للتعرُف على مفهوم ( مِلك اليمين ) من القرآن الكريم , يجب بالضرورة أن ندع تفسيرات علماء المذاهب والملوك جانبا , بمعنى آخر أن نتدبر ونتفكر ونتعقل جميع هذه المفاهيم من القرآن الكريم , والتي هي بالضرورة تتعارض مع ما فُرض علينا منذ 1200 عام من خطوط حمراء ممنوع الإقتراب منها , ومن تفسيرات باطلة هي بالأساس تخدم الإله الأرضي بنظام الوراثة والأسر الحاكمة غير الشرعي !!! والتي حوَلوا وحرفوا التفسيرات ليمكنوا الإله الأرضي (الملك) أن يستبيح كل المحرمات وينكح ويزني كيفما يشاء ولا من حسيب عليه ولا رقيب, ومشرعا بتشريعات علمائه أشد الكفر والشقاق والإرهاب والنفاق ؟؟؟ قصة النبي يوسف عليه السلام هي خير مثال لمفهوم ( مِلك اليمين ) جميعنا يعرف قصة نبينا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ( عليهم جميعا الصلاة والسلام) , وكيف إن أخوته قد تآمروا فيها عليه , لأن يلقوه في البئر حتى يستحوذوا على حب أبيهم , ولا داعي لسرد القصة كاملة لأنها واضحة جلية بينة في القرآن الكريم , بل أحاول من خلال هذه القصة أن أبيَن موضوع البحث ( مفهوم مِلك اليمين ). عندما جاءت السيارة ( القافلة ) التي وجدت سيدنا يوسف عليه السلام ووجدوه في البئر , وهي في طريقها ( القافلة ) إلى مصر , لقوله تعالى: وَجَاءتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلاَمٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ( 19 ) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ ( 20 ) يوسف القافلة التي باعت الغلام ( يوسف عليه السلام ) إلى العزيز في مصر وبثمن بخس وكانوا فيه من الزاهدين , قد بينت لنا بوضوح إن يوسف عليه السلام قد أصبح مِلكا ليمين العزيز .. بمعنى آخر إن العزيز بحُر ماله أشترى يوسف .. وأصبح يوسف مِلكا ليمين العزيز ( اليمين دلالة على اليد اليُمنى بالمال والدفع بالأجر والشراء ) , وإن الدلالة هنا هي ( ما ملكت أيمانهم ) , يمتلكون من المال أغنياء ومقتدرين ومتوسعين ماليا , ما يمكنهم أن يستخدموا ويستنفعوا من مالهم بالآخرين ممن هم بحاجة للمال والأجر والرعاية والتبني والمساعدات , والمعروفين بالقرآن الكريم ب ( مِلك اليمين ) .. ومن خلال هذه القصة المُختصرة أعلاه , هل يوسف عليه السلام قد أصبح عبدا للعزيز ؟؟؟ وهو بالأصل مِلكا ليمين العزيز ؟؟؟ ولنحاول الإجابة على السؤال أعلاه : لقوله تعالى: وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ( 21 ) يوسف الآية أعلاه واضحة تماما , وقال الذي أشتراه من مصر ( ما ملكت يمنه ) لأمرأته أكرمي مثواه , عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ( مِلك اليمين يوسف عليه السلام ). إذاً مِلك اليمين هنا هو ليس بالضرورة عبد , بل هو شكل من أشكال الرعاية والتبني , وفي نفس الوقت هو بالمقابل يخدم وينفع صاحبه في إحتياجات المنزل والضرورات الحياتية التي يكون فيها مِلك اليمين هو أحد أركان هذه الأُسرة. وللعبرة لأولي الألباب , والتأمُل والتفكُر والتدبُر في آيات الله جل جلاله في القرآن الكريم , أراد الله جل جلاله أن يبين لنا زيف كل التفسيرات المذاهبية , والتي هي قامت أساسا على العدوان والحرب على الله وكُتبه ورُسُله !!! وجعلوا من نظام العبودية والسخرة هي تشريعات تجعل الإله الحاكم (الملك) وحاشيته وبطانته رجالا ونساء هم الأسياد الأحرار والحرائر ,والرعية والشعوب هم أتباع مُسخرون بهائم عبيد وجوار , رجالاً كانوا أم نساء ؟؟؟ ويبرز السؤال الثاني وهو : هل يوسف هو مِلك يمين ؟؟؟ بعد أن كبر وبلغ أشده وآتاه الله حكما وعلما ؟؟؟ ويجيب علينا القرآن الكريم على هذا السؤال. لقوله تعالى : وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ( 23 ) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ( 24 ) وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( 25 ) يوسف تبين الآيات أعلاه بوضوح , إنه بالرغم من أن يوسف مِلك يمين ... إلا إنه رفض الزنا مع إمرأة العزيز الذي أشتراه ( ما ملكت أيمانه ). وبهذا تنتفي حجة النكاح والزنا بمِلك اليمين يوسف ( عليه السلام ) , ويتبيَن لنا من خلال هذه القصة أعلاه , شرطين أساسيين يجب أن يتوفرا في مِلك اليمين وهما : 1 - مِلك اليمين ليس عبدا لدى الذي أشتراه ( ما ملكت أيمانهم ). 