ما إن انتهى الأخ المتحذلق من حكايته، حتى ظن أنه بتلك الحكاية قد هزمني، ورأيت ابتسامة الارتياح على وجهه توحي بأنه اعتاد على أن يقص تلك الأقصوصة على كل من يهاجم مرسي، وأنه يحتفظ بها كـ «الضربة القاضية» التي ينهي بها أي نقاش لصالحه، وعرفت أنها «وصفة مجربة» يتبعها هو وإخوته ليقنعوا بها المعارضين، وأيقنت من أن تلك الأقصوصة صارت من أدبيات الجماعة الحديثة، التى يرددونها فى جلساتهم الخاصة ويحفظونها لتابعيهم وتابعي تابعيهم، فقلت للأخ المتحذلق: حكايتك هذه غاية فى الإحكام والإقناع، لكن للأسف لا تنطبق على حالنا، فمن صفات الميكانيكي الشاطر أن يجيد العمل تحت الضغوط، ولو كانت الدبدبة تعيق العمل فعلا لاستحق الميكانيكي المسمى بحسني مبارك وساما لا سجنا، وذلك لأن آخر سنتين فى حكمه اشتدت الاعتصامات والإضرابات، ومع ذلك ارتفع بمعدل النمو، وكذلك يستحق الميكانيكي المسمى بجمال عبدالناصر «نوبل فى الإصلاح» لأنه استطاع أن يرتفع بمعدل النمو ويحقق فائضا فى الميزانية بعد النكسة، ووقتها لم تكن الدبدبة بالأصابع ولا بالأيادي وإنما بالمدافع والقنابل.
حاول الأخ أن يرد على ما قلته قائلا: إن الأوضاع تغيرت وإنه فى زمن عبدالناصر ومبارك كان الإعلام معه، فقلت قد يكون معك حق فيما يخص عبدالناصر أما مبارك فلا، ومرسي لم يستلم البلد بعد تدمير البنية التحتية كما استلمها «ناصر» والفارق الوحيد بين مرسي وعبد الناصر أن الأول يقسم الشعب كل يوم أما الثاني فقد كان قادرا على توحيد الصف بخطبة واحدة، ثم قلت له: ولنفترض فعلا أن الدبدبة تعيق عن العمل والإصلاح، فهل خدع أحد مرسيا وقال له إنه سيستلم الحكم بلا «دبدبة» ألم يعلم مرسي أن تولي الحكم بعد ثورة وأن الشارع السياسي فى حالة غليان مستمر؟ ألم يقدم نفسه باعتباره القابض على مفاتيح النهضة والقادر على توحيد الصف؟ ولما رأيت «الأخ» صامتا قلت له: أتعرف أين تكمن المشكلة الحقيقية؟ فقال لى ملتقطا أنفاسه: أين؟ فقلت له في مرسي شخصيا، لأنه لا ميكانيكي ولا بيفهم في الميكانيكاً أصلا، هو فقط قدم نفسه، باعتباره ميكانيكى فصدقه الناس، وحينما تعطلت السيارة ظل يلف حولها يمينا ويسارا، وصار يفتح الكبوت ويغلقه دون أن يكتشف العيب، كما أني أستبعد أيضا أن يكون عالما بأصول القيادة، وأعتقد لو أن معجزة حدثت وسارت السيارة فعلا بقدرة قادر، فإنه سيصطدم بنا فى أول حائط. وهو ما لا نسمح به.