وأهم ما فى أحداث 26 يوليو، هو القراءة السياسية الواعية لمعنى هذا التفويض.
يجب أن يفهم الجميع أن التفويض لمواجهة العنف والإرهاب.
رسالة الجماهير محددة وواضحة وهي رفض كاسح لكل من يتهدد أمن المجتمع ويخرج على حق التظاهر السلمي.
بناء عليه ليس مسموحاً قانونياً أو شعبياً أن يتم قطع طريق وليس مسموحاً بالاعتداء على منشآت حكومية أو قسم شرطة أو نقطة حراسة للجيش أو دور عبادة مسيحية.
وفي يقيني أن حكمة قيادة القوات المسلحة سوف تدرك بالضبط حدود استخدام هذا التفويض الشعبى ولن تذهب به قيد أنملة أبعد من مقاصده وأبعاده ولن تسيء استخدامه.
والساعات القليلة المقبلة شديدة الحساسية والخطورة وهي نقطة اختبار حقيقية لمدى استماع القوى الفاعلة فى الإخوان إلى صوت العقل.
وأخطر ما يمكن أن تقع فيه جماعة الإخوان الآن هو محاولة مناطحة التفويض الشعبي بالمزيد من الصدام الدموي والدفع بعشرات الآلاف من أنصارها البسطاء إلى الميادين والشوارع وتحويل البلاد إلى ساحة احتراب.
إنها لحظة هامة فى تاريخ مصر، حاولت فيها الجماهير أن تقول لا نريد أن تتعطل حياتنا وتتوقف أرزاقنا، ويتهدد أمننا بعد الآن.
إنها لحظة نادرة يمكن استغلالها بشكل إيجابي من أجل صياغة منظومة علاقات جديدة عاقلة وناضجة ووطنية بين جميع أطياف الحياة السياسية فى مصر.
هذه معركة لا منتصر نهائياً فيها، لأن حرمة الدماء، هى خط أحمر لا يمكن تعديه.
وسوف يثبت التاريخ أن الموقف الهستيري الذى اتخذته بعض قيادات الإخوان فى رابعة العدوية هو جريمة بكل المقاييس وهو إثم عظيم، لأنه دفع بآلاف الأبرياء إلى ساحة النيران لتحقيق أهداف شخصية ضيقة.
والأزمة الكبرى أنه فى ظل ذروة مثل هذه الأحداث، فإن المشاعر تشتعل وسخونة الحماس تزداد، وصوت العقل يتلاشى. إنها اللحظة التى يجب استغلالها لصياغة عقد جديد للتعايش بين تيارات الإسلام السياسي والشعب المصري على أسس من القبول بالدولة المدنية الوطنية العصرية من خلال تجربة سياسية ديمقراطية مكانها المؤسسات السياسية والأحزاب والبرلمان وليس قتال الشوارع والميادين.