2 - لا يحق النكاح أو الزنا بمِلك اليمين. وتعالوا معا نربط مفهوم ( مِلك اليمين ) أعلاه بتفسيرات علماء المذاهب وملوك قريش وفارس التأريخيين غير الشرعيين , والذين بينوا من خلالها وبرروا عدوانهم وحربهم على الله وكُتبه ورسُله , وشرعوا لملوكهم غير الشرعيين أن يستعبدوا الفقراء والمضطرين والمستضعفين والمحتاجين ويزنوا بهم رجالا كانوا أم نساء !!! منتهكين بذلك كبرياءهم وإذلالهم ومهانتهم لمِلك اليمين ؟؟؟ عندما فسروا بتفسيراتهم الباطلة غير الشرعية إن مِلك اليمين هو الفارق بين الأمَة ( الجواري - عبيد النساء ) والحرائر ( الأحرار من النساء ) , أو إن مِلك اليمين هو الفارق بين العبيد والأحرار من الرجال ؟؟؟ وإن ( ما ملكت أيمانهم ) يحق لهم أن يستعبدوا ويزنوا وينكحوا ( مِلك اليمين ) ؟؟؟ أي عدوان وحرب هذه على الله وكُتبه ورُسله ؟؟؟ وبما لم ينزل الله به من سلطان ؟؟؟ أنظروا ما يقوله المنافقون والمدَعون والجاهلون المذهبيون مشرعو الملوك والسلاطين والأمراء والمشايخ , في وصفهم لمِلك اليمين : ( ونحن بطبيعة الحال نخاف ألا نعدل وعليه نفضل الزواج من واحدة أو اثنتين ونكاح عشرات بمِلك اليمين, لأن الجواري المملوكات لا تشترط فيهن الآية الكريمة أي عدل مقارنة مع الحرائر ؟؟؟ .أي إعلان عالمي هذا يحرم الإنسان المسلم من حقه في امتلاك إنسان آخر !!! ألا ترون أن الملاحدة يكيلون بمكيالين؟؟ويرجحون حق السبية (أسيرة الحرب) في أن لا تكون مِلك يمين على حق المسلم في أن ينكح بمِلك اليمين , اللهم إن هذا لمنكر.... ويسترسل قائلا: وهذا خرق سافر لحقه في امتلاك جواري , لحقه في امتلاك جواري , لحقه في امتلاك جوار , وهو حق مكتسب عن أسلافه الصالحين !!! ومضمون بآية كريمة جاءت من فوق سبع سموات :” وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ “ ) صدق الله العظيم وبناءا على قصة نبينا يوسف , دعونا نربط الآية الكريمة : وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا ( 2) وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ ( 3 ) النساء أنظروا كيف يخلطون الحابل بالنابل ليبينوا من خلاله جهلهم وعدوانهم وحربهم على الله وكتبه ورسله ؟؟؟ وعجزهم في تدبُر آيات الله في القرآن الكريم ؟؟؟ وإن هم إلا يتبعون كُتب تراثهم وأسلافهم المذهبيين غير الشرعيين ( علماء الملوك والسلاطين والأمراء والمشايخ ) , دونما تفكُر أو تدبر في آيات الله جل جلاله في القرآن الكريم !!! والذي أُنزل رحمة وعدلا للعالمين ولكل زمان ومكان حتى تقوم الساعة ( بإذن الله ). الآية أعلاه واضحة وضوح الشمس , وهي تشريع الله جل جلاله في اليتامى , وأراد الله جل جلاله حينما يكون اليتامى ( وهم بالضرورة لا آباء لهم ) إن كانوا من الوارثين , وأراد الله جل جلاله بوضوح بأن آتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا ... والآية هنا صريحة واضحة وليست بحاجة إلى تأويل أو تضليل : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا ). أما كلام الله جل جلاله في نهاية الآية (فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا ) , هو كلام واضح بأن حرم الله جل جلاله الإضرار باليتامى , الكلام فيها واضح وضوح الشمس كذلك وبالزواج ما مكَنه وأعطاه الله جل جلاله بحسب قدرته من يسير المال ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) , وهنا يبيَن الله جل جلاله إن الشخص الراعي إذا كان ثريا أو مقتدرا ماليا , وإنه بإستطاعته الزواج بما مكنه الله تعالى من مال ( ما ملكت يمينه ) أن يتزوج حلالا أمهات اليتامى ... وأن يأتيهن أجورهن وبرضى أهلهن معززات مُكرمات. وذلك لأنه ببساطة شديدة , قد حرم الله جل جلاله الزنا في القرآن الكريم.لقوله تعالى: وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا ( 4 ) النساء الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ( 3 ) النور ومتى كان الرجل غنيا مقتدرا ( بما ملكت يمينه) من مال , أن يتزوج بأكثر من إمرأة حلالا وشرعا , بعد رضى أهلهن ودفع أجورهن ( ما يُعرف اليوم بالمهور)... والعدل بينهن هو شرط أساسي من شروط الزواج بأكثر من واحدة. ويحق كذلك لمن يملك المال الوفير رجالاً كانوا أم نساء ( ما ملكت أيمانهم ) , أن يستخدموا بالأجر المدفوع نقدا , لأي عدد ممكن من المُستخدمين ( خدم أو خادمات , مزارعين ومزارعات ، طباخين وطباخات , سائقين للسيارات وسائقات ... وغيرهم) بحسب قدرتهم المالية ( ما ملكت أيمانهم ) , ولا يحق لهم أن يستعبدوهم أو أن ينكحوهم أو أن يُزنى بهم ( ملك اليمين ).[c1]--------------------------------* كاتب وباحث إسلامي يمني .[/c]
|
مقالات
مفهوم ( ملك ) اليمين من القرآن الكريم
أخبار متعلقة