لم تكن ثورة 30 يونيو ثورة فقط من أجل أهداف» الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية» كما كانت أهداف الثورة السابقة في 25 يناير، بل تميزت ثورة 30 يونيو برغم عظم وتفوق تظاهراتها، وإصرارها منذ البداية على إسقاط أخونة الدولة والرئيس المنتمي لعشيرته، ولكنها تتميز بأنها استعادت روح الثورة والدولة المصرية الحديثة التي أسسها محمد على الكبير قبل مائتي عام هي تاريخ النهضة العربية الحديثة كذلك.. غير مطالبة بإسقاط النظام ولكن رحيل رئيس لم يحترم النظام.. لتصح الدولة بالقانون وتتحقق أهداف الثورة بالكرامة!
وكما استعادت 30 يونيو أهداف 25 يناير، أهدافا وروحا والتحاما وشهداء، وقعوا يوم 30 يونيو، بيد مجموعات مسلحة مؤيدة للرئيس المخلوع، الذي أعلن في خطابه الأخير في 3 يوليو سنة 2013 الدماء منهجه للبقاء ورفض الرحيل، كما أنها ثورة استعادة الدولة للشعب ملتحمة به ومدافعة عن بقائها، بعد أن استمر نهج الرئيس المخلوع وأنصاره في إهانة مؤسساتها والسعي الدؤوب لهدمها ومحاصرة مؤسساتها وإهانتها، رغم ادعائه قبل انتخابه في جولة الإعادة أنه أتى لـ « إنقاذ الثورة» وأكد عديدا من المرات احترامه للقانون وللدستور وللمصالحة الوطنية بين المصريين فإذا بهم يقسمهم طوال عهده القصير، بين شعب وعشيرته، كما بقيت عشيرته بعد رحيله تنتصر لتسلطيته وسلطتها!
ولم يمتلك محمد مرسي المعزول غير «أخونة الدولة» رؤية لإدارة الدولة كما صرح آخر مستشاريه المستقيلين الأحد عشر في 23 أبريل سنة 2013، والمحسوب على التيار الإسلامي، محمد فؤاد جاب الله وفق منهج أخونة الدولة، شمولية جمع بها كل السلطات في يده ويد عشيرته، ولم يلتزم بالديمقراطية ولا ضوابطها ومبادئها التي أتت به وبها!
أتت ثورة 30 يونيو انفجارا وانطلاقا من هموم مختلف فئات الشعب المصري المتمردين على حكم الأخونة، خرجوا من كل صوب وحدب، من كل فئة ومهنة، وشارع وزقاق، دون تسييس أو مطلب غير الرفض لاستمرار مسار معوج وخطير ينهار بهم وبأحلامهم، خرجوا في مختلف أنحاء مصر مصرين على رحيل الرئيس المعزول، فكانت ثورتهم الشعبية الأكبر في تاريخ مصر والتظاهرات الأكبر في تاريخ العالم، وقد بلغت بها وسائل إعلام أجنبية ما يزيد عن ثلاثين مليون مواطن مصري، مطالبين برحيله، لأدائه التسلطية وغدره بالديمقراطية الشعبية التي أتت به بأغلبية قليلة عبر صناديق الانتخاب، وفيما يشبه الأمواج الشعبية الهادرة التي فاقت- بكل تأكيد- ما حصل عليه الرئيس المخلوع ومنافسه على السواء، في جولة الإعادة يوم 16 يونيو عام 2012.
وهو ما نجحت حركة تمرد- التي تلهم الآن حركات شبيهة في تونس والسودان وليبيا- في استنفاره، حيث لم يكن فقط الخلاف السياسي الحاد بين مرسي ومعارضيه السبب الرئيس في انطلاق أو انفجار هذه الثورة، ولكن كان لأدائه الكارثي، ولحكومته التي أجمعت كل فصائل المعارضة على ضرورة إقالتها، بما فيها حزب النور السلفي وحزب مصر القوية المحسوبين على التيار الإسلامي، اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، حيث تفاقمت كل هذه الأزمات في عهده بشكل واضح، كما اتجه للتغول على الدول وعلى مبدأ الفصل بين السلطات، فتم التغول على النظام القضائي ورفض أحكام القضاء، وتعطيل المحاكم وإهانة مؤسسات الجيش والشرطة، وفشلت كل جسور الحوار نتيجة العناد والإصرار والمباغتة معها جميعها..
