(14 أكتوبر) تسلط الضوء على ضحايا الزواج السياحي
أجرت اللقاءات/ مواهب با معبدتعد ظاهرة الزواج السياحي التي يعاني منها مجتمعنا اليمني واحدة من أخطر الظواهر التي تخلخل الاستقرار الاجتماعي.هذه الظاهرة تضم حكايات أشبه بالأساطير، وفصولها مليئة بالتراجيديا وخيبة الأمل.. علاقات جمعت بين حسن النوايا، والنوايا المبيتة، في زواج تميز بسرعة الارتباط والنهاية المأساوية غير المتوقعة.تساؤلات كثيرة عن مدى شرعية هذا النوع من الزواج.. فإليكم حصيلة لقاءات عن هذا الموضوع.[c1]زوج مجهول الشخصية[/c]في بداية لقاءاتنا تحدثت إلينا الأخت (س. م. أ) إحدى ضحايا الزواج السياحي والبالغة من العمر عشرين عاماً وقالت : في بداية أمري تعرفت على زوجي عن طريق إحدى صديقاتي المقربات وكان ذلك في مجمع عدن مول عندما قال لها إنه يريد أن يتزوج من بنات عدن، فقالت له عندي صديقتي مناسبة لك، وبعدها ذهبت معها وتعرفت عليه وبعد فترة قصيرة حضر إلى منزلي وطلب يدي للزواج، وتمت الموافقة عليه من قبلي وأيضاً من قبل أهلي، وتم الزواج في شقة مفروشة بإيجار شهري وبعد مضي ثلاثة أشهر من زواجنا قال لي أنه سوف يسافر إلى السعودية لكي يجهز عش الزوجية هناك، بعد أسبوعين من سفره عرفت أنني حامل، حاولت التواصل معه عبر أرقام الجوال التي أعطاني إياها قبل سفره ولكن للأسف لم أتمكن من التواصل معه وذهبت إلى السفارة السعودية لكي أعرف عنوانه في السعودية. وهنا كانت الصدمة الكبيرة بالنسبة لي أن الاسم الذي معي وتزوجته به لم يكن صحيحاً.. لقد تزوجت بشخص باسم مستعار. وأضافت : ماذا أفعل بعد معرفتي بهذه الخدعة؟ وأنسب طفلي إلى من؟ لقد أصبح طفلي من غير نسب.أما الضحية سوسن فتحي فقالت عن تجربتها مع الزواج السياحي : تزوجت قبل أربعة أعوام حين كان عمري 16 عاماً من سعودي جاء عن طريق أحد الجيران، وكان يبدو عليه أنه شخص ملتزم وقد دفع مهراً كبيراً وأنا بصراحة غرني المبلغ وكذا أهلي وبعد ذلك تم الزواج، وسكنا في شقة مفروشة وبعد ثلاثة أسابيع تغيب عن المنزل وإلى يومنا هذا لم أعثر عليه في أي مكان ولم يصلني عنه أي خبر، وكنت التمس له الأعذار وأقول في نفسي ربما يعود في يوم من الأيام ويسأل عني ولم أفكر في أنه سافر إلى بلاده. وأضافت : بعد مرور سنة من انتظاري أن يعود تأكدت أنني أصبحت ضحية هذا الزواج، ومشكلتي الآن كبيرة وقد أنجبت طفلاً يبلغ عمره الآن ثلاث سنوات مازال من دون شهادة ميلاد.. لا أدري إلى من أنسبه وأريد أن استخرج له شهادة ميلاد ولكن طلبوا مني تأكيد أنه لديه أب أو إثبات هذا عبر ورقة الزواج وبصراحة أنا محطمة فأنا معلقة لا أدري أأننا مطلقة أم متزوجة.. ما هو الحل وماذا أفعل؟ وأصبحت عبئاً على أسرتي أنا وطفلي الذي أصبح همي الوحيد بهذه الدنيا.. لا أفكر حالياً بالزواج مرة أخرى وأكره الرجال بشكل عام.وحالياً أنا أتابع في المحكمة الطلاق منه وسأتحمل عبء تربية الطفل.[c1]زواج صيفي[/c]أما الأخت لينا احمد هاشم فتحدثت عن رأيها في الزواج السياحي بقولها : الزواج السياحي كلمة مخففة لآثار هذا الزواج فمن الممكن أن نقول إنه زواج صيفي، وهو في الحقيقة زواج خدعة يعيد الفتاة إلى أهلها محطمة الآمال والطموح وهي ما تزال بعمر الربيع.