في اليمن :الوضع المائي مختل بحكم العوامل الطبيعية للمنطقة
عمر السبع قال تعالى في محكم كتابه العزيز "وجعلنا من الماء كل شيء حي" هذه الآية فيها دليل قاطع على أهمية الماء لكل الكائنات الحية دون استثناء ، التي تعيش على هذه البسيطة ، فلا الانسان ولا الحيوان ولا النبات يستطيع ان يستغني عن الماء، ولاسيما الماء العذب الذي يغذي هذه الكائنات ويجعلها مفعمة بالصحة والعنفوان والنشاط الدائم.والمياه ليست مهمة فقط للإنسان وصحته ، بل هي عامل رئيس لنشاطاته المختلفة في الحياة ، وفي اعماله الزراعية والصناعية و .. وعلى هذا الاساس فإن الحفاظ على المياه أمر بالغ الأهمية في المجال الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، فليس غريباًُ إذن أن يرتبط الأمن الغذائي للإنسان بالأمن المائي.إن الوضع المائي في اليمن مختل بحكم العوامل الطبيعية للمنطقة ، إذ أن اليمن تفتقر إلى الانهار والبحيرات العذبة ، وحتى مسطحاتها المائية الشحيحة تتعرض للتبخر الشديد ، ومناخ اليمن وتضاريسه المتغيرة شحيحة في مناسيب مياه الامطار مما فاقم من حاجة المنطقة للماء ، أما المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية عملت على استنزاف ما هو متوافر من مياه عذبة ، مما جعل الوضع المائي في اليمن في حرج شديد، بل إن بعض الآبار الاحفورية بدأت تتدهور أو تتملح أو تتلوث بيولوجياً جراء تسرب مياه الصرف الصحي إلى المياه الارتوازية ، حسب إفادة بعض علماء البيئة اليمنيين في كل من أحواض عمران وصعدة وصنعاء والحديدة .وعموماً ، فإن مرد تلوث المياه الجوفية هو محدودية الموارد المائية المتاحة وضعف التغذية اللازمة لتجديدها ، فتنخفض بالتالي مناسيبها عن مناسيب مياه البحر "مستوى سطح البحر " أو مناسيب مياه جوفية قريبة وغير صالحة للشرب فيحدث التلوث ، فيكون من الصعب بمكان إعادة تأهيل هذه الأحواض الجوفية الملوثة ، فتوجد حالياً مؤشرات علمية تقول إن دلتا وادي تبن فيه تركيزات من نسبة الملح في الماء ، وربما بدرجة أقل في سهل تهامة ووادي حضرموت .إن اليمن يعاني هذه الايام من شحة المياه الصالحة للشرب، وإن المناطق المتوافر ، فيها الماء الزلال يتم استنزافها من خلال الاستغلال الجائر للمياه الجوفية والحفر العشوائي للآبار، وهناك استغاثة من حوض صعدة في الشمال الغربي من اليمن بتهديد نشاط أكثر من ثلاثمائة وتسعة آلاف نسمة يعملون في القطاع الزراعي ، إذ لاتزال تستخدم أنظمة الري التقليدية التي تهدر كميات كبيرة من الماء ، وتتوسع المنطقة في استصلاح الاراضي الزراعية ، وتعمل على حفر الآبار دون مسوغ قانوني أو دراسات علمية ويساعد هذا الحفر العشوائي على تصعيد الأزمة.إن حماية الثروة المائية اصبح مطلباً ملحاً ، وان هذه الحماية بحاجة إلى تنمية الموارد المائية من ناحية وحماية المياه العذبة الجوفية من الاستنزاف من ناحية اخرى .. فإذا كانت مواردنا محدودة وتحصرنا للتغلب على مشكلة شحة المياه عن طريق إقامة محطات تحلية مياه البحر ، لأن مشاريع التحلية مكلفة جداً ، فضلاً عن المحاذير البيئية للتخلص من الملح المتخلف عن عمليات التحلية .. فإن من واجب الحكومة أن تبذل جهوداً مضاعفة لزيادة عدد السدود والخزانات والصهاريج التي تلقف مياه السيول وتغذي الاحواض الجوفية .. وان تساعد الفلاحين في استخدام تقنية الري الحديث، وتسهل الاستثمار في مجال الزراعة واستخدام البيوت الزجاجية "الصوبة" التي توفر منتوجات زراعية ذات كفاءة عالية ، مع استخدام أقل للمياه مقارنة بالزراعة المكشوفة.وعلى الحكومة ايضاً إصلاح مجاري صحية للقضاء على البيارات واستخدام عمليات المعالجة للمياه المجاري، والاستفادة منها في زراعة الحشائش وغير ذلك.كما يجب الوقوف امام الحفر العشوائي للآبار وتفعيل قانون المياه، واتخاذ الاجراءات الصارمة ضد كل المخالفين الذين يقومون بحفر الآبار العشوائية دون دراسة علمية ومسوغ قانوني ورخصة حفر . وعلى الحكومة ايضاً إيجاد التوازن بين الأمن المائي والأمن الغذائي، مع الأخذ بعين الاعتبار حقوق الأجيال القادمة والتركيز على التجارب الزراعية الناجحة وإعطاء الدعم للمشاريع البحثية لتوفير المياه الاحفورية والجوفية.