علي محمد راجح
الكل يتطلع إلى المخرجات النهائية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل التي ينبغي لها أن تكون نحو الحفاظ على المصالح والأمن القومي الاستراتيجي اليمني والشراكة في محاربة الفساد والعنف والإرهاب، وقد توافق واتفق الجميع على الكثير من القضايا الخلافية وما تبقى إلا القليل وهذا القليل مقدر بـ 10 % من مجمل قضايا الحوار وبالمقارنة بما تم الاتفاق والتوافق عليه من الناحية الكمية فهو قليل، ولكنه جوهر قضايا الخلاف بل هو الأساس في الخلاف الذي استدعت الضرورة الدعوة الى انعقاد مؤتمر للحوار الوطني الشامل بين فرقاء العملية والنظام السياسي وبمشاركة منظمات المجتمع المدني والشخصيات الاجتماعية من أجل خلق شراكة بين المكونات والتكوينات السياسية والاجتماعية لبحث ومناقشة مجمل قضايا الخلاف السياسي الفكري والاجتماعي في اليمن ووضع الصيغ المناسبة للخروج بحزمة من المخرجات الوطنية للحل التي تجنب البلاد والعباد المخاطر المحدقة والشرور الشيطانية المتربصة بهما وتجاوز المشكلات والمعضلات التي تهدد مقومات الدولة بالانهيار في حال تمترس البعض في هذا الطرف أو ذاك خلف نفوذ القوة والمال ونشر المليشيات المسلحة وتوزيع السلاح وشراء الذمم والولاءات لأعمال البلطجة والعنف والإرهاب وإزهاق الأرواح البريئة وسفك الدماء في الشوارع والطرقات والميادين والساحات العامة، وخلق حالة من الخوف والقلق لبقاء الاوضاع في حالة من التوتر والانفلات.
إن ما تبقى من مخرجات الحوار الوطني المحدد بـ 10 % وهي الأهم بحاجة إلى طمأنة الناس بكل شفافية ومصداقية بحقيقة الوضع الذي نحن عليه وصدق المشاعر تجاه معاناة الوطن والمواطن والنوايا الحسنة لتصحيح السلوكيات والممارسات والسعي الصادق نحو محاربة الفساد والفاسدين واستعادة الحقوق والحفاظ على الكرامات الإنسانية وتحقيق العدل والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية وتطبيق مبدأ سيادة القانون، وان اخذنا بعين الاعتبار الانطلاقات الصحيحة والمشجعة التي تابعناها من قاعة مؤتمر الحوار الوطني والمساحة الواسعة التي اعطيت لاعضاء وعضوات مؤتمر الحوار للتعبير وإبداء آرائهم حول الكثير من القضايا ومشاكل وهموم ومعاناة المواطنين في مختلف محافظات الجمهورية والتأكيد على ضرورة المعالجات في ظل انعقاد مؤتمر الحوار برزت بعض التناقضات والتباينات والاختلافات في وجهات النظر والآراء وهذا شيء صحي وجيد في الاتجاه الصحيح وهو ما ينبغي ان يكون سائداً في اطار النقد والتصحيح الذي تأتي فيه المصارحة لسرعة المراجعة والمصالحة وفي الوقت نفسه برزت أيضاً بعض الاختلالات والاعتداءات المسلحة واعمال التخريب الممنهج التي تمثلت في ضرب محطة مأرب الغازية لتوليد الطاقة الكهربائية وشبكات وابراج نقل الطاقة وهي من القضايا الأمنية التي كان ينبغي ان تستنهض قوى المؤسسات والأجهزة الأمنية للقيام بدورها الفاعل بتسخير امكانياتها المادية والبشرية من أجل ضبط القائمين بالاعمال التخريبية والجهات أو الأشخاص الذين يقفون خلفها وإحالتهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل وكما هو حال الاعتداء الإجرامي الغاشم الذي استهدف قتل الشابين ( أمان والخطيب) من عناصر (أفراد) معروفة ورغم المناشدات والوقفات الاحتجاجية في مؤتمر الحوار وتوجيهات رئيس الجمهورية رئيس مؤتمر الحوار الوطني لجهة الاختصاص بشأن سرعة ضبط الجناة وإحالتهم للقضاء إلا أن قوى النفوذ والقوة لا تزال تعيث في أرض اليمن فساداً وهو الأمر الذي يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك وجود روافع التعطيل والعرقلة لمساعي التغيير والنهوض لبناء اليمن الجديد وهذه نماذج بسيطة جاء ذكرها على سبيل المثال وليس الحصر فكيف الحديث عن أهم قضايا مؤتمر الحوار الوطني والمخرجات التي ينبغي لها أن تشكل حلاً عادلاً لحاضر ومستقبل اليمن من حيث الجوهر والقواعد الأساسية والانطلاق نحو التغيير المنشود والبناء الجديد لليمن الذي ينبغي أن يسوده الأمن والاستقرار والحرية والعدالة والمواطنة المتساوية وتطبيق مبدأ سيادة النظام والقانون في الوقت الذي فيه قتلة (أمان والخطيب) لا يزالون طلقاء بقانون القوة فعن أي تغيير ومخرجات ننتظر وقوى التخلف والظلم والاستبداد تهيمن على الساحة والمشهد السياسي اليمني؟
باعتقادي أن المراحل لا زالت طوالاً وعاد وجه الشمس عابساً مادام مثلث الخوف والظلم والفساد عابثاً في الأرض وموجوداً في الصدارة وبيده خيوط أو بعض خيوط اللعبة لما يسمى بالربيع اليمني الأمريكي الاخواني الذي ينفذ بالفوضى الخلاقة في سياق الشرق الأوسط الجديد.
إن الـ10 % من المخرجات المتبقية في منظومة نتائج مؤتمر الحوار هي الجزء الأساسي والمهم للحل الذي ينبغي أخذه في سياق المتغير الجديد لنهوض الوعي والإرادة الشعبية العربية في المنطقة التي فيها اليمن مكون أساسي وجزء مهم من منظومة المصالح والأمن القومي الاستراتيجي العالمية التي تمثل وحدة واحدة لمنظومة وحركة كونية متكاملة، الأمر الذي يستوجب أن نضع مصالح اليمن وأمنه القومي في المقدمة كشركاء فاعلين في منظومة النظام الدولي الجديد ومنطقة الشرق الأوسط لما لليمن من موقع حيوي سياسي مهم واستراتيجي عند وضع المخرجات وما تبقى من الحلول والمعالجات انطلاقاً من المسؤولية والواجب الوطني الذي تفرضه الضرورة بعيداً عما تريده القوى الصهيونية وحلفاؤها في اليمن ومنطقتنا العربية من مخطط الفوضى الخلاقة وربيعها الصهيو إمريكي.
والله من وراء القصد.