في دراسة ميدانية ..
صنعاء/ سبأ: كشفت دراسة ميدانية عن ميول نسبة كبيرة من طالبات المرحلتين الاساسية والثانوية لدراسة المهن اليدوية والحرفية والالتحاق بالتخصصات المهنية الحديثة التي تلبي احتياجات وتطلعات الفتاة . و أظهرت الدراسة، التي تناولت « الميول والرغبات التعليمية للفتيات في قطاع التعليم الفني والتدريب المهني» رغبة كبيرة من الفتيات للالتحاق ببرامج التعليم الفني والمهني وخاصة التخصصات التي تلبي رغبات واحتياجات الفتاة. كما أظهرت نتائج الدراسة، التي أعدها فريق تابع لوزارة التعليم الفني والتدريب المهني وشملت أكثر من 700 عينة من الطالبات في المراحل الأساسية والثانوية من مختلف مدارس أمانة العاصمة - ارتفاع نسبة طالبات التعليم الأساسي والثانوي الراغبات في الالتحاق بالتخصصات التقنية والمهنية بنسبة 71,44 بالمائة من إجمالي العينة المبحوثة . وبينت الدراسة التي شملت أكثر من 26 تخصصاً فنيا وتقنيا خاصاً بالمرأة- أن التخصصات المهنية: أعمال الكمبيوتر وصيانة الالكترونيات والفنون الجميلة والتطريز والعلاقات العامة والمحاسبة والماكياج والموضة هي الأكثر شيوعا في ميول الطالبات في مرحلة الثانوية .. وحلت من بين تلك التخصصات الخياطة والتطريز وفن التجميل والموضة في المرتبة الأولى لميول الطالبات في مرحلة التعليم الثانوي وبنسبة 20 بالمائة من العينة تلتها : السكرتارية بنسبة 13 في المائة والصحة والتمريض بنسبة 10 في المائة و العلاقات العامة والمحاسبة 11 في المائة والكمبيوتر وصيانة الالكترونيات 44و9 في المائة فيما اختلفت النسب في باقي التخصصات . ووفق مؤشرات الالتحاق للفتيات في مؤسسات التعليم الفني فقد تحسنت نسبة التحاق الفتيات في المجالات التقنية والمهنية خلال السنوات الماضية غير أن الفجوة ما زالت كبيرة جدا مقارنةً بالملتحقين الذكور.. وبين التقرير الإحصائي الخاص بالوزارة حصلت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) على نسخة منه أن عدد الملتحقات بمؤسسات التعليم الفني حتى نهاية العام الماضي 2008م ارتفع إلى ألفين و 675طالبة مقارنة بـ الفين و 339 طالبة في العام المقابل له في عموم محافظات الجمهورية ومقارنة بـ 97 طالبة عام 2000م. كما ارتفع عدد الطالبات الملتحقات بكليات المجتمع حتى نهاية العام الماضي إلى 750 طالبة، ووصل عدد الملتحقات في المستوى التقني سنتان نحو 1107 طالبات فيما ارتفع عدد الملتحقات في الثانوية المهنية 363 طالبة وفي كافة التخصصات المهنية والتقنية. وأشار التقرير إلى أن تلك المؤشرات ما زالت في مستوى متدن مقارنة بمؤشرات التحاق الذكور حيث وصل عدد الذكور الملتحقين بالتعليم الفني والتدريب المهني بمؤسساته المختلفة خلال العام الدراسي الماضي 2008م أكثر من 21 ألف طالب موزعين على نحو 78 مؤسسة مهنية وتقنية منها خمس كليات مجتمع في عموم محافظات الجمهورية. ونوه التقرير بسعي وزارة التعليم الفني والتدريب المهني إلى تجاوز تلك الفجوة بين الذكور والإناث بتوفير السبل الكفيلة بتنامي التحاق الفتيات بأنظمة التعليم الفني والمهني من خلال سياسة تحديث انتهجتها الوزارة وتوجهات الحكومة وبرنامج فخامة رئيس الجمهورية الانتخابي باتجاه التوسع في عدد المؤسسات التدريبية واستحداث تخصصات جديدة وتنوع مناهجها وبرامجها التدريبية بما يتواكب مع متطلبات واحتياجات السوق المحلي والإقليمي . وبلغت المعاهد التدريبية