غضون
- سأستأنف هذا العمود بعد الإجازة بتعليقات قصيرة حول آخر مقال قرأته بتمعن في هذه الصحيفة لكاتب يوصف أنه باحث إسلامي .. تحدث عن تحريف وإبهام وغموض ومغالطات أحاطت بالعلمانية ومع ذلك لم يتحر عدم الوقوع في التحريض والمغالطات!.قال إن من مقومات الشورى (الديمقراطية) في الإسلام تبادل السلطة سلمياً بدورات انتخابية محددة زمنياً .. بينما المعروف إن نظام الشورى ليس هو نظام الديمقراطية, نظام الشورى يمنح جماعة محددة تسمى أهل الحل والعقد اختيار حاكم أو خليفة, ويبقى هذا الحاكم أو الخليفة في منصبه حتى موته أو عزله أو استقالته .. فلا يوجد تبادل سلمي ولا دورات انتخابية محددة ولا يحزنون .. فضلاً عن أن معظم الفقهاء المسلمين يقررون أن الشورى معلمة وليست ملزمة .. أي أن رأي واختيار أهل الحل والعقد معلم وليس ملزم .. أما رأي واختيار العامة فعندهم غير مطلوب من أساسه.ڈ ويحدثنا الباحث الإسلامي عن القرآن بوصفه المصدر الوحيد للتشريع .. وأن الأخذ والاستعانة بأديان أرضية ووضعية ومذهبية وشيع وأحزاب وطوائف يعد شركاً بالله وتحكيماً للكهنوت .. بينما المعروف أن مصادر التشريع في الإسلام تبدأ بالقرآن ثم السنة وقول الصحابي والإجماع والقياس والعرف والمصلحة .. ومعروف أيضاً أن الإسلام أخذ بعض ما هو مفيد ونافع في الأديان السماوية التي سبقته وفتح الباب للأخذ من التي أتت وتأتي بعده من المذاهب والفلسفات والمدارس الفكرية والفقهية .. المسلمون اليوم يؤمنون بمبدأ الحرية .. وكثيرون يعتنقون مبدأ المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء .. ومصدر هذا الإيمان وهذه العقيدة هو شرعة حقوق الإنسان وأدبياتها وهي وضعية وليست سماوية.- يقول الرجل إن العلمانية مصطلح محرف مبهم غامض, ولا يعني فصل الدين عن الدولة مستدلاً بذلك على بعض الاقتباسات الغربية المسيحية .. بينما المعروف إن العلمانية في الغرب كانت آخر ثلاث تجارب في علاقة المسيحية بالإمبراطورية الرومانية .. الأولى تمثلت في حالة العداء بين الإمبراطورية والدين المسيحي, والثانية بدأت نحو عام 315م مع قسطنطين الأول الكبير الذي أعترف بالمسيحية كدين للدولة ثم صار رجال المسيحية رجال دولة داخل دولة وتحكموا بكل شؤون الدنيا والناس باسم السماء وقتلوا وجمدوا الحياة .. وبعد فترة طويلة جاء رجال النهضة لينهوا الازدواج بين الدين والدولة وقرروا الفصل بينهما, وهذا ما يسمى بالعلمانية .. والعلمانية بالمناسبة عندما تفعل ذلك لا يتضمن فعلها هذا أي عداء للدين أو استبعاده من المجتمع .. هي تقتضي منع السياسيين من استخدام سلاح الدين لتحقيق الأهداف الخاصة بهم والتي يعجزون عن تحقيقها بالسياسة.