ازمة بعض (الاشاوس) ممن يتعاطون السياسة في بلادنا فيستمرون في اطلاق التعليقات والتصريحات، وما يسموته – جزافا – بالتحليلات السياسية وغيرها، ازمتهم انهم يتعاملون مع كل ذلك بوصفه (احلام يقظة) سرعان ماينسون تفاصيلها، او ما صرحوا به اثناء تلك الاحلام الغيبية المثالية، حتى ليصاب العديد منهم بداء (اللوغوريا) – الاسهال الفموي – او يقع البعض منهم فريسة (الفصام) السياسي حيث يفقدون معه ارشيف الذاكرة المعرفية (الابنستمولوجيا) الذي يعني علم المعرفة الحقة، وهاكم مثالا لذلك الصنف.في عددها رقم (1213) الصادر يوم الاحد الماضي طالعتنا احدى الصحف الاهلية بخبر جاء فيه : "ابدى سياسيون طلبوا عدم ذكر اسمائهم، في تعليق على كلام البركاني استغرابهم للمقارنة البركانية بين حالة (غزة) واليمن" واشارت الصحيفة الى قولهم بان مرجع ذلك هو تفسيرهم لما فهموه من تصريح الشيخ سلطان البركاني الامين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام حول اسباب الدعوة الرئاسية الى اقامة حكم رئاسي على اساس انه يجنب البلاد تجربة حماس وفتح في (غزة) الامر الذي استنكروا معه مقارنته بين (غزة) واليمن.في حقيقة الامر ان الشيخ البركاني لم يكن يقصد بـ (المقارنة) بمعناها السياسي، المفاضلة بين اليمن الدولة المستقلة وذات السيادة، والتجربة الديمقراطية وبين فلسطين المحتلة، وانما قصد التذكير بمساوئ ومخرجات النظام البرلماني الذي جاءت به حماس في اعقاب فوزها بـ ٪70 في الانتخابات الفلسطينية مطلع عام 2006م كما كان يلمح في ذات الوقت الى موقف هذا الصنف من الاشاوس الذين كانوا في مقدمة من هللوا وكبروا للتجربة البرلمانية الفلسطينية، ولايزالون يصرون على المطالبة بما سموه بـ (النظام البرلماني).ولانعاش ذاكرة هؤلاء وفي مقدمتهم د.محمد عبدالملك المتوكل، احد منظري وعتاولة (المشترك) نشير الى ما صرح به في 2 فبراير 2006م بالحرف الواحد قائلا: "علينا اعتماد التجربة الفلسطينية كحل وسط خلال هذه المرحلة الانتقالية، فندفع بالتجربة الديمقراطية خطوات الى الامام، ونستبعد أي سلبيات محتملة للتغيير الجذري" (المزيد من التفاصيل، راجع مقالنا – ما هكذا تورد الابل يا دكتور!! – صحيفة (الثورة)– العدد 15062 – 6 فبراير 2006م ص 8.والسؤال هنا يقول : هل تناسى هؤلاء دعوة منظرهم وجهبذهم (المتوكل) الصريحة والداعية الى اعتماد تجربة (حماس) في النظام البرلماني، حتى يؤاخذوا الشيخ سلطان البركاني على مجرد ضربه لمثل ليس الا من امثلة مساوئ ذلك النظام؟!، إذ شتان ما بين داع لتبني تجربة (غزة) وهم عتاولة (المشترك) وما بين مضرب مثل لمخرجات هذه التجربة التي اكتنفتها الضبابية. لاغرو ان هؤلاء القوالين والمحسوبين على السياسة لم يتخلصوا بعد من ازمتهم الفكرية والنفسية عند تعاطيهم السياسة بأسلوب (احلام اليقظة).
أخبار متعلقة