وثيقة مخرجات الحوار كان البعض يتشاءم منها أكثر من تطير ابن الرومي الشاعر العباسي المشهور بالتطير، كونها حملت في أحشائها متواليات تطويرية تحديثية ..لا عهد لليمنيين بها، ولر بما صارت سابقة لزمانها.. في المجتمعات التي لا ترحب بالجديد بسهولة خوفاً مما تتوهمه من ضبابية المستقبل، واحتمالية التفكك وانفراط حبات العقد الثمين استناداً إلى بعض المعطيات السالبة التي ترافق أية إجراءات في تغيير طفيف في هيئة أو شكل الحكم مع الحفاظ على الثابت، والتاريخ تتجه بوصلته إلى الأمام، ولا يلتفت إلى الخلف إلا لأخذ العبرة و لذلك ثمة محاولات لإحداث جلبة وضجيج لخلط أوراق واختلاق نزاعات عسكرية لصرف الأنظار عن الاستمرار في تطبيق المخرجات. لكن هادي الربان الهادئ أحسن امتصاص الصدمة، وقبض على تلابيب اللحظة التاريخية التي لن تتكرر فبدأ بالخروج من الإطار النظري العام إلى رحابة الفعل الواقعي الخاص والحساس، فكل واحدٍ يريد أن يعرف أين مكانه في الخريطة؟
لهذا جاءت قرارات المشير بتحديد الأقاليم الستة ومحافظاتها وعواصمها مع بقاء أمانة العاصمة كمركز أو عاصمة للدولة الاتحادية.. جريئة وقوية وراسمة لخريطة ليست ككل الخرائط ولطريقة حكم تختلف تماماً عن كل الطرائق التي سلكها اليمنيون ووجدوا أنفسهم في مخانق ومزالق أفضت إلى أكوام حرائق. ونجد أن تقسيم وتحديد الأقاليم راعى خصائص التقارب الجغرافي والسكاني والثقافي والاجتماعي وأبرق بإشارات الأمل إلى أن الأقاليم تحد من الهيمنة المركزية وتمنح الإقليم صلاحيات وامتيازات كثيرة ونصيباً مقنعاً من الثروة مع الشراكة في السلطة، ووقتها سيندم الرافضون أو المترددون، وهم معذورون إلا أن من الواجب أن نذكرهم بأن قرارات فخامة المشير هادي رئيس الجمهورية هي إحدى أبرز نتائج ونواتج التجربة اليمنية في الحوار الذي جنب البلد الدمار والتي ستسجل كأسلوب أمثل أو طريقة فضلى في معالجة الأزمات على مستوى العالم في مجال فض وحل النزاعات.
إيماءة
استرعى انتباهي أن الرقم ستة يتداخل في الخصوصية اليمنية كثيراً، مثلاً عدد محافظات الجنوب ست (كما كانت)، وأهداف الثورة اليمنية ستة، وعدد رؤساء الجنوب والشمال من بداية الستينات إلى اليوم ستة.
آخر الكلام
دنوت تواضعاً، وعلوت مجداً
فشأناك انخفاض وارتفاع
كذاك الشمس تبعد أن تسامى
ويدنو الضوء منها والشعاع
البحتري