وها هو التاريخ يعيد إنتاج نفسه بطريقة مختلفة. فما أن نجحت ثورة 30 يونيو في إسقاط الرئيس السابق محمد مرسي حتى أسرع مسئولون تونسيون إلى إعلان أن الوضع في بلدهم مختلف. وأصبحت عبارة ( تونس ليست مصر) متداولة في خطابهم. وهم محقون في ذلك جزئيا. فقد حرصت حركة النهضة على بناء ائتلاف حكومي ضم حزبين أحدهما ليبرالي والثاني يساري, بخلاف جماعة الإخوان التي رفضت أي نوع من الشراكة حتى مع أحزاب الإسلام السياسي نفسها.
كما وافقت حركة النهضة علي تعديل الحكومة الائتلافية بعد أن تفاقمت الأزمة في بداية العام الجاري, وتخلت عن وزارات كان استحواذها عليها مستفزا للمعارضة. وهكذا يختلف الوضع في تونس عما كان عليه في مصر, ولكن ليس إلى المدى الذي يجعل قيادة حركة النهضة مطمئنة. فلم يحل الائتلاف الثلاثي دون هيمنة هذه الحركة على كثير من مفاصل الدولة واستحواذها على القرار النهائي في ظل مقاومة محدودة من شريكيها اللذين خسرا الكثير من رصيدها الشعبي لصالح قوى ليبرالية ويسارية أخرى تطالب ببناء شراكة وطنية حقيقية.
ولكن الأهم من دور هذه القوى هو غضب قطاعات متزايدة من الشباب وإقتداء بعضهم بما حدث في مصر وإعلانهم تأسيس حركة تمرد التي قال مؤسسها محمد بن نور إن شباب تونس يسير على خطى الشباب المصري.