تحقيق: رندا باعشن :«بعد أن وجد المارد نفسه خارج المصباح نفذ لعلاء الدين كل أمنياته... أما سندباد بعد جولته على بساط الريح وصل بسرعة البرق إلى بغداد»... نماذج بسيطة مما يقدم في صحافة الأطفال التي فيها الكثير مما يستخف بعقل الطفل. وتكاد تكون هذه الصحافة المتخصصة بشريحة كبيرة ومهمة غائبة في اليمن، وإذا وجدت فهل تراعي خصوصية الطفل؟ [c1]كان يا مكان[/c]بدأت صحافة الأطفال بالازدهار قديما في اليمن وفي عدن خصوصا. وفي مطلع الأربعينيات نشطت عملية إصدار المجلات المدرسية الحائطية والمطبوعة. وفي تلك الفترة كانت أهم مجلة مطبوعة هي مجلة «مدرستنا» التي أصدرها طلاب مدرسة الحكومة الثانوية تحت إشراف الأستاذ علي محمد الاغبري وصدر منها أكثر من 18 عددا في الفترة ما بين 1948 - 1951. كما أصدرت وزارة التربية والتعليم في عدن العدد الأول من مجلة «البراعم» في مايو 1979، وصدر منها ثلاثة أعداد. وفي عام 1980، أصدرت مجلة «الإرشاد» (وزارة الأوقاف) بصنعاء ملحقاً بعنوان «أولادنا». كما أصدرت منظمة الطلائع اليمنية بعدن في فبراير 1983 العدد صفر من مجلة «وضاح» التي استمرت في الصدور شهرياً حتى يناير 1986، حيث صدر آخر أعدادها وحمل الرقم 24 وعن دار الهمداني للطباعة والنشر بعدن صدر العدد صفر من مجلة «نشوان» في مارس 1984، وانتظمت في صدورها شهرياً حتى العدد 24، وتوقفت بعد أحداث يناير 1986، ثم أصدرت مجلة «وضاح» عن وزارة التربية والتعليم, ووزارة الثقافة, ومنظمة الطلائع, وصدر العدد صفر في نوفمبر 1986، والعدد 10 في يناير 1990، وبعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية أصدرت وزارة الثقافة والسياحة عدداً يتيماً من مجلة «وضاح» في مارس 1991، كما كان هناك عدد من الإصدارات الشخصية منها مجلة «الطفولة» التي أصدرتها الكاتبة نجيبة حداد عام 1993. [c1]قصص الجن والعفاريت[/c] تؤكد الأخصائية النفسية فتحية السروري، أهمية صحافة الأطفال وتعتبرها «أبرز أنواع الأدب المقدم للأطفال، لأنها تدخل أهم عالم من عوالم شخصيته وسلوكه وتكسبه تساؤلات وكيفية الرد عليها وهي تبعده عن الملل وتحرك عواطفه وانفعالاته وتحرك فيه العمليات المعرفية كالإدراك والتخيل والتفكير وعدم وجودها يعدم كل ايجابياتها». وتنتقد السروري صحافة الأطفال التي تستخف بعقل الطفل والتي تقدم قصصا مثل قصص الجن والعفاريت والأعمال الخارقة للطبيعة، وقالت إنها «تزرع الخوف في قلوب الأطفال، لأن عقلية الطفل تجسد بقوة كل ما يقرؤه ويراه وذلك لحساسيته وشوقه. وفي المقابل هناك قصص الطرافة والفكاهة الفارغة من المضمون». وأشارت إلى أن اهتمام الطفل بالقراءة يبدأ بسن مبكرة جدا في الرابعة أو الخامسة تقريبا وذلك بدافع الاطلاع والمعرفة لذلك يجب مراعاة كل ما يقدم له. أما بالنسبة لدور الأسرة وأثرها على الطفل فهو دور مهم جدا فهي الوعاء الأول له ولنشأته قبل خروجه إلى العالم الخارجي فيجب أن يختار الوالدان بعناية فائقة ماذا يجب أن يقرأ أطفالهم.
[c1]المعوقات [/c]يتحدث الأديب والقاص عبد الرحمن عبد الخالق عن المعوقات التي تعترض صحافة الأطفال فيبدؤها بعائق «عدم توفر الدعم المادي فإنتاج مجلة متخصصة بالأطفال يجب أن يخصص لها مبالغ كبيرة فالورق يجب أن يكون مصقولا والألوان يجب أن تكون على درجة عالية من الجودة لأنه يجب عند إصدار مجلة متخصصة بالأطفال أن تكون في مستوى المجلات العربية. فهناك مثلا مجلة «العربي الصغير» فهي مميزة وجذابة وبثمن زهيد مقارنة مع تكلفتها». ويضيف: «العائق الثاني غياب المتخصصين بهذه الصحافة، رسامين وكتابا، الذين لا بد أن يكونوا ملمين تماما بكل جوانب شخصية الطفل. وقد يوجد المهتمون بهذا الجانب ويحاولون تطوير أنفسهم عن طريق الاجتهادات الشخصية من قراءة كتب في علم نفس النمو وعلم نفس الأطفال ولكن ينقصهم الدورات التأهيلية الخاصة لتدريبهم على أكمل وجه». ويتأسف من «عدم وجود صحافة خاصة بالطفل في اليمن ماعدا مجلة واحدة» صادرة عن مؤسسة حكومية، هي «المثقف الصغير» الصادرة عن مؤسسة «الجمهورية». والسؤال الذي ما زال يطرح نفسه: لماذا إلى الآن لم تصدر وزارة الثقافة مجلة خاصة بالأطفال؟ [c1]الصحافة المدرسية[/c] المشرفة الاجتماعية بمدرسة حمزة للأولاد، سميرة سلطان، توضح أن الصحافة المدرسية هي اللبنة الأساسية في تشكيل معارف الطلاب، لأنها «تعطي الطالب الأفكار وتدربه وهي مهمة للمدرسة وللطلاب على حد سواء، وتعتبر أداة من أجل تغيير الأفكار الخاطئة عند الأطفال وتدعيم الأفكار الصحيحة لديهم ويجب أن تتحلى بالمصداقية والبساطة لتوصيل الأفكار سواء كانت هذه الأفكار دينية أم تربوية أم حتى سياسية». وتتابع سلطان: «حتى يقبل الطلاب على المجلة الحائطية لا بد أن يشترك بعملها الطلاب أنفسهم عبر إعطائهم الأفكار، فيما نقوم نحن بتصحيح الأخطاء إذا وقعت، ويجب أن تكون مصورة، لأن الصور عامل جذب للقراءة». [c1]حق القراءة [/c]تنص المادة 17 من اتفاقية حقوق الطفل التي أقرتها اليونيسيف في نوفمبر 1989، على أن تعترف الدول الأطراف بالوظيفة الهامة التي تؤديها وسائط الإعلام وتضمن إمكانية حصول الطفل على المعلومات والمواد من شتى المصادر الوطنية والدولية، وبخاصة تلك التي تستهدف تعزيز رفاهيته الاجتماعية والروحية والمعنوية وصحته الجسدية والعقلية.