نبض القلم
الحسد : هو تمني زوال النعمة عن صاحبها ، سواءً كانت نعمة دين أومنعمة دنيا، قال تعالى : (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) - النساء (54). والحسد غير الغبطة: وهي أن تحب لنفسك من الخير مثل ما أعطاه الله غيرك من الناس. والحسد رذيلة مذمومة ، وقد جاء ذم الحسد على لسان كل نبي وحكيم، وقد استعاذ بالله من الحسد كل رشيد وحليم، وعوذ الله منه نبيه محمداً رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وشتم به أهل الكتاب الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله، وقد وقع الشيطان في سخط الله وغضبه ، فرجمه الله بلعنته ،لاالشيء إلا لأنه حسد آدم ، ولذا فالحسد هو أول معصية عصي الله بها من قبل إبليس في السماء، وهو أول معصية عصي الله بها في الأرض من قبل قابيل ابن آدم حين حسد أخاه هابيل، الذي استكثر عليه النعمة وحسده عليها، حتى قتله فأصبح من النادمين. وفي الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب) ، وفي حديث آخر قال (صلى الله عليه وسلم): “ دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء “. ومن الأقوال المأثورة: (الحسود لايسود ولا يمكن أن يبلغ المقصود) و (لله در الحسد ما أعدله ، يبدأ بصاحبه فيقتله). وفي الحديث الشريف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن لنعم الله أعداء، قيل ومن هم ؟ قال : الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ). وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ستة يدخلون النار قبل الحساب بسنة ، قيل : من هم يا رسول الله؟ قال: الأمراء بالجور، والعرب بالعصبية، والدهاقين بالتكبر، والتجار بالخيانة وأهل الرستاق بالجهالة، والعلماء بالحسد ). والحاسد مريض نفسياً، يظل دائماً مغموماً ، وقلبه لا يستريح، ونفسه لاتطمئن ، وثائرته لاتسكن ، ومصيبته لايؤجر عليها، وعمله لايرضى به أحد ، ولايقره عليه إلا خبيث مثله، ويكون ربة ساخطاً عليه، ويكرهه الناس ويتباعدون عنه ويعرضون عن مساعدته. والمحسود يبقى كارهاً لحاسده، وحاقداً عليه ، فتراه إما ساخراً به ، وضاحكاً عليه، وعالماً بما يقاسيه الحاسد، وما يعانيه من سوء نية وخبث طوية، فيفعل الحسد برأس الحاسد ما تفعله الخمر برأس شاربها. ولاعجب أن ترى الحاسد دائماً كئيباً حزيناً ، معارضاً لقضاء الله وقدره، متذمرا دوماً ، ولايرضى بما كتب الله له، لايسعى إلى الخير، وهو لذلك شخص سيئ الخلق، لو قدر على الشر لسلب نعمة أخيه، ولفعل ذلك دون استحياء ، ولذلك يجعله الله فقيراً بعد الغنى ، وجاهلاً بعد العلم، وذليلاً بعد الغنى ، وبذا يكون الله قد عجل العقوبة للحاسد في الدنيا ، وفي الحديث القدسي: (الحاسد عدو لنعمتي، متسخط لقضائي، غير راض بقسمتي التي قسمت بين عبادي). [c1]ولله در القائل : سلم لربك يا حسود ولا تكن فيما يريد الله بالمتعرض فالرزق مقسوم وما من مؤسر أو معسر إلا بأمر قد قضيواعلم بأن الله عدل حكمه سيان إن غضب الحسود وإن رضي[c1]والحسد من بضاعة الشيطان ، ولذا لايكون إلا في الأشخاص القليلي الإيمان ، كما لايكون إلا في قليلي الإرادة أو ضعيفي الهمم، ممن يتركون الاكتساب وطلب العلم، فيصبحون عالة على غيرهم، فبعض هؤلاء الكسالى أو المحبطين لايهنأ لهم بال عندما يرون الناجحين من زملائهم في العمل أو رفاقهم في الحياة. واشد مايكون الحسد بين أهل المهنة الواحدة أو الصنعة الواحدة، أو الشرف المتماثل، أو البيوت المتجاورة، ولكن الحسد لايسكن إلا في القلوب الخبيثة، ولا ينبت إلا في النفوس الضعيفة المريضة نفسياً ومن الأسباب الداعية للحسد خبث النفس وشحها بالخير لعباد الله، حيث نجد أن بعض الناس إذا ذكر عندهم إنسان بالخير يشق عليه ذلك ويؤلمه ، وإذا وصف بشر وذكر بسوء فرح بذلك ، فهو بذلك يكره الخير للناس ويتألم إذا أصاب الخير غيره ، لأنه يحب لهم الشر والأذى كأنهم يأخذون الخير من بيته أو من خزانته ، وقد نهى الرسول (صلى الله عليه وسلم) عن الحسد نهياً قاطعاً فقال: (لا تحاسدوا، ولا تقاطعوا ، ولا تدبروا، ولا تباغضوا ، وكونوا عباد الله إخواناً).