بمناسبة الذكرى الرابعة عشرة لرحيل موسيقار اليمن الراحل أحمد قاسم
[c1]أحمد قاسم يكتب كلمات أغنية ويلحنها ويغنيها في جلسة قات[/c]كلما يمر عام على وفاته يدور شريط الذكريات في ذاكرتي وقلبي ووجداني لأنني عرفت احمد قاسم عن قرب منذ السنة السابعة من عمري وعمره ودرسنا سوياً في مدرسة بازرعة الخيرية الإسلامية، واستمرت صداقتنا بعد خروجنا إلى الحياة العملية إذ كنا نلتقي يومياً إلا فيما ندر، نمضغ القات سوياً مع عددٍ من الأصدقاء. وطبعاً كان أحمد يحضر معه العود وأسجِّل له في كل جلسة وكان – رحمه الله – يخصني عند تلحينه لأي أغنية جديدة قبل تسجيلها للإذاعة وتمكنت من جمع عددٍ كبير من أغانيه وجميعها بالعود أو مع الإيقاع إذا ما تواجد ضارب الطبلة عبدالكريم قعطبي .. وضارب الدف جعفر بهري وما زلت احتفظ بأغانيه لأنني ارفض إعارة الأشرطة لأي كائن كان .. عشق أحمد قاسم آلة العود عشقاً يفوق كل عشق وعلّم نفسه بنفسه العزف بدون معلم، وكان أحمد لا يملك عوداً بل كان يستأجر العود من الفنان أحمد عوض الجراش ومن شخص يقوم بصناعة الاعواد وكان محله بالقرب من مسجد العيدروس بكريتر وكان يقضي معظم ساعات يومه بالعزف حتى أجاد العزف ومن ثم أجاد العزف على جميع الآلات الموسيقية الوترية والنحاسية، وأول أغنية لحنها وسجلها لإذاعة عدن هي أغنية تهجر وتنساني من كلمات الشاعر علي محمد لقمان.جعفر مرشدأحمد قاسم كان فناناً متميزاً رفض التقليد والرتابة في الأغنية اليمنية وشكّل لوناً متميزاً حيث ألبس أغانيه لباس العصر وانطلق بها من نجاح إلى نجاح في الداخل والخارج وحقق جماهيرية واسعة تشهد بتفرده بموهبته وعبقريته وقد عرف أحمد قاسم بمبادراته الخلاقة التي تصل حد المغامرة في أحيان كثيرة من أجل الارتقاء بالأغنية اليمنية وإعلاء شأنها فتعاقد – على سبيل المثال – مع فنانين مشهورين في مصرَ لإحياء حفلات ساهرة في عدن واشترك معهم في تلك الحفلات في عام 1963م و1964م من القرن الماضي، كما أقدم بجرأة فائقة على إنتاج أول فيلم سينمائي يمني هو فيلم – حبي في القاهرة – في عام 1965م شارك في بطولته كبار نجوم الشاشة في السينما المصرية وتبنى المواهب الشابة الواعدة من الجنسين وأتاح لها فرصة العمر للانطلاق في دروب الفن.. كان الموسيقار الراحل أحمد قاسم كبيراً نقل الأغنية اليمنية نقلة كبيرة إلى الأمام ويشهد له الجميع بالدور الريادي المتميز بهذا الخصوص وستظل مكانة الموسيقار أحمد قاسم في ذاكرتنا تتعاظم وذاكرة الفن اليمني على مر السنين فقد جدّ وجد وزرع فحصد.ومن ذكرياتي عن الفنان أحمد قاسم ما حدث في الثلث الأخير من شهر مارس عام 1969م عندما رزقني بمولودة.. فرحت بمجيئها كثيراً، لأنّها جاءت بعد اثنين ذكور ومن شدة فرحتي وجهت الدعوة لجميع الأصدقاء لحضور مقيل بهذه المناسبة ومن ضمنهم أحمد قاسم الذي سألني عن الاسم الذي اخترته لها.. فقلت له اسمها – منى – فطلب ورقة وقلم وأخذ يكتب ولما فرغ من الكتابة أمسك بالعود ليلحن ما كتب وإذا بها أغنية بعنوان – أحلى الأماني في منى – وتقول مطلعها :[c1]أحلى الأماني في منىعيشي في سعادة وهناء[/c]إلى آخر الأغنية.طلب مني تشغيل المسجل لتسجيل الأغنية وتم تسجيلها وإذا بها أغنية مكتملة من حيث الكلمات واللحن والأداء.. وقد أعطى للأغنية لحناً جميلاً وعلى الرغم من أنّها أغنية خاصة كان في إمكانه لو أراد أن يعطي اللحن لأغنية عامة، إلا أنّه لم يفعل لئلا أستاء وليحتفظ بالهدية التي قدّمها لي كذكرى عزيزة لا تنسى على مر السنين وما زلت احتفظ بها واستمع إليها بين الحين والآخر ولا يستغني بمناسبة مرور أربعة عشر عاماً على وفاته إلا الابتهال إلى المولى العلي القدير بالغفران والرحمة له وأن يكسنه فسيح جناته.