200 ألف يمني يلجأوون إلى العلاج سنوياً في جمهورية مصر الشقيقة، رقم مهول يقترب من عدد السياح الذين يزورون اليمن في العام من مختلف دول العالم بدون إرهاب ، ولكن لا غرابة فهشاشة الوضع الصحي والمستشفيات والعيادات ستدفع وبدون تردد جميع اليمنيين للسفر إلى الخارج لعلاج أبسط الأمراض ليس لأنهم الأكثر دخلاً في المنطقة ولكن لاختصار سنين من الدوام في المستشفيات وتجارب الأطباء واختلاف وجهات نظرهم التي تكلف الفرد خسائر فادحة في الممتلكات، وربما تدفع بكثير من أبناء اليمن إجبارياً باتجاه شارع الفقر و التسول في الجوامع والجولات باستثناء قلة قليلة. في هذا المبنى الضخم كل شيء يجسد هشاشة الوضع الصحي في البلاد وسوء تقديم الخدمات الصحية، وفيه تردد بغصة “ياعم ما ارخص الإنسان في بلدي “، وإذا أردت المزيد من الكوارث والأخطاء الطبية القاتلة عليك بزيارة المستشفيات الأهلية المكونة من طابق أو طابقين فلن تجد إلا شماعة “تلحيم” للمغذية فقط ، وتشعر تماماً بأنك في مسلخ.. فالمغذية مثلاً تجيبها من الشارع وكذلك القطن وشاش الربط والمطهر ، والبطانية من بيتكم ، ولن تجد أحداً في مكتبه غير صاحب الصندوق وبالكاد تحصَل على صرف ألف ريال ، وما خفي كان أعظم ..والمشكلة كاتب في اللائحة عبارة مسروقة عن مستشفى غير نموذجي “نحن بعون الله نرعاكم ، وعلى مدار 24 ساعة “ .. فيما تؤكد الجهات المختصة أنها تغلق (50) عيادة مخالفة وتتحفظ على (100) وأن المكافحة مستمرة على الهواء عكس الواقع الذي يناقض ذلك بعشرات العيادات الباسطين أصحابها على “الجولة” ومداخل الحارات .إن المشكلة لم تعد تكمن هنا بل في أنك تصبح بحاجة لعلاج يفسد الود مع العلاج السابق، وهكذا يفقد كل مريض الثقة تماماً بإمكانية وجود حل نظراً لكثرة الاختلافات وتباين نتائج التشخيص وتعدد قوائم العلاج ، وإذا أردت أن تتأكد فقارن أي تقرير طبي من هذه المستشفيات سواء الحكومية أو الأهلية مع تقرير لطبيب مصري ستدرك الفرق وبدلاً من العناء في الداخل عليك بالسفر إلى الاسماعيلية بمصر التي تحتضن مئات المرضى اليمنيين، معظمهـــم ضحايا للمستشفيات الحكومية والخـاصـــة ولسان حالهم يقول “ منكم لله يا أطباء اليمن “.إنك عندما تستمع إلى عشرات القصص الواقعية أو تزور مستشفى - لا قدر الله - ستدرك سر الرحلات الجماعية للمرضى إلى بلدان مثل الأردن والسعودية وألمانيا وتتصدر مصر القائمة.. ولعل أبرز الدلائل وجود مواعيد يومية لفرزة “اليمنية” إلى القاهرة .إننا بحاجة إلى ثورة صحية ومراجعة شاملة خصوصاً وأن هناك كليات في مذبح وذمار وعدن وحضرموت تدفع بأطباء جدد يملؤون شوارع المدن بعيادات الطب العام ، كما أننا بحاجة إلى إعادة تأهيل الموجودين في الميدان الصحي أسوة بالمعلمين ، بحيث يشعر الأطباء أنهم ملائكة رحمة وليسوا “حصالات” ، كما أننا بحاجة قصوى لهيئة غير جامدة لمراقبة الأدوية التي صارت تباع في البقالات وتفاوت أسعارها من صيدلية إلى أخرى بدون ارتفاع عالمي!!، وقبل كل هذا نحن بحاجة إلى وزير للصحة لا تهمه مناقصات الأدوية ولا يكون له مكتب يسقط فيه الواجب ضارباً عرض الحائط بكل ما يجري من سخط عارم لتردي الأوضاع الصحية سوى في العاصمة.. والكارثة أكبر فيما يجري في المحافظات والأرياف.ولابد من معالجة جدية للطب في بلادنا لاستعادة الثقة ووقف نزيف السياحة العلاجية الإجبارية..بدلاً من استشراء الوضع الحالي الذي يجعل من الانجازات الصحية التي نزايد بها عدمية تعزز انتشار وتكاثر المشعوذين والطب البديل، وتتلاشى فرحتنا بالثورة الطبية وتقدمها بشكل يومي ومخيف ، ونحن لا نزال نسعى بجهود ودعم الأشقاء ...بارك الله فيهم .. لمكافحة الملاريا والنامس .وهنا لا شك..ستدرك لماذا يسافر 200 ألف يمني إلى مصر للعلاج سنوياً ..مروراً من أمام “ وزارة الصحة العامة والسكان!!” وكان الله في عون الرئيس وإلهامه إلى مبادرة إصلاح طبية عاجلة أو إنشاء مؤسسة وطنية لاحتضان ضحايا المستشفيات التي تنتج يومياً معاقين وفقراء جدد.
العلاج في الخارج (2-2)
أخبار متعلقة