محمد سعيد سالم :"الاستقلال" كلمة غالية الثمن في حياة أبناء الشعب اليمني وستبقى غالية على مر الأجيال إن شاء الله"الاستقلال" مفردة جميلة، صاغت حروفها قائمة طويلة من أبطال هذه الأرض، لينتهي استعمار قضى ما يزيد عن 129 عاماً ، جاثماً على التراب اليمني الطاهر في مساحة من بلادنا تعرف اليوم بالمحافظات الجنوبية والشرقية.لم تجل قوات الاحتلال البريطاني عن الأرض، إلا بعد أن أبلغتها تضحيات رجال الثورة اليمنية 14 أكتوبر، وقوافل الشهداء رسالة واضحة المعالم، تقول:"كفى ان الأرض لأصحابها، وأن الثورة اليمنية التي بدأت في المحافظات الشمالية في 26 سبتمبر 1962م لإعلان ميلاد فجر جديد، بعد ان طال أمد العتمة والظلام، تحت قهر نظام استبد بالإنسان، فينتهي الاستغلال والاستعمار الذي أوقف حركة الاحلام الوطنية في تكريس مقومات الهوية الوطنية والتاريخية لشعب واحد وأرض واحدة."لقد حققت الثورة اليمنية للشعب إرادته، وبتحقيق الاستقلال في الشطر الجنوبي، بعد نجاح المشروع الجمهوري الوطني في الشطر الشمالي، كانت تلك بداية اقتراب تحقيق الحلم الأكبر في الوحدة، رغم المحطات التاريخية الطارئة التي اعاقت لفترة من الزمن بلوغ الحلم قبل 22 مايو 1990م.وسط تلك المسيرة التاريخية الوطنية الإنسانية الرائعة على درب الثورة والاستقلال ثم الوحدة.. كان الشباب الرياضيون أصحاب كلمة متميزة.في مسيرة الكفاح ضد الاستعمار البريطاني من أجل الاستقلال قدمت الحركة الشبابية والرياضية قوافلاً من الشهداء، لأن الشباب والرياضيين كانوا شريحة بالغة الحيوية في التعبير الرافض للاحتلال وتقدموا مسيرة مقاومة الفساد والمظالم اللذين جعلهما الاستعمار جزءاً من استراتيجية تكريس الاحتلال وأهدافه.كانت الأندية الرياضية في عدن، وفي باقي المحميات، قد خالفت التوجهات الاستعمارية الهادفة جعل الأندية والأطر الشبابية والرياضية المختلفة، مجرد مواقع لاشغال جماهير الشباب والرياضيين عن المواجهات المحتدمة بين الاستعمار والقوى الوطنية المختلفة، بل أن هذه الأطر كانت ملجئاً لمختلف القيادات والكوادر الوطنية والنقابية التي تشن حركة الكفاح المدني والمسلح ضد الاستعمار، وبفعل تنامي الوعي الوطني المعادي للاحتلال، أنعكس الأمر إيجاباً على الكثير من القواعد الشبابية والرياضية، التي التحقت بركب مقاومة بقاء الاحتلال والمطالبة بالاستقلال، فاستشهد الكثير منهم وظلوا حتى اليوم رمزاً للانتماء الوطني، وإرادة التحرر والوحدة والديمقراطية.هناك الكثير من الأسماء التي صاغت مفردة "الاستقلال" الجميلة، وهناك العديد من المنشآت والملاعب الرياضية المسجلة في قوائم تاريخ مقاومة الاستعمار.ان ملعب الشهيد الحبيشي في عدن معلم رياضي تاريخي، له سجل متميز في معارك الكفاح المسلح، فقد كان ساحة لتخريج نجوم كرة القدم الذي عجز الاستعمار عن تطويعهم، ومنهم الشهيد الحبيشي الذي حمل الملعب اسمه بدلاً عن اسم ملعب البلدية.القائمة طويلة، فالكثير من لأندية الرياضية وقياداتها أربكوا الحسابات الاستعمارية، وأسهموا في إيجاد جيل وطني وقف عازلاً أمام التوجهات الاستعمارية للسيطرة عليها وتسخيرها لخدمتهم.بين أهم الأدوار التي قامت بها الأندية الرياضية والقيادات والكوادر الرياضية والشبابية الوطنية دعوتها المستمرة إلى محاربة سياسة (فرق تسد) الاستعمارية، والعمل من أجل تعزيز قيم الإخاء والمساواة، وتنمية روح الصداقة بين الأفراد بعيداً عن الروابط المناطقية والعصبية، والعمل على نشر المعرفة بمختلف الوسائل الممكنة، وتخفيف متاعب الكفاح ضد الاستعمار.لم يكن الاستقلال ليتحقق إلا لأن عنوان التضحيات العظيمة التي قدمتها الأجيال السابقة عملت تحت شعار: (الأرض لنا، واليمن بيتنا)، وتحت هذا الشعار التزم الجميع (الشهداء والأحياء) بمبدأ نكران الذات والبذل من أجل الوطن.لقد عشنا ليلاً طويلا، وقد تعذب الليل كثيراً،ً حتى يلد "نجمة"، انها نجمة الاستقلال، واليوم "النجوم" من حولنا كثيرة. لكن لابد أن تدرك الأجيال الحالية واللاحقة كم كان الثمن باهضاً حتى تظهر!!