أقواس
أثبت علماء النفس من خلال البحث والاستقراء والتقصي أن 50% من النمو العقلي والنفسي للطفل يتم ما بين الميلاد والعام الرابع من عمره وما نسبته 20% يتم بين العام الرابع والثامن من حياته ، وأن نشوء الطفولة المبكرة لديه في المرحلة التي تسبق المدرسة تأتي بفعل الثقافة الصحيحة وإسهاماتها في استمرارية نموه العقلي والنفسي بمعدلات سريعة، وما يطرأ عليه من تغيرات إيجابية كالاتزان الفسيولوجي والميل للحرية والنمو في اللغة واستغلالها بما يؤدي الى الاستقلالية والاعتماد كثيراً على الذات بمخاطرة تفتح له آفاقاً جديدة للمعرفة تمكنه من استيعاب الظواهر الخارجية وعلاقة كل منها بالآخر بأساليب تسهل له عملية الاتصال بالعوالم الأخرى لتجده بعد ذلك وقد نمت لديه نماذج إضافية من المهارات المسماة بالذكاء العام الى جانب استقرار وثبات مهارات أخرى مثل الإدراك والذاكرة والتعلم وحل المشكلات من ثم الانتقال الى مرحلة تكوين المفاهيم المعرفية المختلفة واكتسابها بطريقة تضمن له النمو السليم ويحذرنا من خطورة تلقيه المعلومة الخاطئة لصعوبة تغييرها لاحقاً في ثقافته أو حرمانه من التعرض للمعلومات والمفاهيم الصائبة لما لها من تأثيرات سلبية على إجمالي حصيلته المعرفية.وعموماً يلجأ الطفل إلى استخدام الاسئلة والاستفسارات كمدخل لجمع المعلومات وحصد المزيد من المفاهيم وتخزينها بغرض التعامل معها بتفسيراتها في المستقبل ، وهو بذلك يكون قد أضاف ثروة هائلة من المحصول اللفظي والمعرفي بما يسمح له فهم الكبار والتجاوب مع متطلبات حياتهم الاجتماعية والعمل معهم كعنصر هام وأساسي .وكثيراً ما يتصف الطفل - في هذه المرحلة- بالخصوبة المفرطة في الخيال والقدرة على الربط بين أسباب المسائل ونتائجها .لذا نجد أن الكثير من الاتجاهات المعاصرة في تربية الأطفال ما قبل مرحلة المدرسة تؤكد أهمية تعريض الطفل للمثيرات الحسية المختلفة وإكسابه المفاهيم المناسبة لمساعدته على اللحاق بالركب الهائل من التطور العلمي والتكنولوجي المعاصر كي لا يضيع عليه الوقت وحتى لا تهدر الكثير من طاقاته وقدراته العقلية خاصة أنه يميل بشدة الى إعادة بناء كل ماتم تنميته في السنوات الأولى من حياته المرتبط بالنمو اللغوي أو عبر العمليات الرمزية إن كان هشاً ومحدوداً أو بعدم قدرته على التفريق بين تعميم المفهوم وفردية العناصر وتذبذب واهتزاز النواحي التصويرية في تكوين المفاهيم المتعلقة ببعض الخبرات المستمدة من الاسرة وجماعة الأقران والمدرسة ووسائل الإعلام والبيئة المحيطة به طبقاً للخصائص المشتركة والمتشابهة فيما بينها ليخرج منها في نهاية المطاف بعدد من التوجيهات الجديدة المبلورة لسلوكه وتصرفاته.ونخلص مما سبق إلى أن حاجة الطفل للثقافة في هذه المرحلة تدخل في سياق تكوين المفهوم الخاص به للمعلومة والتي تتطلب عملية توصية اجتماعية في حسن انتقاء النماذج المثلى القادرة على مده بخبرات عوضية هادفة لا تدع مجالاً لمحدودية الإمكانات وتلبي احتياج النمو النفسي السليم ، وتجمع بين الخبرات الشخصية المباشرة له والخبرات البديلة الأخرى. [c1]إعداد / أحمد علي عوض [/c]