يقول بلينكين أن إدارته تحديدا «على إطلاق 600 مليار دولار من رأس المال الخاص لتمويل مشاريع عالية الجودة وصديقة للبيئة وتمكين المجتمعات التي تُبنى فيها. وبالفعل، تعمل الولايات المتحدة على تنسيق الاستثمارات في السكك الحديدية والموانئ لربط المراكز الاقتصادية في الفلبين وتعزيز الاستثمار في البلاد. وهي تقوم بسلسلة من الاستثمارات في البنية التحتية في شريط من التنمية يعبر أفريقيا - يربط ميناء لوبيتو في أنجولا بجمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا ويربط في نهاية المطاف المحيطين الأطلسي والهندي - مما سيخلق فرصًا للمجتمعات في جميع أنحاء المنطقة مع دعم إمدادات المعادن الحيوية الحاسمة لقيادة انتقال الطاقة النظيفة». مع أن الحقائق التاريخية من المكسيك إلى الفلبين إلى أفريقيا ككل تؤكد باستمرار أن الولايات المتحد لا يمكن أن تعمل عكس ما تعودت عليه، وحتى عند القول إنها تعمل «مع الشركاء لبناء وتوسيع البنية الأساسية الرقمية حتى لا تضطر البلدان إلى التخلي عن أمنها وخصوصيتها للحصول على اتصالات إنترنت عالية السرعة وبأسعار معقولة»، فإن ذلك لا يخرج مطلقا عن نطاق العمل الحثيث لتعزيز قدراتها الاستخبارية لضمان حماية تنافسيتها التي جئنا على ذكرها من سابق.
وإذا كانت أغلب العمليات العسكرية الأمريكية ضد الدول الأخرى ونظام العقوبات التي تفرضه على بعض الدول والأطراف بصرف النظر عن الحزب المهيمن تتم خارج اطر الهيئات الدولية، فلابد حينها من تمليحها بـأكثر الأكاذيب مدعاة للسخرية التي تقول: إن إدارة بايدن سعت « إلى جعل المؤسسات الدولية أكثر شمولاً. وبقدر ما قد تكون الأمم المتحدة وغيرها من الهيئات المماثلة غير كاملة، فلا يوجد بديل لشرعيتها وقدراتها. والمشاركة فيها وإصلاحها هي واحدة من أفضل السبل لدعم النظام الدولي ضد الجهود الرامية إلى هدمه»،
وأخيرا، ربما أن الحقيقة الوحيدة والمقنعة في مقال بلينكين هي «أنه على الرغم من أن الحزب الحاكم في واشنطن يمكن أن يتغير، فإن ركائز السياسة الخارجية الأميركية لن تتغير»، وكلنا يدرك تمام الإدراك هذه الحقيقة وبالتالي فإن التعويل على تغيير بنيوي فعال في السياسة الأمريكية حيال قضية فلسطين وقضايا الدول النامية والطاقة والتسلح لا يمكن أن تختلف مهما حاولنا تحليل المواقف المتناقضة.
الجوهر الانتخابي لمقاله يلخصه بلينكين في ختام مقاله هكذا «إذا كانت أميركا تريد حماية أمنها وخلق الفرص لشعبها، فيجب أن تقف إلى جانب أولئك الذين لديهم مصلحة في عالم حر ومنفتح وآمن ومزدهر وأن تتصدى لأولئك الذين يهددون هذا العالم». إذن، لا يوجد أي توهم بأن أمريكا يمكن أن تعارض تقاليدها الراسخة في السياسة الدولية والقائمة على العقلية الاستعمارية التي تشكلت عقب الاستقلال عن رديفتها بريطانيا، فكل دولة تريد سلوك مسار متحرر ومغاير عن المسار الأمريكي تشكل بالضرورة تحديا لأمنها القومي.
هوامش:
* في نوفمبر 1985، كشف عن وجود تعاملات خلف الكواليس بين واشنطن وطهران منذ منتصف العام. أصبحت هذه القصة تعرف باسم «إيران جيت» «Irangate». وشملت زيارة قام بها مستشار الأمن القومي السابق روبرت ماكفارلين إلى طهران، وشحن كميات من الأسلحة عبر إسرائيل بشكل مباشر إلى إيران. بهذا الخصوص انظر:
https://www.independentarabia.com/node/548221/**
https://www.maannews.net/news/2124041.html