القائمة خلال العام الجاري 2009م نحو 78 مؤسسة تدريبية مهنية وتقنية منها 6 كليات مجتمع فيما وصل عدد المعاهد والمراكز الخاصة بتدريب وتأهيل المرأة في مختلف المجالات إلى نحو 7 معاهد مهنية وتقنية بالإضافة إلى أكثر من 31 معهداً مهنياً وتقنياً وكلية مجتمع تضم تخصصات وبرامج مشتركة (ذكور وإناث) تراعي خصوصية ميول كل جنس بما يتناسب مع احتياجات وميولات التحاق الفتاة، فيما بلغت المعاهد المتخصصة بتدريس الكمبيوتر واللغات خلال العام الماضي نحو 194 معهداً تتبع القطاع الخاص . و أشار التقرير إلى ما وصفه تدنيا في التحاق الفتيات بتخصصات الحاسوب حيث لم يتجاوز عددهن نحو 78 فتاة بنسبة 08و0 في المائة من إجمالي عدد الموظفات في القطاع الحكومي البالغ عددهن نحو 88 ألفاً و 285 موظفة،مؤكداً أهمية دور القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني في النهوض بأوضاع المرأة التكنولوجية وتأهيلها وتدريبها في مختلف المجالات. ولأهمية المراكز والمعاهد الخاصة بتدريب وتأهيل المرأة في مختلف المجالات نسلط من خلال هذا التقرير الضوء على واقع هذه المعاهد وما وصلت إليه وذلك من خلال نموذج من هذه المعاهد بصنعاء وهو معهد نقم التقني لتدريب وتأهيل المرأة. تقول عميدة المعهد ألطاف الشباء إن فكرة إنشاء المعهد ولدت عام 1997م من خلال دراسة الوضع الاجتماعي والمعيشي لسكان الدائرة الخامسة (نقم) التي توجد فيها كثافة سكانية كبيرة ومعظمهم من ذوي الدخل المحدود و تفتقر لوجود مركز او معهد تدريبي لتأهيل شريحة الإناث في مختلف التخصصات لكي تساهم في تنمية المجتمع وتكون لها القدرة على الإنتاج والعطاء والاعتماد على النفس خاصة وأن معظم الفتيات يتوقفن عن الدراسة في المرحلة الأساسية لعدم مقدرة أسرهن على توفير متطلبات التعليم. و أشارت إلى أن المعهد يهدف إلى إكساب الطالبات،و ربات البيوت، والراغبات في تطوير قدراتهن من ذوي الدخل المحدود،العديد من المهارات والمهن التي تلبي احتياجات وتطلعات الفتاة وذلك لمساعدتهن على التاهيل بما يمكنهن من الحصول على فرصة عمل تقيهن الفقر وتجعل منهن عناصر منتجة .واستعرضت عميدة المعهد الأقسام والأنشطة التي يضمها المركز والمتمثلة في « أقسام :الكمبيوتر ، اللغة الإنجليزية،التفصيل والخياطة، الموروث الشعبي في النسيج والحرير، إنتاج الملابس، الأشغال اليدوية،فن التجميل وتصفيف الشعر،التدبير المنزلي،محو أمية الكبار،قسم حضانة وروضة أطفال من (5-1 ) سنوات،بالإضافة إلى إقامة الدورات القصيرة في مختلف التخصصات، بجانب دورات خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة». وبينت الشباء أن عدد خريجات المعهد منذ تأسيسه حتى العام الجاري 2009م بلغت 400 طالبة من حملة الدبلوم المتوسط المهني والتقني في مجالات :الخياطة والتفصيل، وفن تجميل السيدات، ورياض الأطفال « فيما بلغت الخريجات من الدورات القصيرة والمتوسطة خلال الفترة نفسها نحو 11 الفاً و252 طالبة في مختلف المجالات. [c1]تخصصات جديدة[/c]ومن التخصصات الجديدة التي استحدثتها وزارة التعليم الفني والمهني خلال الفترة الأخيرة بما يتناسب مع ميول ورغبات واحتياجات الفتاة « : قسم فن التجميل الذي يعد أول قسم من نوعه على مستوى اليمن ، بالإضافة إلى قسم الخياطة و تصميم وتفصيل الأزياء اللذين يجسدان في معهد نقم لتأهيل المرأة أنموذجين للمستوى الذي وصلت إليه هذه التخصصات والنتائج التي حققتها .. ولمعرفة واقع تلك النتائج استطلعنا آراء بعض الخريجات حيث اعتبرت الطالبة ليلى العلفي وهي خريجة في قسم التجميل الدفعة السادسة، أن افتتاح القسم في معهد نقم لتدريب وتأهيل المرأة بادرة جيدة للقائمين عليه باعتباره أول معهد يدرس فن التجميل على مستوى اليمن ..