كثيرًا ما تمنيت القفز داخل الشاشة لأصرخ في وجه أحد العرابين من «جوقة بروتوكولات الإخوان» حينما كان يبرر بضمير نائم كافة الممارسات الإجرامية لمعتصمى «إشارة رابعة»، من تعذيب وقتل وسحل واعتداءات على منشآت الدولة، بينما يرتدى «العرّاب» مسوح الحكماء، ليمارس تمييع قضية وطن يمر بمنعطف وجودي، ويسوغ للإخوان الذين اختاروا التصعيد لتركيع الدولة وتحدى الإرادة الشعبية.
نحّى صاحبنا ضميره جانبًا وارتدى «قناع الحكيم» وراح يلقننا دروسًا في الديمقراطية والقواعد المهنية للإعلام، وهنا أتحداه ومن يستضيفونه بإلحاح أن يمنحوا فرصة لشخصيات مناهضة لما يروجونه من دعاية سوداء.
يخوض عرّابو الجماعة و(الجزيرة) بإلحاح في الانقلاب والشرعية بمنطق «حديث الإفك»، متجاهلين الحشود المليونية التي نزلت يوم 30 يونيو، وبعده استجابة لنداء قائد الجيش، ويقفزون على حقيقة بسيطة مؤداها أن «الشرعية» مصدرها الشعب، وهى «وديعة» منحها قطاع من الشعب لـ«المعزول» وجماعته، وحينما تأكد للشعب فشله وفاشيته وتغوله على مفاصل الدولة، ناهيك عن التدهور الأمني والاقتصادي وتجذر الاستقطاب السياسي والاجتماعي، رأى ملايين المصريين أن «المعزول» غير أمين على تلك «الوديعة» الغالية، فقرروا سحبها ببساطة.
أما «فزّاعة الانقلاب» فلو كان الأمر كما يزعمون لتصرف السيسى وقادة الجيش كما فعل الضباط الأحرار عام 1952، وما كان هناك من يمنعهم من ذلك سوى أنهم بكل صدق لا يرغبون بالحكم، وإدراكهم أن زمن الانقلابات ولى، فقرروا الانحياز للإرادة الشعبية في 30 يونيو كما حدث في 25 يناير، ووضعوا «خريطة طريق» لمسار سياسي يفضي لبناء دولة القانون، هويتها وطنية مصرية، وتتشكل بقية مؤسسات الدولة في مواعيد محددة، مع إعادة هيكلة ما أفسده نظام حكم «المعزول» وجماعته.