هذه الالتفاتات التكريمية السخية اثارت بسريتها الكثير من التساؤلات والتوجسات وعلامات الاستفهام المريبة حقاً ولأسباب منطقية، وهي: ما هو التكريم؟ وما القصد والأهداف المتوخاة منه؟ وعلى أي أساس يتم ولاسيما أن معالم التكريم هو العلنية والاشهار والتباهي الجمعي الاحتفائي بالمنتوجات الابداعية التي اجترحها المحتفى به أي المكرم، والذي يتم اختياره مكرماً وفقاً لمقاييس لا غبار عليها، وان لا يتم بسرية وسط الغرف المغلقة أو خلف الكواليس لا من شاف ولا من درى .. اصه .. اصه استر ما ستر الله.
لا ندري ما دواعي سرية التستر هذه وما خلف الأكمة، وبالذات ما يتم من خلف آذان وأعين وأقلام أجهزة ومؤسسات الاعلام والاعلاميين، والأكثر إيلاماً ما يشاع وبشكل واسع هو ان كل من حظوا بنعمة التكريم هذه هم فعلاً شعراء وأدباء لهم باعهم، وان جلهم - ان لم نقل جميعهم- من أبناء حافة أو لنقل حارة المقاول القائم على اختيار المكرمين وتوزيع المكارم عليهم بسرية تامة من خلال ذهابه إلى منازلهم أو في جلسة قات مغلقة. فيا ترى أي تكريم هذا؟ انه فعل مغشوش حقاً فيه أنات وليس أنة واحدة.
أقولها صراحة، كل المكرمين - وهم قلة حتى الآن- من مديريتي الشيخ عثمان والمنصورة مسقط رأس المقاول التكريمي، وكأن الأمر لا يعدو ان يكون سوى مجاراة للمثل القائل: (كل الناس ماتوا .. بقى الضبي وابنه) واخشى أن يضاف شرط أساس لا يمكن ان يتزحزح عنه وهو على المكرم ان يحضر شهادة ميلاد ـ مخلقة ـ تؤكد انه من مواليد الشيخ عثمان أو المنصورة مع اثنين شهود معتبرين.
أمر كهذا يذكرني بانشغال الناس في مرحلتي الخمسينيات والستينيات حول من هو الفنان الصح أحمد قاسم وإلا المرشدي، وكان كل أبناء كريتر يصرون أن أحمد قاسم هو الفنان الصح ولا أحد سواه، وأبناء الشيخ يصرون ان المرشدي هو الفنان الوحيد ولا في غيره.
وبهذا انشغل أبناء مستعمرة عدن آنذاك بحكاية المرشد وبن قاسم وهات يا مناجمة وهات يا ملاطمة وملباجة بالبواكبر وهات يامدراجة هبيس.
افهموها تماماً يا عباد الله .. التكريم للمبدعين من اسمى أفعال الوفاء، وهو فعل انساني حضري عارٍ من الكلوسة ويتم على الأضواء الساطعة والمسلطة من الإعلام المرئي والمقروء والمسموع، ويحضره كل متعاطي الابداع وكبار الشخصيات المرموقة وعلى عينك يا حاسد وليس (سُكّيتي).
ويا عيباه