السيسي بعد فرص ثلاث للرئيس المخلوع
كما حمى الجيش المصري الإرادة الشعبية ولم يتصادم معها أثناء ثورة 25 يناير، واحترم ذات الإرادة الشعبية، وسلم السلطة للرئيس المنتخب في 30 يونيو، وقبل إقالة رئيسه المشير طنطاوي ونائبه سامي عنان، في أغسطس سنة 2012 مركزا على بناء مؤسسته وضبطها وإعادتها لدوره في حفظ الأمن القومي، رغم الارتباكات عن اداء الرئاسة في مختلف ملفاته في سيناء وكذلك في سد النهضة- بعد إذاعة تهديدات المجتمعين بالرئاسة على الهواء- إلا أنه مع تفاقم الأزمة السياسية وروافدها الاقتصادية والاجتماعية والوطنية اضطر للعودة! لمحاولة الإصلاح وليس لمحاولة الانقلاب كما أصر على اتهامه مؤيدو الرئيس المخلوع وعشيرته بعد 30 يونيو الماضي، ورفض أن يكون يدا لغير الشعب المصري الذي ينتمي إليه أو سلاحا في يد سلطة تقمعه ولا ترى مطالبه المشروعة وتظاهراته! حتى استشعر الخطر في كل جوانب الأمن القومي المصري وسلمها الاجتماعي، واحتمال انهيار دولته كما صرح وزير الدفاع المصري في 29 يناير سنة 2012 من خوفه من انهيار الدولة المصرية.
أعطى المجلس الأعلى للقوات المسلحة ثلاث فرص للرئيس المخلوع محمد مرسي أضاعها جميعا، لمحاولة الحفاظ على الدولة المصرية والمجتمع المصري وإنهاء مشهد الاستقطاب الحاد ومشاهد السحل والقتل سوءا في محيط الاتحادية أو في مناطق أخرى، يمكن تحديد هذه الفرص فيما يلي:
الفرصة الأولى: بعد أزمة الإعلان الدستوري في 21نوفمبر:
دعى الجيش آواخر يناير لحوار يكون فيه وسيطا بين المعارضة والثورة، وبين الرئيس المخلوع والعشيرة التابع لها، قبلته مختلف القوى السياسية المصرية بينما رفضه المخلوع، عقب أزمة الإعلان الدستوري في 21 نوفمبر، والتي تفاقمت بشكل واضح لشهور بعدها، والذي حصن فيه المخلوع كل قراراته وحصن فيه كل تأسيسية الدستور الليلي ومجلس الشورى وعين نائبا عاما من طرفه دون أدنى اعتبار للنظام القضائي المصري، في مذبحة ثالثة للقضاء وصفت بأنها الأعظم في تاريخه منذ أن وضعت أسسه قبل قرن من الزمان.
الفرصة الثانية: أسبوع للحوار والمصالحة في 23 يونيو:
ولكن الجيش المصري أعطى لمرسي فرصة ثانية وللمعارضة أيضا للحوار في 23 يونيو الماضي، قبل انطلاق ثورة 30 يونيو من أجل الحوار والحفاظ على شرعية الشعب والثورة والدولة معا، قابلها حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان بالرفض كما رفضها الرئيس المخلوع بالرفض والتعالي بل والتجاهل في خطابه قبل الأخير.
الفرصة الثالثة: مهلة الـ 48 ساعة الأخيرة:
أعطى الجيش المصري فرصة ثالثة وأخيرة في 1 يوليو مع تفاقم الأوضاع وازدياد الغضب الشعبي ضد الرئيس المخلوع، انتهت يوم 4 يوليو بينما هو كان إصراره وارتجافه وخوفه واضحا، حين كرر وصف رئاسته بالشرعية 56 مرة في خطابه الأخير، وكأنه لا شرعية لشعب سئم عناده وتخبطه! والتي لم يستجب لها في خطابه الاخير مواصلا عناده وجماعته، وبدأت مصر مرحلة ما بعد 30 يونيو بخارطة انتقال جديدة، ليزول عهد مرسي في نفس ذكرى قسمه الرسمي والدستوري أمام الجمعية العامة لللمحكمة الدستورية العليا التي أعلنته لجنتها رئيسا، وواصل وعشيرته اتهاماته لها بالخيانة والتآمر والفساد وحاصرها أنصاره في 2 ديسمبر سنة 2012.
