لقد أدى التركز الصناعي وما تبعه من تجمعاتٍ عمرانيةٍ ضخمة، إلى تلوث البيئة الطبيعية بشكل يضر بحياة الإنسان والحيوان والنبات ويهدد استمرارها، وتنتج عنه أمراضاً كثيرة مستعصية، في مقدمتها السرطان.وهذا التلوث يصيب حياة الأودية، ويقضي على ما بها من حيوان ونبات، ثمّ يمتد إلى البحار، وهو في الوقت نفسه يصيب الهواء لا في مواقع محددة فحسب، بل يمتد حتى يهدد الغلاف الحيوي للكرة الأرضية.وعلى إثر تلك الظواهر بدا جلياً على السطح الاهتمام بدراسة أثر نشاط الإنسان الصناعي، وما يترتب عليه أو يصطحبه، على البيئة في مجموعها، فظهرت مشكلات كثيرة ومخاطر متعددة تتعرض لها النظم الأيكولوجية، كالآثار المترتبة على التوسع في استخدام الأسمدة الكيماوية والمبيدات الحشرية، والكيماويات التي تدخل صناعة المعلبات والأدوية ومستحضرات التجميل... الخ.فإنّ التوجه نحو إشباع الحاجات الأساسية للجماهير، يمكن من تفادي تركيز الصناعات في مناطق محدودة يتراكم حولها السكان في تجمعات حضرية ضخمة، بكل ما يثيره ذلك من صعابٍ في أداء الخدمات ومن أضرار البيئة، بل يمكن أن تنتشر مثل هذه الصناعات في أنحاء البلاد، موزعة العمران والتحضر في أرجاء الريف.فلا تؤكد التناقض بين المدينة والريف وتساعد على تطوير الريف وحد الهجرة منه.والتحضر في حد ذاته ظاهرة من الظواهر الاجتماعية السليمة التي يصاحبها نمو وتحول في حياة الإنسان وظروفه المعيشية وانتقاله من واقع متخلف إلى واقع متطوِّر يتسم بمظاهر التقدم الفكري والرخاء المادي، ومن خلاله تتهيأ لذلك الإنسان أسباب الوصول إلى مرحلة تجعله أكثر إدراكاً وتفهماً لما يدور حوله من أمور وأشد تفاعلاً مع ما يجد من أحداث، وأحسن تكيفاً وانسجاماً مع متطلبات التغيير، وأصدق مسايرة لروح العصر وأقوى معرفة بطرق المعيشة وأساليبها المتجددة.خلدون المجالي
|
ابوواب
التركز الصناعي وأثره في البيئة
أخبار متعلقة