لم أجد حولي ملمحا ما يبعث على الارتياح والاطمئنان له صلة ولو ضئيلة جداً بوجود، وحياة وعيش، وفعل العامل اليمني لاتخذ منه مدخلاً افتتح به حديثي هذا، بشيء من الفخر والاعتزاز في إطار احتفال الدنيا باليوم العالمي لعيد العمال الأول من مايو، غير دلائل وبراهين جميعها يورث في نفس وضمير المطلع عليها الغبن والأسى واليأس نتيجة لحجم وعمق التراجع والالغاء والغياب والتغييب الذي حاق ويحيق بالقوى العاملة اليمنية افرادا وجماعات ونقابات خصوصا في الثلاثة والعشرين عاما الأخيرة التي شهدت فيها أوضاعه انهيارات وانحدارات الى ما دون درجة الصفر قياسا بما كان لها من حضور ودور ريادي ومتقدم في صناعة فجر الثورتين سبتمبر وأكتوبر وفي مواصلة التضحيات للدفاع عنهما ومنافحة نوازع الارتداد عن المبادئ والاهداف والقيم التي قامت عليها ونادت بها كالوحدة اليمنية والديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة والتنمية أكان في شمال الوطن اليمني الذي ذهب نظام الحكم القبلي المذهبي الرجعي المصاب بالتوحد والقائم على مبادئ الاستبداد والنهب والاستقواء، إلى رفض دور ومكانة الطبقة العاملة ومناصبتها العداء مكفرا اياها غير معترف بها تارة وفي محاولة ضربها واحتوائها تارة أخرى، وملاحقتها وتصفيتها تارات أخرى.. أو في جنوب الوطن اليمني الذي لم تكن تركيبة الجبهة القومية والحزب الاشتراكي اليمني لتمكنه من الإيمان بحق مكانة ودور الطبقة العاملة إلا في حدود الجانب النظري الايديولوجي الذي ظلت صلته به هو الآخر تمتاز بالتذبذب والضعف والبرجماتية لخلق وخوض صراعات ومواجهات غير قادر على حسمها والخروج منها، والتي ما أن فر مفزوعاً منها الى التوقيع على الوحدة، حتى كان أول من يتخلى عن الطبقة العاملة مشاركا في خصخصتها وافقارها وضربها والحاقها بسوق البطالة والعوز غير معترض على اضعاف صوتها وتغييب دورها لصالح مفاهيم ومطالبات اقتصرت ومازالت على التقاسم والشراكة والتوافق وعلى حساب لا تغيب العامل اليمني وانما قيام دولة القانون والنظام والعدالة والاستقر.