في 4 يوليو أعلن الفريق عبد الفتاح السيسي خارطة الطريق الانتقالية بعد ثورة 30 يونيو، وعصر ما بعد مرسي، وأعلنها معه كل من شيخ الأزهر- المرجعية الإسلامية- والبابا تاوضروس الثاني بطريرك الكنيسة المرقسية المصرية والمسيحيين الأرثوذكس في مصر، وفي حضور ممثلين لحملة تمرد وجبهة الانقاذ الوطني جسد هذه الثورة والمنظمين لها، وكذلك في وجود وجوه وتيارات محسوبة على التيار الإسلامي كحزب النور السلفي، مما أعطى دلالة قوية على توافقية الشعب واحترام الإرادة الشعبية وعدم الاقصاء والاستحواذ في مرحلة ما بعد الرئيس المخلوع محمد مرسي! كما تمت دعوة حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان للحوار ولكنهم رفضوا الحضور!
وقد التقى الرئيس الانتقالي عدلي منصور بمختلف القوى المعارضة والثورية، بما فيها الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح القيادي الاخواني السابق والمنشق عن جماعة الإخوان في أبريل سنة 2011 بعد إعلانه رغبته في الترشح للرئاسة، فأقالته الجماعة التي كانت تقول إنها تتجه للمشاركة لا المغالبة، وأنها لن ترشح رئيسا من أعضائها حينئذ! وقد هتف عبد المنعم أبو الفتوح في 25 يناير مع الثوار بأنه يسقط حكم المرشد، ولكن كانت مواقفه دائما مرتبكة وغير حاسمة كما هي توافقيته الأيدولوجية التي جعلت جميع أنصاره يختلفون على طرفي توافقيته! حيث يحضر الاعتدال والمحافظة في نفس الخطاب ونفس الممارسة، وتحضر الثورة ضد الإخوان كما يحضر احترامه وانتماؤه لهم!
مؤيدو الإخوان بين دعوى الديمقراطية وإعادة التسلطية:
كما كان متوقعا توجه أنصار الرئيس المخلوع محمد مرسي للتظاهر والاعتصام في ميدان رابعة العدوية بالقرب من مقره السابق، كما اعتادوا منذ أزمة نوفمبر سنة 2012 وتحديدا في شهرها الثاني في ديسمبر، واستمر اعتصامهم هناك في البداية حتى إعلان خارطة الطريق التي صاغتها القوى الوطنية وممثلو الطوائف المصرية وليس القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي منفردا، كما كانت الإعلانات الدستورية للرئيس المخلوع محمد مرسي، والتي رفضها أنصاره وجماعته والمتحالفون معها من بقايا الجماعات الجهادية بعد تهديدات للمتظاهرين بالسحق أعلنها طارق الزمر وعاصم عبد الماجد القياديان في الجماعة الإسلامية، وغيرهما من قيادات جماعة الإخوان المسلمين كمحمد البلتاجي وعصام العريان ومرشد الجماعة محمد بديع والداعية الفضائي الخطيب صفوت حجازي، ومن التحق بهم من السلفية الجهادية في بعض المناطق المصرية وخاصة في سيناء التي تنشط فيها مجموعات السلفية الجهادية منذ ثورة 25 يناير وحتى انتهاء حكم الرئيس المخلوع محمد مرسي، والتي اتجهت لتأييد محمد مرسي بقوة كشفا لرابط خفي بينهما بين هذه المجموعات وبين جماعة الإخوان ورئيسها، يمكن ربطها بربط قديم بين قيادات الاخوان في أوائل السبعينيات وجماعة الفنية العسكرية لصالح سرية، أو ربطها بالتحالف الإخواني الجهادي في غزة فترة من الوقت قبل وصول حماس للسلطة في غزة واستمرارها فيها حتى الآن، وكذلك يمكن ربطها بالتحالف الإسلامي السياسي الجهادي في الجزائر بعد تنحية جبهة الانقاذ من قبل الجيش هناك سنة 1989 ورغم انتهاء جبهة الانقاذ التي اتجهت للعنف من المشهد السياسي الجزائري التي استمر فيها الاخوان متحالفين مع السلطة الجديدة، ومشاركين في المسار السياسي بعد إقصائها رغم انشقاقها الأخير عام 2010 إلا أن هذا يوضح تطابق موقف الإخوان مع جماعات الإرهاب والتكفير المتحالفة معها.. !
