من هنا نبدأ ولا بداية غير ذلك ودون أن نكون بشراً أسوياء نحترم أنفسنا ويحترمنا الآخرون فلن يسمع أحد لنا كلمة ولن يكون لنا وزن بين الأمم.
ونقطة البدء بالنسبة لنا في العالم العربي أن يشعر كل منا بالآخرين ، أي أن يدرك كل عربي في أي قطر عربي أنه أخ وصديق وحليف لكل عربي في أي قطر عربي ولا ينبغي أن ينطوي كل شعب على نفسه ويحاول حل مشكلته بعيداً عن الآخرين لا ينبغي أن يفرق بيننا اختلاف متوسط دخل الفرد في العالم وأعلى دخل له ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بالإيمان العميق بعروبتنا والتقليل من النزعة الوطنية والإقليمية والتعاون الحقيقي البناء لمختلف الشعوب والحكومات العربية بحيث يضم الشعور الأصيل بالعروبة كل شعوب المنطقة المجاورة لبلادنا وبقية الدول العربية الشقيقة ودول القرن الإفريقي بلا تمييز بين الشعب الفقير والشعب الغني والإيمان بأن فريضة الحج لم تفرض عبثاً وصور الحجاج وهم يطوفون بالكعبة متشابهين في ملابسهم وأدعيتهم وصلواتهم يجب أن يكون لها وقع في النفوس ومعنى في العقول وأثر في المشاعر والإيمان المشترك بالعقيدة.. ولن ينفعنا أحد سوى أنفسنا لا أمريكا ولا أوروبا ولا اليابان ولا أية دولة أخرى في أي من القارات الخمس.
نحن وحدنا القادرون على بناء أوطاننا والتصدي لهجمات ومؤامرات ومكائد الغير الطامعين فينا والساعين إلى الهيمنة علينا.
وقد يكون هذا الكلام معاداً ألف مرة ولكن لا بد من إعادته وتكراره ولو وصل العدد إلى مليون .. ولا بد من تربية أطفالنا على أساس هذه العقيدة ولا بد أن يكون إعلامنا ، صحافتنا وإذاعاتنا وقنواتنا الفضائية قادرة على النهوض بنا لا دفعنا إلى الوراء وإلى العبث والتخلف والانحلال ولن ينفعنا أن تكون لدينا مائة صحيفة يومية ومائة قناة فضائية ومائة محطة إذاعية.. الخ إن لم تكن هذه الوسائل الإعلامية جادة ومتقنة وصادقة وإيجابية فالعبرة ليست بالعدد ولكنها بالكيفية والمضمون بل إن زيادة العدد من المستوى الهابط لإعلامنا مؤداها مزيد من الضرر ومزيد من الانحلال وسوء الخلق والجنوح إلى الفساد والجريمة .
هذا الكلام يجب أن نكرره ونعيد ذكره مهما يكن ثقيلاً على السمع والنفس فنحن بحاجة إلى مطرقة تدق على رؤوسنا لنصحو ونفيق.
نقول هذا الكلام بحكم أننا في بلادنا اليمن لا نبحث عن معارك ولكننا بحكم تركيبنا وقيمنا وتقاليدنا الأصيلة نميل بطبعنا إلى قول كلمة حق بشأننا وبشأن بناء كل إنسان منا كبقية شعوب العالم.في يومنا يندر أن تجد قلباً مطمئنا . يندر أن تجد شخصاً راضياً عن يومه ومؤملاً خيرا في غده .. لقد صدمنا الإرهاب ولا شك ولكنه ليس مشكلتنا الوحيدة وهناك رغبة صادقة في إعادة النظر في كل شي ء بعد الانتهاء من مؤتمر الحوار الوطني الذي نأمل من قراراته كل خير لمعالجة قضايانا وهي ناشئة عن إحساس بأن أشياء كثيرة قد تجاوزها الزمن وأفرغها من أي مضمون.. نعم ليس الإرهاب مشكلتنا الوحيد ة فعلى سبيل المثال لا الحصر ما زال الوطن يئن من أمراض التعقيدات والعراقيل من البعض الذين فقدوا مصالحهم الشخصية!.
كما لا يزال الإصلاح السياسي والإصلاح الاقتصادي والأمني والمهني متعثراً من قبل البعض الذين لا يحبون الخير والصلاح لهذا الوطن مما يجعلني أتساءل هل نستطيع أن نتجاوز هذه العقبات والمشاكل و أن نحرر الاقتصاد بأيد تربت ونمت وازدهرت في الشمولية والقبلية الهوجاء... إلخ .. ونطالب باستثماره وتشجيعه في الوقت الذي ترتفع فيه الشكوى من عراقيل ما زالت قائمة في سبيل الاستثمار بالإضافة إلى بناء دولة حديثة مدنية ودستور جديد بدلاً عن الذي وضع لزمن مضى وعهد مضى أما زماننا الحاضر الجديد فلا دستور له .. نحن في حاجة إلى إعادة نظر في كل شيء، إلى قراءة الواقع قراءة صحيحة، إلى مواجهة الحقائق بشجاعة، إلى بناء سفينة تصلح لمواجهة أي طوفان .. وثمة بوادر تدعو للأمل فأقلام رصينة تحبذ التغيير وأخرى عن حوار ووساطة رشيدة هذه بشائر تسر نرجو لها التوفيق وإن تتسع لتشمل كل شيء، وأن تفسح المجال أمام المخلصين من أبناء هذا الوطن ليبدعوا نهضة حقيقية تجمع بين أسمى المبادئ الخالدة وأحدث أساليب العصر وصدقوني ( أن كل جديد وله لذة!!) وفهموا من لا يفهم.