مؤكدة أن التجميل هو علم وفن وإبداع ومخرجات المعهد وجدن قبولا في الأسواق و خاصة محلات التجميل ومستحضرات التجميل . و أشارت العلفي إلى أن التحاقها بالقسم جاء بناء على رغبتها لتعلم فن التجميل كونه يلبي احتياجات الأسرة من خلال العمل بعد التخرج في تجهيز العرائس برسوم رمزية والعناية بالشعر والأظفار ، والنقش على الجسد. فيما اعتبرت أشواق العديني إن التحاقها بهذا القسم لما يمثله من احتياج أساسي للمرأة العصرية وبالتالي فانه مجال لفرص عمل كثيرة عوضا عن كونه علماً وفناً وبالتالي فهو يحتاج إلى موهبة ودراسة والمعهد أتاح لنا فرصة ذهبية بافتتاحه هذا القسم إلا أن الأمر يبقى بحاجة إلى دعم وتشجيع من قبل المجتمع أولا والأسرة والجهات ذات العلاقة بتوفير فرص عمل للخريجات أو تمويلهن لفتح مشاريع صغيرة لرفع مستوى مشاركة المرأة في في عملية التنمية . فيما أوضحت الطالبة ليلى أن القسم يتمتع بأحدث الآلات والتجهيزات من وسائل وأدوات تجميل السيدات والعناية بالشعر والمساج الطبيعي، ويتم التدريب على كيفية التعامل مع هذه الأجهزة والعناية بها ومعرفة أدوات تنظيف البشرة والكريمات والماكياج ، ثم يتم توزيع الخريجات بالنزول الميداني بإشراف مشرفة التطبيق على عدد من المحلات والعرائس مقابل أجور رمزية تتراوح مابين (5 - 15 ) ألف ريال للحالة. واجمع عدد من الخريجات على أن أهم الصعوبات والمشاكل التي تواجهها خريجة فن التجميل هي عدم الوعي لدى أولياء الأمور والمجتمع بأهمية هذا التخصص ، حيث يعتبره المجتمع من الأعمال المعيبة التي تنتقص من مكانة الأسرة بحكم العادات والتقاليد السلبية السائدة . المتخصصة في فن تجميل السيدات بمعهد نقم عواطف شراحة أشارت إلى أن قسم التجميل في المعهد ينقسم إلى جزءين الأول خاص بعناية البشرة والجزء الأخر خاص بالعناية بالشعر والتسريحات (الكوافير) أما الدراسة في القسم فهي تنقسم إلى نظرية وتطبيقية بالاستفادة من الخبرات الجزائرية والأردنية في تطوير المناهج . وأشارت إلى أن اغلب المواد المستخدمة في القسم تجارية بالإضافة إلى المواد الطبيعية من الزيوت وأدوات العناية بالبشرة والشعر، كما يوجد تعاون مع بعض المؤسسات التجارية الخاصة بمستحضرات التجميل التي تدعم الطالبات في مشاريع تخرجهن وتوفر بعض الاحتياجات الخاصة لهن. وذكرت شراحة أن الخريجات يحصلن على عمل بسهولة سواءً في صالونات التجميل أو المراكز التجارية الخاصة بمستحضرات التجميل أو في المشاريع الخاصة و ذلك لندرة ومحدودية المتخصصات في هذا المجال. واعتبرت غياب التمويل للمشاريع الصغيرة هو العائق الوحيد أمام طموحات وآمال فتيات فن التجميل ،منوهة بمشاريع التخرج المتمثلة في تجهيز العروسة أو أي حالة تجميلية بكافة لوازم التجميل تحت إشراف المدربة . أما قسم تصميم الأزياء والخياطة والتفصيل في المعهد فقد تم استحداثه مؤخراً مع برامج وأقسام مربيات رياض أطفال ليلبي احتياجات السوق و المجتمع المحلي.. واعتبرت الطالبة لينا أن دخولها القسم جاء رغبة منها بالالتحاق بهذا القسم بوصفه يشكل رافدا من روافد التحديث والتطوير لبرامج