قرات لك
عن إيابه بلا صحراء أيها الموت صديقي أيها الموت.. ها أنت تأخذني من حسد وجيز، فأستيقظُ منك كي أنام. كم مرةً ناديتني، أتذكر؟ كان صوتك يتدحرج في منحدرات غامضة، وهو يلقي عليَّ وصيةَ الكامنين له في منعطف صغير. أتذكُرُ..؟ عندما ـ نحنُ رهائنَ المستقبل ـ تلثَّمنا بملامحنا وعبرنا مضيق السنة الأخيرة، أتـَذكُر يا صديقي؟ ونحن نعبر خابور الحزن إلى ظلالنا المالحة؟ حيثُ ألسنةُ الميتين تروي حياتنا، أتذكر، كم من السابقين عبروا منِّي، وما انبثقوا ـ إلى الآن ـ أمامي؟ أيتامك يا صديقي، أكثر من أبنائك، هؤلاء ملفقون، لأسمائهم منفى، ولا منفى لسمائهم، وأولئك كانوا معي، قبل أن تعطيهم الحرب عنوانك. وكنت تفرك عينيك، أمام عناوينهم التي يهبطون، فجأة، عندها، عناوينهم التي لا تتذكرها لترسلها لنا. صديقي أيها الموت، لم تصلني رسائلك، مع أنني أرسلها دائماً! ولم أكـذب وصيتهم الوحيدة، مع أنهم تركوها على جسدك المفقود. نتكرر بعد كل نوم، وتتأخر أنت، صديقي أيها الموت .الشاعر العراقي محمد مظلوم