إعداد / زكي الذبحانيلا وجود لمستوى آمن للتعرض لدخان التبغ – كما يدعي البعض – ولايمكن بالتهوية أو بتنقية الهواء – بأي منهما أو بكليهما – التقليل من مستويات التعرض القسري للتدخين في الأماكن المغلقة وما شابه إلى المستويات المقبولة المحدودة الآثار والأضرار على الصحة. فمع انبعاث دخان التبغ في الهواء تتصاعد منه مختلطة بالهواء مواد سلبية تضر بصحة من يتعرضون لها قسراً لا إرادياً لاستنشاقهم هواء فاسداً . إنها قضية أقحم فيها غير المدخنين حتى الأطفال ولا ذنب لهم فيما يستنشقونه من هواء لوثه المدخنون بسجائرهم وشيشهم في الأماكن المغلقة ، والواقع إن من بين المدخنين من يعرف هذه المعلومات والحقائق ولا يعترف بها .. لا يعترف بأن التدخين سيضره وأنه يضر الآخرين من حوله لاستنشاقهم دخان التبغ قسراً بالإكراه.وليس فقط يعد التعرض أللإرادي لدخان التبغ نوعاً من الإزعاج لغير المدخنين ، فبانبعاث وانتشار دخان التبغ ، لاسيما في الأماكن المغلقة وما شابه ، يمتزج بالهواء باثاً سمومه ، فيستنشقها جميع من هم على مقربة من المدخن والمحيطين به ، ولغير المدخنين على وجه التحديد يطلق على هذا التعرض .. تدخيناً قسرياً .إن استخدام تعبير التدخين القسري ( اللإرادي ) غني بالصواب ، لأننا نحطئ كثيراً عندما نسميه التدخين السلبي ، فليس هناك تدخين إيجابي والا لكان هناك تدخين إيجابي . وقد بينت الدراسات أن المدخن يستنشق ما بين ( 15 – 25 % ) فقط من محتويات التبغ ، والباقي – وهو الأعلى نسبة – ينتشر في البيئة المحيطة ، مؤكدة أن التعرض القسري ( اللإرادي ) للتدخين يزيد من خطورة الإصابة بسرطان ( الرئة – الدم – الثدي – الغدد اللمفاوية – عنق الرحم ) ومن حالات الربو وصعوبة التنفس والصداع والدوار والغثيان ، والالتهابات الشعبية والرئوية وتشمع الأذن لدى الأطفال . وبالتالي ، وحدها البيئات الخالية من الدخان من التدخين بنسبة (100%) وسيلة الوقاية الفاعلة البعيدة كل البعد عن مضار التدخين القسري . وليس في هذا مبالغة ، فهناك ( أربعة آلاف ) مادة كيماوية في دخان التبغ ، منها (خمسون ) مادة معروف عنها أنها مسببة للسرطان لدى الإنسان ، ومجموعة من تلك المواد والمركبات الكيماوية المهولة في مقدمتها ( النيكوتين ) مصنفة بأنها من مسببات الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية والعديد من أمراض الجهاز التنفسي وحالات الربو والاختناق ، ناهيك عن رائحة دخان التبغ المثيرة لضيق ونفور غير المدخن . وبالمناسبة اتخذت منظمة الصحة العالمية شعار اليوم العالمي لمكافحة التدخين لهذا العام ( لا للتدخين في الأماكن المغلقة ) ، حيث تقرر إقامة احتفالية بهذه المناسبة في بلادنا هذا الأحد ( 3 يونيو 2007م ) . مؤكدة في توصياتها المعنية بالسياسات – حماية لصحة الإنسان من الآثار الضارة الناجمة عن التعرض القسري للتدخين – على توفير البيئة الخالية من الدخان بنسبة ( 1000 % ) لكونها الاستراتيجية الوحيدة الفعالة لتقليص التعرض لدخان التبغ في الأماكن المغلقة للوصول إلى مستويات آمنة ولتوفير مستوى مقبول للوقاية من أخطار التعرض القسري / اللإرادي لدخان التبغ ، فالتهوية والأماكن المخصصة