التنمية للمرأة. فيما ذكرت الخريجة أشواق العمري أنها التحقت بهذا القسم لأهميته في خدمة المجتمع لما يوفره من فرص عمل متعلقة بهذا التخصص في القطاع العام أو الخاص . فيما أشارت الخريجة منى زيد إلى أنهن اكتسبن خلال دراستهن في 3 سنوات بالمعهد ( بعد الاساسي) مهارات و معارف في مجال « الخياطة والتفصيل ،والأشغال اليدوية ، و الرسم وتصميم الأزياء ، وكيفية تطبيقها وتنفيذها عبر مكائن الخياطة في المعمل الخاص بالمعهد كل حسب هوايته وإبداعاته. أما مدرسة الخياطة والتفصيل بشرى دهاق فتقول « أن الدراسة تتم على قسمين نظري وعملي، والتدريب على استخدام مكائن الخياطة ومعرفة أنواعها وصيانتها كما يتم تعليم الطالبات كيفية تصميم وتجهيز وتفصيل وتنفيذ الأزياء بمختلف أشكالها وأنواعها بأحدث الأجهزة التقنية. وأوضحت دهاق أن الطالبة عند تخرجها تقوم بتطبيق حصيلة ما تعلمته في المعهد بمشروع تخرج يتمثل في « تصميم وتنفيذ وإنتاج وخياطة فساتين زفاف أو سهرات، وأزياء وأطقم نسائية وأطفال» بإشراف المدرسة ووضع الدرجات على دقة ومستوى أداء الطالبة .. أما الصعوبات التي تواجه الطالبات فتتمثل حسب قولهن في غياب الدعم المادي أو المعنوي من المعهد أو القطاع الخاص لمساعدتهن في تنفيذ مشاريع التخرج المكلفة وغياب التمويل لإقامة مشاريع صغيرة ومراكز خياطة وتفصيل، وكذا غياب التسويق والترويج لمنتجات المركز والقسم وإقامة معارض لبيعها لتشجيع الطالبات والخريجات على الاستمرار، ولكن هذه المشاريع قابعة في معرض خاص بالمركز وليست معروضة للبيع. فيما أوضحت مدير إدارة المرأة بوزارة التعليم الفني وفاء رشيد أن الإدارة تسعى إلى تنفيذ برامج توجيه وإرشاد مهني بهدف تحسين نوعية المدخلات وزيادة نسبة التحاق الفتيات في مختلف التخصصات والمستويات التي تتنافس فيها مع أقرانها من الذكور في التخصصات الصناعية والتقنية والمعلوماتية والبحرية والفندقة والسياحية دون التركيز على المجالات التقليدية . وفيما يتعلق بالشراكة مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في مجال تعليم الفتيات أشارت وفاء إلى أنه تم إشراك سوق العمل في الإشراف على تنفيذ الاختبارات العملية في المؤسسات التدريبية، ومشاركة صاحبات العمل في ورش الدايكام لإعداد المناهج، و التدريب التعاوني (التطبيقي) للخريجات في مواقع العمل، حيث تم نزول نحو (128) طالبة في الأمانة إلى (14) موقع عمل خلال السنتين الماضيتين كما ينفذ البرنامج على مستوى المحافظات وينتج عنه وجود فرص توظيف لعدد يسير من الخريجات . ولفتت مديرة إدارة المرأة إلى ابرز الصعوبات والتحديات التي تواجه وتحد من التحاق الفتاة بمؤسسات التعليم الفني والمهني منها « قصور الموازنات المعتمدة لهذا النوع من التعليم ، وغياب تطوير وتحديث البرامج والأنظمة المواكبة للمتغيرات والتركيز على تخصصات محددة للمستويين التقني والمهني، محدودية التوسع في التخصصات التي تلبي احتياجات سوق العمل بالنوعية والكفاءة ،عدم إعطاء الأهمية المطلوبة لتنفيذ برامج توجيه وإرشاد مهني ووفقا لآلية مرنة موجهة لكل من : صاحب العمل ، الفتيات في سن التعليم ، أولياء الأمور وللمجتمع بشكل عـام، ومحدودية الطاقة الاستيعابية للفتاة وتدني مستوى المؤسسات التدريبية الخاصة بالمرأة وضعف الاهتمام بتشجيع وزيادة التحاق الفتيات بهذا التعليم، نتيجة ضعف الوعي المجتمعي بأهمية التعليم التقني والمهني للفتاة.