قال له رئيس هيئة مكافحة الفساد “إذا وظفتك الجامعة سأطلبها للتحقيق”
ثمة حكاية لابد من سردها وعرضها أمام الرأي العام ، لأنها تستحق ذلك ، أولاً : وثانياً : لأنها أثيرت بصورة مفتعلة أو مبالغ فيها والقدر الذي تم تناوله في أكثر من صحيفة كان مبتسراً ومجتزاً وتدخلت القصدية المهنية المسبقة في توجيه القصة وإخراجها بطريقة مجحفة .. وقد أثارت الكثير من اللغط ووجهت سهاماً صوب إدارة الجامعة .. ويهمنا معرفة الحقيقة .. لأجلها نجيب البنا الذي أحرز الدكتوراه في الجغرافيا الطبيعية من المغرب منتصف 2007م ، وقيل إن جامعة ذمار ترفض توظيفه كمدرس مساعد في نفس التخصص الذي أعلنت الحاجة إلى مدرس يشغله عبر جريدة رسمية .. كثر اللجج وتطوعت الاجتهادات الصحفية للتفسير والتأويل ، ووجدها آخرون في الصف المعارض مناسبة مجانية للتشهير بالجامعة .. قال أحدهم إن قدمي الرجل «غائصتان الآن في أوحال جغرافيا أخلاقية غير طبيعية بالمرة» وقيل إنه «أشبه بمحارب أشباح» وأنها «أشباح تتمتع بمستوى علمي عالٍ ، لكنها تفتقر إلى الحس بالمسئولية»!!هذا ماقيل ويقال على عواهنة .. ولكن ليس هذا كل شيء .. ولاكل الحقيقة.بحسب مايؤكد الدكتور أمين الحميري نائب رئيس جامعة ذمار للشؤون الأكاديمية .. فإن الجامعة أعلنت عبر صحيفة الثورة وقت سابق عن حاجتها لعدد من المدرسين والمعدين في عدد من التخصصات والكليات .. ومن ضمنها «أستاذ جغرافيا طبيعية» وضمن الإعلان نفسه وضعت قائمة الشروط اللازم توافرها في المتقدمين لوظيفة مدرس الجغرافيا الطبيعية تقدم اثنان أحدهما هو الدكتور جمال البنا ذاته .. وبعد فحص الملف - والكلام للحميري – وجدت اللجنة إن إلاعلان لا ينطبق على البنا لأسباب يشرحها نائب رئيس الجامعة .الإعلان اشترط في المتقدم أن يكون حاصلاً على شهادة الليسانس أو البكالوريوس بتقدير جيد جداً .. والوثيقة التي حصلنا عليها تؤكد أن شهادة تخرج البنا في البكالوريوس تخصص «عام اجتماع» وليس جغرافيا طبيعية.. هذه واحدة .والثانية أن شهادة التقديرات المرفقة تؤكد أن البنا حصل على تقدير «مقبول» في 17 مادة ، والتقدير العام في الشهادة أيضاً «مقبول»(59%)، وليس جيد جداً كما يشترط الإعلان.وثالثاً فإن الدكتور البنا لاينطبق عليه الإعلان من حيث السن أو العمر لأن لديه تجاوزاً في السن واللائحة تمنع ذلك.ورابعاً حصل البنا على درجة الماجستير من المغرب في الجغرافيا الطبيعية ولكن بتقدير عام “61%” أي مقبول .. وحصلت الصحيفة على الوثيقة.أما خامساً فإن الدكتوراه التي يحملها البنا وإن حصل فيها على تقدير ممتاز إلا أنها كما يؤكد الحميري تخص البحث المطلوب ، فالدكتوراه مسألة بحث وليس دراسة والمطلوب مدرس وليس باحثاً .ويزيد الحميري أنه لا توجد ولا مادة واحدة من التي درسها البنا في المغرب تدرس في قسم الجغرافيا بجامعة ذمار ، ولا توجد مادة من التي يقررها قسم الجغرافيا في الجامعة ويدرسها للطلاب قد درسها البنا في دراساته العليا كافة .. ويتساءل : كيف سيدرس طلابنا مادة لم يقرأها أصلاً؟!كل ذلك لم يرد في كتابات وتقارير الزملاء والصحف التي تبنت قضية البنا وجعلت من موضوعه قبة كبيرة .. ومع تقديرنا للدكتور البنا إلا أنه أيضاً بالغ في مخالفة قناعاته الأكاديمية وهو حامل الدكتوراه ورفض الإقرار بعدم انطباق المعايير والشروط المطلوبة في الإعلان عليه .. ولكنه ذهب إلى البرلمان وهيئة مكافحة الفساد، والتعليم العالي ، والصحف بأنواعها والوساطات بأجناسها، وأخيراً إلى المحكمة.كل الذين سمعوا من رئاسة جامعة ذمار ، سواءً في البرلمان أو غيره ، الإيضاحات السابقة حول قضية البنا غيروا رايهم واقتنعوا برأي الجامعة إلا الصحف فإنها لم تستمع لأحد ولا طلبت توضيحاً من أحد بل اعتمدت على البنا وحده وأخلت بشروط المهنة وأمانة النشر ، وراحت تدبج الروايات والمغامرات اللغوية حول فساد ومخالفات ومؤامرات في جامعة ذمار فهل كانوا عادلين أو منصفين ؟!ليس هناك أشباح ولاغيرها ، بل هناك لوائح ومعايير وأنظمة .. فإما أن نسندها وندافع عنها ، أو أن نخرب الحياة التعليمية والأكاديمية بالوساطات والضغط الحزبي والابتزاز عبر الصحف وتشويه السمعة.في إحدى المرات – يحكى نائب رئيس جامعة ذمار – جاءني البنا يقول لي إن زميله الأخر المتقدم لنفس الوظيفية قد انسحب لمصلحته .. وعليه يجب قبوله !وكان الجواب : هذه ليست انتخابات محلية أو لبرلمانية لنأخذ بالتنازل للآخر .. هذه الجامعة ولوائح ونظم وشروط معلنة فإما أن تنطبق أو لا تنطبق.وعلى لسان رئيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد ينقل الدكتور أحمد الحضراني رئيس الجامعة أنه قال للبنا بعد أن قدم له ملفه وأطلع عليه “إذا وظفتك الجامعة سأطلبها للتحقيق!!”.القضية وصلت إلى المحكمة ودعونا ننتظر حكمها ونسلم به .هذه ليست جامعة الحضراني ولا الحميري ولا المعارضة .. ولا أحد .. إنها جامعة يمنية ملك للأجيال . ومن الظلم تجاوز الحقائق الدامغة وأهمال وثائقها وأولويات القضية برمتها والذهاب إلى معركة مع الجامعة وإدارتها .. وتكون التهمة الوحيدة هي أن الجامعة رفضت الإخلال باللوائح وانتهاك النظم والمعايير المتبعة أكاديمياً!هل تريد المعارضة القانون أم لا ؟ لأننا في حيرة .. تقول شيئاً وتعني ضده تماماً .. فأين إذاً تكمن “الأشباح” حقيقة؟!