وقد تأسس عام 1900 كلجنة لتمثيل العمال، ومنذ عام 1906 سمي حزب "العمال". في 1918، تم اعتماد ميثاق الحزب ووثيقته السياسية. وكان عضوا فعالا في أحزاب الاشتراكية الدولية، ويبلغ أعضاؤه حاليا 415000، ويعتبر الأكثر عددا بين الأحزاب الأوروبية. ومنذ 2022 أصبح عضو التحالف التقدمي. وقد شكل الحكومة لأول مرة عام 1924، ولكن حزب المحافظين هو الأكثر تشكيلا لها خلال المائة عام الماضية.
الآن يصنف "حزب العمال" كحزب ليبرالي من أحزاب يسار الوسط. أطلق على الحزب اسم "الاشتراكي" ثم "الاشتراكي الديمقراطي". وفيه مجموعة متنوعة من الاتجاهات اليسارية بدءًا من الاتجاه الاشتراكي القوي (اليسار المتشدد) إلى الاتجاه الاشتراكي الديمقراطي الأكثر اعتدالًا، وفي السنوات الأخيرة أصبح مؤيدا للسوق بشكل متزايد بأيديولوجية رأسمالية. وبسبب التناقض والتنوع تعرض لانتقادات شديدة دورية من قبل المعلقين والمؤرخين اليساريين، الذين قالوا: " إن الحزب ليس اشتراكيًا على الإطلاق، ولكنه بدلاً من ذلك يتبنى مواقف مناهضة للاشتراكية مثل الرأسمالية" وقد وصف بأنه "حزب العمال الرأسمالي"، خاصة وقد تخلى عن أهم المبادئ التي بني عليها (الملكية العامة والرعاية الاجتماعية وحقوق العمال والرعاية الصحية والتعليم المجاني).
منذ الثمانينيات اعتمد الحزب سياسات السوق الليبرالية كقاعدة، مما دفع العديد من المعلقين إلى وصف حزب العمال بأنه وسطي بالفعل.
تم "تحديث" الحزب خلال عهد توني بلير وخلفائه من بعده حيث توقف عن ذكر الاشتراكية كهدف للحزب منذ عام 1992. ومع ذلك، يعتقد منتقدو أيديولوجية الحزب أن الحزب، على الرغم من اسمه، لا يعبر على الإطلاق عن مصالح الطبقة العاملة.
يأتي دعم العمال في الغالب من المنطقة الصناعية الشمالية الغربية، حيث بدأت الثورة الصناعية. ويحتفظ بأغلبية المقاعد في جمعية مدينة لندن. والمناطق الرئيسية لدعم حزب العمال في لندن هي إيست إند، ولامبيث، وساوثوارك، والجزء الغربي من المدينة حيث يقطن الكثير من المهاجرين، والجزء الشمالي، ومنطقة باركينج وداجنهام.
في 2017 تعرض الحزب لانتكاسة ملحوظة لأنه لم يتمكن من بناء موقف متماسك من الاتحاد الأوروبي وطبيعة العلاقات الاقتصادية المستقبلية معه بعد استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وفي بداية عام 2019، شكل بعض أعضاء الحزب فصيلًا مستقلاً منفصلاً في البرلمان. وشهدت انتخابات 2019 خسارة الحزب لعدد من الدوائر الانتخابية في إنجلترا. ووفقاً لاستراتيجية الحزب التي تم تسريبها للصحافة عام 2021، فقد خطط لاستعادة ثقة الناخبين المحبطين من خلال تغيير جذري لعلامته التجارية (التخطيط للتركيز على الوطنية).
في الانتخابات التقط حزب المحافظين مزاج الناخبين المتعاطف مع الشعب الفلسطيني والمناهض للحرب على غزة ليوظفها في حملته الانتخابية. وبالفعل فقد أثر الموقف مما يجري في الأراضي الفلسطينية على النتائج النهائية، وحقق المرشحون المؤيدون لفلسطين نتائج لافتة.
وتناسقا مع حركة الشارع ومزاجه طالب وزير الخارجية الجديد ديفيد لامي بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، بينما كان سلفه ديفيد كاميرون معارضا شرسا لإيقاف الحرب. وكان كير ستارمر رئيس حزب العمال قد وعد عشية الانتخابات بالاعتراف بدولة فلسطين إذا ما فاز حزبه في الانتخابات وتولى رئاسة الحكومة. يرى المراقبون أن العمال لم يحقق الفوز الساحق في الانتخابات بل أن شعبيته في الحقيقة قد تراجعت، أما المحافظون فسقطوا سقوطا مدويا. ويعيد مراقبون هذا التراجع إلى موقف ستارمر السابق المؤيد لحصار غزة وتصويت نواب الحزب لصالح رفض إيقاف الحرب على غزة.
لكن الجزم أن نتائج الانتخابات البريطانية لعام 2024، شكلت فوزا لفلسطين بناء على فوز المتعاطفين مع القضية الفلسطينية خاصة جيرمي كوبن زعيم حزب العمال السابق، أو فوز آخرين أيضا لا يستقيم أصلا مع تاريخ الحزب نفسه. فحزب العمال شكل أول حكومة له في عام 1924، أي في ذروة تنفيذ قرار الانتداب وساهم بصورة كبيرة في تمكين الحركة الصهيونية من السيطرة على الأرض وإمدادها بكل الإمكانيات، وكان على رأس الحكومة البريطانية خلال الفترة (1945 - 1955)، وتصرف وفقا لما أملته عليه الدوائر الصهيونية في إقامة دولة إسرائيل على حساب الحق الفلسطيني.
برأينا أن حزب العمال نسق حملته الانتخابية وفقا للمزاج العام للناخبين البريطانيين وليس وفقا لمقتضيات ما يجري على الأراضي الفلسطينية أو انحيازا للحق والأخلاق ومبادئ الحرية والعدالة. وبالتالي فإن الوعود الانتخابية لن تتحول بالضرورة إلى واقع ملموس. ولكن وحتى لا نُتهم بالتشاؤم سننتظر الفترة القياسية للحكم على تلك الوعود، وهي المدة التي حددها الخبراء بمائة يوم.