اتضح هذا التوحه منذ أحداث الاتحادية في ديسمبر الماضي بعد الهجوم على المعتصمين العزل في محيطها والتهديد بالقتل واستخدام مرشد هذه الجماعة للغة «قتلانا وقتلاهم» وقد توالى ذلك بقوة في اللغة التكفيرية والاقصائية الدموية التي استخدمها أنصار الإخوان والرئيس المخلوع قبل 30 يونيو سواء من قيادات الإخوان أو الجهاديين المتحالفين معها على « الدم الدم.. الهدم الهدم» وتأكد في إطلاق بعضهم النار على المتظاهرين في عدد من المحافظات أثناءها، ثم التحرش بمؤسسات الدولة بما فيها الحرس الجمهوري ووزارة الدفاع، وهو ما يعيد للأذهان ما سبق أن مارسوه من محاولة محاصرتها وتعطيلها انفرادا بالشعب الثائر والمعارضة، في محاصرة المحكمة الدستورية العليا ومدينة الانتاج الإعلامي في نوفمبر وديسمبر سنة 2012 أو في محاصرة دار القضاء العالي في أبريل سنة 2013.
كشف المتحدث العسكري للقوات المسلحة عصر يوم 8 يوليو الحالي سنة 2013 عن تزييف الحقائق لدى جماعة الإخوان المسلمين، وأن تظاهراتهم التي تدعو منصاتها للعنف والمواجهة مع مختلف المصريين، شعبا وثوارا ودولة، من أجل إعادة الرئيس المخلوع غير الديمقراطي، وفبركة صور وفيديوهات من ضحايا الثورة السورية لتصويرها أنهم أطفال مصريون قتلوا أثناء الاعتصام أو المهاجمة لمقر الحرس الجمهوري!! وما يطلقونه من شائعات حول الانشقاق وحول التدخل الأمريكي القادم لإعادة رئيسهم أو شرعيتهم لسدة السلطة، وقد دأب القيادي في هذه الجماعة عصام العريان الذي طالب بالسلام مع إسرائيل وعودة اليهود لمصر سابقا وتكفير المصريين والدعوة لطردهم واعتبر نفسه ممثل المسيحيين في تأسيسية الدستور المصري يوم 29 نوفمبر سنة 2012 على دعوة حلفاء الإخوان من الأمريكان للتدخل، رغم إنكارهم للمواطنة والديمقراطية ولغتهم الدينية والأرثوذكسية الاقصائية لمخالفيهم! واستخدامهم الدموي والميثولوجي للشحن ضد العنف والتحرش بالمواطنين والدولة وقطع الطرق في آن واحد في الكثير من أنحاء مصر!
إن ما يحدث من تحولات في الخطاب والممارسة لعناصر جماعة الإخوان المسلمين، وتحالفهم مع الجهاديين واعتماد لغة القوة والاحتشاد والجهاد لعودة التسلطية للرئيس المخلوع المحبوس في نظرية المؤامرة وخطاب ديني أحادي وسياسي عشوائي متخبط وعنيد ولفوفي، قسم المصريين واستنفرهم ضد نفير الجماعة في 30 يونيو حتى أسقطه وأسقطها، أثبت بدرجة كبيرة عدم صدقية التوجه السياسي لدى جماعة الإخوان المسلمين وفقدانها لأي رؤية سياسية مدنية، وتحولها الجهادي الأخير، لتكشف الصور في سيدي جابر بالإسكندرية يوم 7 يوليو سنة 2013 وما تم نشره وبثه في العديد من وسائل الاعلام المصرية والعربية أن الجماعة التي التفت بثوب وقناع الضحية طويلا تمارس الإرهاب حقيقة كما كان اتهامها المشكوك فيها سابقا والناصع والمنتشر الآن!
ورغم ارتباكات حججها من التمسك احيانا بالصندوق الذي اسقط شرعيته من صوتوا فيه وأضعافهم، والتمسك بالديمقراطية لإعادة رئيس غير ديمقراطي، نجدهم يتوجهون لجماهيرهم المحشودة في ميدان رابعة العدوية وغيره، بحجة اقامة المشروع الإسلامي والاعتماد على الرؤيا والروايات غير الدقيقة، من إعلان أحدهم مقتل بشار الأسد الرئيس السوري من منصة ميدان النهضة في 1 ديسمبر سنة 2012 أو إعلان رؤية أحدهم في منامه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- طلب من محمد مرسي أن يؤمه في الصلاة أو أن جبريل رآه أحدهم في ميدان رابعة العدوية..
