتقال البلدان الفقيرة والنامية إلى الديمقراطية وممارستها، لكن ذلك لم يمنع فخامته من التشديد على ضرورة مكافحة الفقر وتحقيق العدالة في حل النزاعات الدولية، مؤكداً على ان الديمقراطية لا تفرض من الخارج ولن يكتب لها النجاح مالم تكن نابعة من الداخل، كما ان ايقاف طغيان الغطرسة الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة وإنهاء العنف الموجود في العراق والصومال، أهم من الترويج لمشاريع نشر الديمقراطية في هذه المنطقة التي تحتاج إلى تحقيق العدالة ومحاربة الفقر وإنهاء العنف، كشرط لمنع تحولها إلى مناطق ملتهبة بالحروب الداخلية، وبؤر جاذبة للارهاب على نحو ما كانت عليه افغانستان .
مسيرة ديمقراطية متفردة وقائد ديمقراطي متميز
أخبار متعلقة