وأكدت أن هناك أسباباً كثيرة تساعد على توسع هذا الزواج الخدعة منها مثلاً بؤس الأهل وظروفهم المعيشية القاسية، وقلة وعيهم، أو يمكن أن تكون الطيبة البالغة حد السذاجة عند البعض منهم، فمن خلال الدراسات والأبحاث العلمية وجد أن نسبة 30% من الضحايا التي تمت دراستهم من أسر فقيرة و 58% من أسر متوسطة الدخل، أما الأسر الغنية فقد شكل 12%، وهذه الظاهرة كشفت بعض فصولها، وأثارت نتائجها الفزع والجدل والخوف ودقت على أثرها نواقيس الخطر تحسباً لمواجهة الآثار المترتبة على هذا النوع من الزواج الذي ارتبط بالنزر اليسير من سياح عرب همهم إشباع غرائزهم وسخروا الشريعة والمال وقيم الارتباط الإنسانية النبيلة لعلاقات اضمروا فيها نوايا الغدر والخداع.. تسللوا إلى بعض الأسر والبيوت وغرروا بأصحاب النوايا الحسنة في زواج سماته السرعة لا طقوس له سوى نقل العروس إلى عريسها بصمت وهدوء للإقامة في عش سياحي اسمه فندق أو شقة مفروشة، والفتاة بطبعها ذات أحاسيس مرهفة ومشاعر في غاية الرقة تقدس الحياة وتجد نفسها في الواقع فريسة فليس لها خيار سوى العزلة والانطواء، وفضلت بعض الأسر الصمت والصبر على ما أصابها نتيجة اعتبارات اجتماعية فتولدت عقد نفسية من هذا الزواج الفاشل أو كما يسميه البعض بالزواج السفري.[c1]بريق المال[/c]وقالت الأخت أماني خالد عبد السلام : بصراحة هذا الزواج أشبه بهتك الأعراض ولكن بعقود شرعية.. فتيات اقبلن على الحياة تواقات لبناء أسر ومجتمعات فوقعن فرائس لسماسرة من بني جلدتهن اتبعوا الهوى لإشباع غرائزهم فأغواهم عن سبل الحياة والرشد والمسؤولية الأخلاقية والدينية، أسر دفعتها الحاجة وأغواها بريق المال وحب المظاهر والتباهي فقبلت لبناتها أزواجاً مجهولي المصير.. وأولياء أمور جعلوا من بناتهم سلعاً تباع بشروط السوق وليس بأخلاق المجتمع، فأدبرت الحياة عليهن بسرعة إقبالها على أسرهن وأصبحت أحلامهن سراباً ومستقبلهن هشيماً.[c1]أسر بكاملها تحطمت[/c]وقالت الأخت علوية قاسم بن سعيد : إن الزواج السياحي الذي تذهب ضحيته الفتاة، تلجأ إليه الأسر بسبب إغراءات مقدمة من قبل الزوج، ويعمل الأهل على دفع الفتاة إلى الزواج بالمتقدم لها بغض النظر عمن يكون، فتكون العواقب في النهاية خطيرة وكبيرة إذ ينتهي بالطلاق أو الهجر بعد قضاء إجازته الصيفية في اليمن..والفتيات اللاتي تزوجن بمثل هؤلاء الأشخاص يصبحن نادمات على هذا الزواج الذي أخذ أجمل ما عندهن وتركهن هائمات مكسورات الخاطر خاصة إذا كانت نتيجة هذا الزواج حدوث حمل. إذ إلى من ينسب هؤلاء الأطفال؟! لذلك فإنني أرى وفي تقديري وجوب تدخل عدة جهات مسؤولة لوقف هذه الظاهرة السيئة التي حطمت أسراً بكاملها كما أن على الآباء والأسر اليمنية الامتناع عن قبول أي شخص غير يمني يتقدم للزواج من بناتهم مهما كانت أموالهم، لاسيما أن مثل هؤلاء الأشخاص قد فقدوا كل قيمهم وأخلاقهم وضمائرهم ولا يهمهم إلا إشباع غرائزهم.