هي نفس الحالة التي انتابت جماعات العنف الجهادي والقاعدة وفروعها في وقت سابق.. تعيشها جماعة الإخوان المسلمين، التي تتحول للجهادية والعنف وإرهاب المخالفين، وكما لا يبالي عناصر القاعدة بالعمليات الانتحارية التي تميزت بها أو قتل من يظن خيانته أو تراجعه من عناصرها يبدو أن جماعة الإخوان المسلمين قد لا تمانع كما اعلن عنصر فيها لقناة (سي ان ان) الأمريكية في 4 يوليو بالتفجير والانتحار وقتل الأنصار أو خصومهم من الكفار! وتبقى المهمة الصعبة والمطلوبة أمام المجتمع الدولي والقوى الدولية والمحيطين العربي والإسلامي في مواجهة هذا التحول الجديد نحو الإرهاب في مسار جماعة الإخوان المسلمين وثبوت فشل دعوى الضحية بفضل وسائل الإعلام الحديث وكاميرات المراقبة، واستعداد أجهزة الدولة المصرية التي لا زال قضاؤها ينظر اتهامات موجهة للعديد من عناصرها بقنص المتظاهرين أو مهاجمة السجون أثناء ثورة 25 يناير ، وكانت العلاقة بينها وبين جماعات العنف الجهادي والإرهابي في سيناء- المرتبطة بالقاعدة وتنظيمات سلفية جهادية في غزة- محل اشتباه يثبت أنه تحالف أكيد بعد تصريحات محمد البلتاجي القيادي في جماعة الإخوان المسلمين يوم 8 يوليو- في فيديو منشور- أن شرط وقف العنف في سيناء هو اعادة الرئيس المعزول المنتمي لجماعة الإخوان محمد مرسي! رغم ان عمليات هذه الجماعات التي قتلت الجنود والضباط المصريين في رمضان/ أغسطس سنة 2012 وبعدها استمرت بل تضاعفت في عهده!
احتضار (الإخوان) بالعنف!
إن هذا التحول الجذري أو الصريح لجماعات العنف والإرهاب الديني من قبل هذه الجماعة، التي كانت توصف بالمعتدلة قبل الثورة وبعدها، يكشف أزمة الوعي التاريخي عندها حيث انتهت كل جماعات العنف الديني في أوطانها بدءا من جماعة الجهاد المصري التي أوقفت عملياتها في مصر سنة 1995 بحجة عدم القدرة، في بيان لأيمن الظواهري أميرها حينئذ، وزعيم القاعدة فيما بعد، كما تراجعت الجماعة الإسلامية كبرى الجماعات العنفية في مصر طوال التسعينيات والتي قتلت الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات سنة 1981 عن مراجعاتها، ويبدو أن جناح الصقور فيها يعود بها للجهادية متحالفا مع جماعة الإخوان المسلمين وتحولها الجديد، رغم انها قدمت سلسلة من 25 كتابا على الأقل في مراجعاتها وتصحيحها لمفاهيمها، وهو ما يمكمن أن نرصده كذلك في مراجعات الجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية سنة 2009 أو جماعة الجهاد المصرية أواخر عام 2007 و2008 عبر مراجعات الدكتور فضل عبد القادر بن عبد العزيز منظر القاعدة والجهاد عن العنف,. وغيرها كثير.. فالتاريخ يثبت ان العنف الجهادي يفشل وننتظر مراجعات اصحابه في النهاية!
صورة الضحية والحقيقة
كما أن هذ التوجه بخصوص الإخوان الذين لبسوا صورة الضحية طوال العهد الناصري والبعثي وبعدهما وواجهوا جماعة التكفير والهجرة المنشقة عنه في ستينيات القرن بمقولة «دعاة لا قضاة» وواجهوا بها الجماعات الجهادية طوال الثمانينيات والسبعينيات رغم اتهامات الربط، سيفشل فيما بعد الاتحاد الجديد والتوجه الجديد بين الإخوان والجهاديين والسلفيين الجهاديين، وهو نفس ما حدث في الحالة الجزائرية حين اندمجت جبهة الانقاذ في الجماعات المسلحة الأخرى، وانتهت سياسيا وقتل بعضها بعضا وانشق عنها المعتدلون في النهاية.. ليبقى الوطن اتساعا والمواطنون مساواة ومواطنة..