للمدخنين – سوأء تم أو لم يتم تهويتها – بمعزل عن الأماكن المخصصة لغير المدخنين ، لا تقلل التعرض القسري لدخان التبغ إلى مستوى آمن من الخطر ، ومن ثم لا يوصى بهذا الحل. ومما ذكرته في توصياتها أيضاً : - يتعين إصدار تشريعات تلزم أماكن العمل المغلقة والأماكن العامة بأن تكون خالية من الدخان تماماً ، وينبغي أن تكفل القوانين على مستوى العالم للجميع حماية عادلة ، ولا تشكل السياسات الطوعية حلاً مقبولاً . - ينبغي تطبيق وإنفاذ القانون ، ولا يجب الاكتفاء بإصدار تشريعات حظر التدخين، وإنما تستلزم سلامة تطبيقها وتنفيذها جهوداً ووسائل محددة حاسمة . - يجب تطبيق استراتيجيات تثقيفية لتقليص التعرض القسري لدخان التبغ في المنازل حيث تزيد تشريعات حظر التدخين في العمل من احتمال منع المواطنين – المدخنين وغير المدخنين على السواء – من التدخين في منازلهم . كما ورد تقرير نشرته المنظمة مؤخراً بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التدخين أن التدخين في الأماكن المغلقة تحديداً لا يلقى ترحيباً بين غير المدخنين ، وهو رأي أجمع عليه أيضاً كثير من المدخنين بحسب آخر الدراسات والأبحاث . فمن خلال نتائج المسح العالمي للتبغ حول الشباب الذي أجرته منظمة الصحة العالمية ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة في الفترة من ( 199 – 2005م ) على طلاب في الفئة العمرية من ( 13 – 15 عاماً ) ، في (132) بلداً.. تبين أن ( 43.9 % ) من الطلاب يتعرضون لدخان التبغ في المنازل ، بينما يتعرض له ( 55.8 % ) في الأماكن العامة ، ووجد أن ( 76.1 % ) منهم – محل المسح – يؤيدون حظر التدخين في الأماكن العامة . فيما تشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى وفاة ( 200.000 ) عامل في كل عام جراء التعرض لدخان التبغ في أماكن العمل ، معظمهم يعملون في المطاعم والأماكن الترفيهية والقطاعات الخدمية ، عدا عن أن هذه المشكلة تسري على كل المهن . كما ذكر التقرير أنه ومن واقع البيانات والتجربة الفعلية وما تؤكده البيانات ، فليس ما يدعم ادعاءات صناعة التبغ ، وأن الاتفاقات الطوعية بالقبول بالتدخين التي تنادي بتساهل غير المدخنين لم تثبت فعالية في حماية الجمهور من أضرار دخان التبغ السلبي، بل إنها تمثل عائقاً أمام توطيد تدابير حماية فعالة ، كما أثبتت الدراسات التي اجريت في فنلندا وايرلندا ونيوزيلندا وأوروغواي وكاليفورنيا وغيرها من البلدان ، أن راسمي السياسات توصلوا إلى أن التدابير الطوعية لا تكفي لحماية الصحة العامة ، وبالتالي يلجؤون إلى سن القوانين والتشريعات الخاصة بتوطيد أماكن خالية من دخان التبغ . في الختام .. لابد أن يضع المدخنين أعينهم على الحقائق والثوابت حول حقيقة عادة التدخين الكريهة وما في التبغ من مكونات الضرر بالصحة ، تقود بالمدمنين عليه إلى الانتحار البطئ ، وتضر بصحة غير المدخنون الذين يستنشقون دخان التبغ . وبالتالي لحمايتهم لن يجدي نفعاً سوى تهيئة بيئة خالية تماماً من التدخين لحماية غير المدخنين من خطر التعرض قسرا للتدخين .[c1]*باحث في المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان [/c]
أخبار متعلقة