[c1]انتشار الفاحشة وزيادة العبء[/c]وعن رأي القانون في هذا النوع من الزواج الذي يطلق عليه بالزواج السياحي تحدث إلينا المحامي (ن. م. ع. أ) قائلاً : أنا أرفض هذا النوع من الزواج لأنه يسب أضراراً كبيرة وآثاراً سلبية خاصة على المرأة والطفل الذي يمكن أن ينجب من هذا الزواج.. والذين يقبلون بمثل هذا الزواج هم من يعانون من الفقر وهو السبب الرئيسي لقبول بعض العائلات مثل هذا الزواج من أجل التخلص من الالتزامات الشخصية للأسرة، كما أن الرجل صاحب المال يعتبر صفقة مربحة لها لا ينبغي خسرانها.وأشار إلى أن هذا الزواج له آثار في ناحيتين : الناحية الأولى الآثار النفسية للزوجة الناتجة عن مغادرة الزوج لها فجأة سواء أكان بطلاق أو بغير طلاق وما ينجم عن ذلك من تفكك أسري، إضافة إلى أن نظرة المجتمع للمرأة المطلقة بأنها تشكل خطراً قد تكون السبب الرئيسي في ابتعاد الشباب عنها مما يؤدي إلى حرمانها عاطفياً وهذا يساعد على انتشار الفاحشة وأيضاً زيادة العبء على الأسرة وانتشار ظاهرة التشرد والتسول والناحية الثانية تخص الأطفال نتيجة هذا الزواج حيث يكونون محرومين من الأب وهم أكثر عرضة للتأثيرات النفسية وأيضاً فقدان النسب لهؤلاء الأطفال والميراث ويصبح الشارع ملجأهم الخاص في حالة إذا كانت الأم من دون عمل ومن أسرة فقيرة.[c1]مراعاة القواعد الشرعية[/c] قال أحد شيوخ مساجد عدن: لا يوجد مصطلح فقهي يسمى بالزواج السياحي ولكن إن كان المقصود بالزواج السياحي ما يفعله البعض بالزواج لفترة بسيطة مثلاً بإقامته في بلادها للراحة أو النزهة أو الدراسة أو نحو ذلك وفي نيته أن يطلق بعد مرور فترة الراحة أو الدراسة يكون الجواب أن هذا يعد نكاحاً مع نية الطلاق بدون اشتراك وهو مختلف عليه بين أهل العلم، والجمهور منهم من يقول بجوازه فالزواج نيته الطلاق لا يخلو من حالتين إما أن يشترط أن يكون بعقد وأن يتزوجها لمدة شهر أو سنة مثلاً حتى ينتهي من دراسة فهذا يعبر نكاح متعة وهو حرام والعقد فيه فاسد، وإما إن كان ينوي الزواج من غير أن يشترط فمذهب الجمهور عدم منعه، والمشهور في مذهب الحنابلة أنه حرام وأن العقد فاسد، وهم يقولون أن المنوي كالمشروط وقول النبي صلى الله عليه وسلم:»إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى».وأن الرجل لو تزوج بامرأة طلقها زوجها ثلاثاً من أجل أن يحلها له ثم يطلقها يكون النكاح فاسداً وإن كان ذلك من غير شرط لأن المنوي كالمشروط فإذا كان بنيته التحليل يفسد العقد وكذلك نية المتعة تفسد العقد هذا قول الحنابلة، والقول الثاني لأهل العلم إنه يصح أن يتزوج المرأة وفي نيته أن يطلقها إذا فارق البلاد مثل الإخوة المغتربين، قالوا إن هذا لم يشترط والفرق بينه وبين المتعة أن المتعة إذا تم فيها الإحلال حصل الفراق وهذا النوع من الزواج حرام من جهة أنه يعد غشاً وأنه يظلم الزوجة من كافة حقوقها الشرعية والقانونية، وعلى الرغم من مراعاة القواعد الشرعية إلا أن هناك إغفالاً للإجراءات القانونية ويتسبب هذا الزواج في إهدار حقوق الزوجة وتعذر الوصول إلى مقاضاة الأزواج الذين تخلصوا من زوجاتهم بالطلاق عن بعد أو تركهن في الفنادق وبيوت أهلهن معلقات دون طلاق.